انتشار عيادات التجميل بات مشهدًا مألوفًا في شوارع العاصمة بغداد، فالبحث عن الجمال سواءً من النساء أو الرجال أصبح مطلبًا لا يقتصر على ضحايا التشوهات الناتجة عن التفجيرات التي تحصد الكثير من العراقيين، بل تعدّى الأمر إلى أولئك الذين باتوا يرغبون بتغيير قسمات وجوههم، أو في سبيل الحصول على شكل أكثر تناسقًا لأجسامهم رغبة منهم في التشبه بالمشاهير. هناء (35) عامًا، صاحبة صالون حلاقة للنساء في حي زيونة الراقي (شرق بغداد)، لا تخفي ولعها بإجراء الجراحات التجميلية، فكل يوم تراها ب «لوك» جديد، قائلة: «لا يهمني ما تتهامس به النسوة عندما يشاهدن التغييرات التي تطرأ على قسمات وجهي». وتضيف وقد بدا وجهها منتفخًا جراء عمليات التجميل التي حرصت على الذهاب إلى سوريا لإجرائها: «أذهب الى سوريا بين فترة وأخرى لإجراء آخر صيحات الموضة الخاصة بتجميل الوجه أو الجسد التي أرغب فيها والتي عادة ما تكون بكلفة أقل من نظيراتها التي تجرى داخل البلاد». هناء واحدة من النساء والفتيات اللواتي يرغبن وبشدة فى إجراء تغييرات على قسمات وجوههن، حتى وإن تكبّدن من جراء ذلك خسائر فى المال أو انزعاج الأهل جراء الولع الذي بات يسيطر على شريحة عريضة من النساء رغبة منهن بجذب أنظار أزواجهن أو الجنس الآخر. وعن آخر العمليات التي أجرتها، تقول «عملية شد للحاجب، وبعد مضي فترة أجريت جراحة لتصغير الأنف، وبعدها بستة أشهر ذهبت من أجل نفخ الشفاه»، وتؤكد بفرح: «أنوي الذهاب إلى لبنان لإجراء عمليات شفط الدهون بواسطة الليزر الذي لا يترك أثرًا أو ترهلًا على الجسم». رولا (19) عامًا، وهي طالبة جامعية، تشرح سبب لجوئها إلى عمليات التجميل بعد تردد «سئمت تهكّم أخي من اعوجاج أنفي الأمر الذي جعلني أطلب من والدي السماح لي بإجراء عملية تصغير له، وتؤكد ل(المدينة) «كانت هدية النجاح بالحصول على المعدل العالي الذي أهلني للدخول إلى كلية طب الأسنان هي عملية تصغير أنفي الذي بات أقراني يحسدونني عليه». وتضيف، وهي فرحة بأنفها الجديد «طلبت من الطبيب أن يكون شكل أنفي، شبيهًا لأنف نانسي عجرم، وكانت النتيجة أفضل مما طلبت» مشيرة إلى أنها لا تجد مانعًا من إجراء عمليات الجراحة التجميلية في حال اقتضت الحاجة لها، أما الغلو بها فإنه أمر مرفوض من جانبها ولا يمكن أن تقع بشِراكه، مثلما تقول. ولا يقتصر الإقبال على عمليات التجميل على الفتيات فحسب، فالرغبة في الحصول على شكل أجمل امتدت إلى الشبان الذين يسعون هم أيضًا إلى الحصول على مقاييس جمالية أكثر انسجامًا. أحمد علي، شاب في نهاية العشرينيات من عمره يمتلك محلًا لبيع أجهزة الهواتف النقالة واكسسواراتها، يعلق على هوس الشباب العراقي في اللجوء للجراحات التجميلية في الآونة الأخيرة، بالقول «هذه العمليات نوع من الترف والرفاهية.. ولا أجد حرجًا من الذهاب إلى طبيب التجميل من أجل الحصول على مسحة من الجمال الذي أرى بانه لا يقتصر على النساء فقط». وعن سبب لجوئه إلى عمليات التجميل، أجاب: «منذ دراستي الجامعية وأنا أرى بأن شعر رأسي بدأ يخف بدرجة أصابتني بالهلع من أن أصاب بالصلع سيما وان والدي وأخي الأكبر يعانيان من هذا الأمر.. لذا قررت الخضوع لعملية زرع شعر التي لم تنجح في بادئ الأمر ولكن العملية الثانية كللت بالنجاح». ولم يخف أحمد سبب لجوئه إلى إجراء هذه العملية، فيقول: «من أجل تحسين فرص اللقاء مع فتاة قد تكون شريكة حياتي»، كما أن أطباء التجميل، يبررون إقبال الشباب على عمليات التجميل ب «الانفتاح الحاصل في البلاد واطلاعهم على العالم الخارجي عبر مواقع الأنترنت والقنوات الفضائية التي باتت متاحة للجميع». ويقول نصير عيسى، اختصاصى جراحة التجميل في مستشفى الواسطي، ويمتلك عيادة جراحية بمنطقة حي أور (جنوب شرق) بغداد، بأن أكثر الشباب يرغبون في إجراء عمليات التجميل سيما فيما يتعلق بتجميل الأنف أو تكبير الثدي للنساء أو شفط الدهون، ويقول ل(المدينة): «إن الأمر تعدّى فئة الشباب، إلى الأكبر سنًا، فقبل أيام أجريت عملية شفط دهون لامرأة في الخمسين من العمر وكذلك الحال لأخرى في الأربعين من العمر أجريت لها عملية تصغير للأنف».ويضيف «هناك حالات تستوجب إجراء عملية التجميل كالتشوهات أو العيوب التي تحتاج إلى إصلاح سواءً في الوجه أو باقي الجسم، تقابلها حالات لا تستدعي إجراء العملية وعادة ما تكون رغبة لإحداث فرق أو بسبب إعجاب بشكل فنان معين يرغب المريض بأن يكون على شاكلته». وعن الدوافع التي تجعل زبائنه يلجأون إلى إجراء تداخلات جراحية، أجاب: هناك من يريد أن يكون شكل الأنف شبيهًا بالفنانة اللبنانية إليسا، أو الفنانة المصرية مي عز الدين، فغالبًا ما يجلب الراغب بإجراء العملية صورًا لفنانين يرغب أن يحصل على قسماتهم».