فاجأت منظمة إيتا الباسكية الإسبان مرة أخرى بتفخيخ سيارة بكمية تراوح بين 18 و20 كيلوغراماً من المتفجرات كانت سرقتها قبل ساعات من مدينة إسكوريال المجاورة لمدريد. ولم يسفر الاعتداء عن سقوط قتلى، في حين أصيب 43 شخصاً بجروح طفيفة ونقل حارس أمن إلى المستشفى لتلقي العلاج. كما اعتبرت الأضرار المادية محدودة واقتصرت على تدمير خمس سيارات وتحطم زجاج النوافذ في المباني المجاورة، ومن بينها معرض لسيارات أوبل. وعاد ذلك إلى وضع العبوة في مكان غير مناسب والتدخل السريع للشرطة بعدما تلقت إنذاراً مسبقاً عبر اتصال أجراه مجهول مع صحيفة"جارا"قبل 45 دقيقة من تنفيذ التفجير. إلا أن أبعاد التفجير هزت إسبانيا كلها، خصوصاً بلاد الباسك التي أصبحت تجد أن انتهاء"إيتا"بات ضرورة ملحة اليوم قبل الغد، في ظل استمرار توجيهها رسائلها السياسية بلغة السلاح، فيما تسيطر أجواء الحوار والتفاوض في علاقات مدريد مع القوميين الباسكيين المعتدلين والمتطرفين معاً منذ الخريف الماضي، وذلك في المجالات السياسية والأمنية معاً. وكانت الحكومة الاشتراكية قبلت منذ نحو أسبوعين إذْنَ مجلس النواب لفتح حوار مع الراديكاليين الباسك بمن فيهم"إيتا"بعد تخليهم عن أعمال العنف ونبذها للإرهاب وإدانتهم له ونزع سلاح المتشددين. ولعل التفجير الصغير الحالي الذي اعتبر الثاني هذا العام، شكل محاولة من"إيتا"للضغط على محاوري الحكومة وقضاتها، بعدما بادر هؤلاء إلى استدعاء آرنالدو أوتيغي وجون سالابارريا، النائبين السابقين في حزب"هيرري باتاسونا"، الذراع السياسية للمنظمة الباسكية المنحلة بقرار قضائي، للتحقيق معهما بتهمة الانتماء إلى عصابة إرهابية وتمويل"إيتا". وأيضاً، حصل الاعتداء بعد يومين من اعتقال الشرطة الفرنسية ثلاثة للاشتباه بأنهم أعضاء في"إيتا". ويمكن أن يحرج هذا الاعتداء بالتالي الاشتراكيين الذين دأبوا على التعبير عن حسن نيتهم في إيجاد حل لبلاد الباسك يجرى الاتفاق عليه مع الراديكاليين. الإفراج عن معتقل على صعيد آخر، أمرت المحكمة الوطنية بإخراج غصوب الأبرش غيلون أحد المتهمين الرئيسيين الثلاثة في محاكمة خلية"القاعدة"في البلاد والمستمرة منذ 22 نيسان أبريل، وذلك بكفالة قيمتها خمسين ألف يورو. واعتبرت المحكمة أن خطر فرار الأبرش الذي أثير في أعقاب توقيفه في 91 تشرين الثاني نوفمبر 2004 تراجع إلى حد كبير، مما يجعل الاحتجاز غير ضروري حالياً. واتهم القضاء الأبرش بالتآمر الفعلي في اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، وتصوير مبانٍ سياحية في الولاياتالمتحدة، خصوصاً برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، خلال رحلة له إلى هناك في آب أغسطس 1997، وتسليم نسخة من أشرطة الفيديو هذه إلى مسؤول ل"القاعدة"في إسبانيا. وهو يواجه عقوبة السجن 26 ألف عام، استناداً إلى طلب المدعي العام. وكان الأبرش، السوري الأصل والذي يقيم في إسبانيا منذ عشرين عاماً، دفع ببراءته خلال جلسة الاستماع في 72 نيسان أبريل الماضي. وقال إنه لم يسلم أفلامه إلى أحد أبداً. وأضاف في حينه:"صورت كل المواقع السياحية التي شاهدتها في رحلة اعتبرت بمثابة حلم بالنسبة إليّ"، علماً أن المحكمة عرضت ثلاثين دقيقة من مشاهد رديئة النوعية للأفلام التي صورها خلال زيارته إلى الولاياتالمتحدة. واعتبر المتخصص في شؤون الإرهاب الإسلامي في إسبانيا رافايل غوميز مينور من الوحدة المركزية للاستخبارات الخارجية خلال المحاكمة الاثنين الماضي، أن تسجيلات الفيديو التي قام بها المتهم"كانت لغاية سياحية على ما يبدو".