اذا كانت الحروب العسكرية في منطقة الخليج انتهت رسمياً على الاقل، إلا أن "حرباً" بيئية لا تزال دائرة في مياهه بين مئات الأجسام التي تسببت الحروب بغرقها، وبين حملة دولية متخصصة في انتشال الأجسام من قاع البحر". ويبدو أن الحملة بدأت تسجل"بعض الانتصارات"اذ تمكنت من انتشال 21 جسماً من قاع المنطقة الشمالية للخليج العربي، غرقت خلال الحرب العراقية - الايرانية وحرب تحرير الكويت. وأوضح مدير مركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية"ميماك"الربان عبد المنعم الجناحي ل"الحياة"ان"عدد السفن الغارقة في تلك المنطقة قدر بنحو 300 جسم هي عبارة عن حطام ناقلات وبوارج تموين وحفارات وصنادل وقوارب عسكرية وقاطرات جر وسفن بضائع وقوارب دورية الى جانب أجسام أخرى". وأشار الى ان بين هذه الحطام، ناقلات نفط مثل"عين زالة"و"الرميلة"اللتين لا تزال في عنابرهما زيوت ومخلفات نفطية وخام نفط، اضافة الى مواد معدنية ضارة يحتويها بعضها مثل الزئبق وعناصر ناتجة من تحلل محتويات السفن. وقال الجناحي إن"المهمة الدولية التي بدأت مطلع العام 2004 تهدف الى إزالة حطام السفن بطريقة بيئية سليمة وتقويم آثارها الناجمة عن عملية انتشال الأجسام الغارقة في المنطقة". وكان الاجتماع الثاني عشر للمجلس الوزاري للمنظمة الاقليمية لحماية البيئة البحرية"روبمي"، أقر تدشين حملة دولية لإزالة حطام السفن في المنطقة الشمالية للمنظمة التي تتخذ من دولة الكويت مقراً لها. وانبثقت عن اجتماع عقد في منتصف شباط فبراير 2004 لجنة أعضاؤها من دولة الكويت والجمهورية الاسلامية الايرانية والجمهورية العراقية وبرنامجي الأممالمتحدة"الإنمائي"و"ألبيئي"و"الوكالة الدولية للطاقة الذرية"و"روبمي"ومركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية"ميماك". ويعد الخليج العربي من أكثر بحار العالم تلوثاً، ويقدر خبراء بيئيون نسبة التلوث في مياهه بأكثر من 47 مرة من التلوث على مستوى بحار العالم. وتشكل عمليات إنتاج النفط البحري والناقلات نحو 77 في المئة من اسباب التلوث، الذي يقدر بمجمله العام بنحو 1.2 مليون برميل سنوياً، فيما تشكل الصناعات البتروكيماوية وموانئ التحميل وخطوط الانابيب والناقلات والتخلص من مياه حفظ التوازن الملوثة، النسبة المتبقية. وما يساعد على ارتفاع نسبة تلوث هذه البقعة من العالم، ضحالة مياهها، خصوصاً أنها منطقة مغلقة تتجدد مياهها مرة كل 25 عاماً، اضافة الى وجود أنابيب نفط وغاز ترقد في قاعه على امتداد آلاف الكيلومترات. وشهدت المنطقة كوارث بيئية عدة كان أبرزها تسرب أكثر من 10 ملايين برميل من النفط الكويتي مطلع التسعينات غطت مساحة 700 كيلومتر مربع من الخليج العربي، فضلاً عن احراق كميات من النفط الخام تقدر بنحو 67 مليون طن نتج منها مليوني طن من الكبريت تسببت بتصاعد خمسة آلاف طن يومياً من الدخان ما حجب أشعة الشمس أياماً ولوث الهواء وأثر في دورة بعض الكائنات البحرية.وبهدف الحد من تفاقم نسبة التلوث، عكفت الدول المطلة على الخليج العربي على اتخاذ خطوات جادة لحماية البيئة البحرية من خلال الانضمام إلى اتفاقات دولية تتعلق بهذا الشأن. وقال الربان جناحي ان"الدول الاعضاء في"روبمي"في صدد التوقيع على الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن والمعروفة ب"اتفاقية ماربول 83/67". واشار الى"إنشاء مرافق استقبال النفايات في موانئ الدول الأعضاء كشرط للانضمام إلى الاتفاقية التي يتم بموجبها اضفاء تسمية"منطقة خاصة"على المنطقة البحرية للمنظمة". وقال:"تمكنت سلطنة عمان بالتعاون مع"ميماك"من الحصول على هذه التسمية وتوسعتها لتشمل جزءاً من بحر العرب وبعمق 200 ميل بحري". ودعا الدول الأعضاء في"روبمي"الى"سرعة الانضمام الى الاتفاقية الدولية للاستعداد والتصدي والتعاون في ميدان التلوث الزيتي"والمعروفة باسم"اتفاقية اوبرسي"للافادة من المظلة الدولية لتبادل المعلومات والتعاون في مجال مكافحة حوادث التلوث حال وقوعها"، مشيراً الى"اجتماع عقد في نيسان ابريل الماضي ناقش الجوانب القانونية والفنية لانضمام أعضاء "روبمي" الى تلك الاتفاقية".