قال نائب بارز في اللقاء النيابي الديموقراطي ان قضية استقالة رئيس الجمهورية اميل لحود ستبقى مطروحة على بساط البحث وان لا مبرر لسحبها من التداول فور اجراء الانتخابات النيابية خلافاً لما يعتقده البعض من انها ستطوى نظراً لمعارضتها من بعض القوى المسيحية التي ترى ان البديل من الاستقالة سيكون بمبادرة شخصية من لحود بالتكيف مع المرحلة السياسية الجديدة والاستجابة كلياً لشروط اللعبة بما فيها ان السلطة ستكون محصورة في مجلس الوزراء مجتمعاً. ولفت الى ان بعض القوى المعارضة لن تبدل موقفها من لحود وانها تواصل مناقشة استقالته مع البطريرك الماروني نصر الله صفير وأطراف فاعلة في الشارع المسيحي. وكشف النائب ان بعض القوى تشترط ان يتزامن تغيير لحود من خلال دفعه الى الاستقالة عبر ايجاد مخرج دستوري لذلك، بإحداث تغيير في رئاسة المجلس النيابي، مؤكداً انه سبق للبطريرك صفير ان طرح اسئلة عن مصير الرئاسة الثانية وما اذا كان تغييرها مقروناً بالتغيير الذي يطالب به البعض بالنسبة الى رئاسة الجمهورية. وأضاف ان العماد ميشال عون كان أثار مسألة استبدال الرئيس نبيه بري باعتبار ان التغيير يجب ان يكون شاملاً ولا يقتصر على لحود، مؤكداً أن ليس من ضرورة لربط مصير الاخير بالرئيس الحالي للمجلس النيابي. وتابع النائب: "ان الوضع الراهن للرئيس بري يختلف عن وضع لحود، فالاخير قد لا يحظى مع اعلان نتائج الانتخابات بتأييد نيابي ماروني خلافاً للأول الذي ينتخب مجدداً على رأس كتلة نيابية قد تكون من الكتل الكبيرة"، ما يعني ان موقع لحود سيكون ضعيفاً في التركيبة النيابية الجديدة وتحديداً بين الموارنة، بينما الامر مختلف بالنسبة الى بري المتحالف مع "حزب الله" خصوصاً ان تحالفهما هذه المرة لن يكون كناية عن مشوار طريق انتخابي سرعان ما يتفكك فور الانتهاء من اجراء الانتخابات النيابية. وأكد ان تغيير بري وإن كان مطروحاً من بعض الكتل النيابية فإن السير في عملية استبداله بمرشح آخر لرئاسة المجلس يشترط في الدرجة الاولى توفير غطاء شيعي لمنافسه، وان مثل هذا الغطاء لن يؤمنه الا "حزب الله" الذي يتعامل مع تحالفه مع حركة "أمل" انطلاقاً من شعوره بأنه سيكون المستهدف في المرحلة السياسية المقبلة من خلال طرح قضية نزع سلاح المقاومة على طاولة البحث استجابة لما هو وارد في القرار الدولي الرقم 1559. وأضاف ان لدى الحزب والحركة رغبة في اعادة ترتيب البيت الشيعي لجهة قطع الطريق على المحاولات التي قد تستهدف أي طرف منهما، وخصوصاً الحزب الذي يتطلع اولاً الى وحدة الموقف الشيعي كأساس للتأسيس لموقف وطني عام لا يتعاطف مع الطلب الأميركي بجمع سلاح المقاومة في مقابل الرغبة التي تظهرها أوروبا بزعامة فرنسا بأن تدرج قضية سلاح المقاومة كأداة للحوار الداخلي بين اللبنانيين. واعتبر النائب ان القوى الأخرى في المعارضة لن تغامر في اللجوء الى المطالبة بتغيير بري لمصلحة نائب شيعي ينتمي الى صفوف المعارضة في حال شعرت بأن الحزب ليس في وارد الدخول كطرف فاعل الى جانبها، لتأمين الغطاء الشيعي الذي تحتاج اليه من أجل خوض معركتها حتى النهاية. وقال ان هناك نواباً من الشيعة ينتمون الى المعارضة لكن هذا لا يكفي لخوض المعركة ضد بري على أساس ان العدد المطلوب لاستبداله برئيس آخر للمجلس اصبح في متناول اليد ما لم يشكل الحزب رأس الحربة في الانضمام الى المعارضة لضمان ايصال المرشح البديل الى الرئاسة الثانية". مشيراً الى ان أي خيار آخر لخوض المعركة من دون نواب الحزب سيبقى في دائرة التشكيل بحجة ان هذا البديل من النواب الشيعة قد انتخب بأكثرية من غير طائفته. لكل ذلك استبعد النائب ان يكون من أولويات المعارضة استبدال بري برئيس آخر، مشيراً الى انه لم يعد في مقدور رئيس الجمهورية الحالي التصرف مع الحضور الشيعي على انه يقف الى جانبه في السراء والضراء، لا سيما ان الكتلة الشيعية النيابية الكبرى الممثلة ب"الحزب" و"أمل" أخذت تتصرف منذ الآن على انها متحررة من الولاء بالكامل وعلى بياض للحود، وقد سارعت اخيراً الى مراجعة حساباتها، على قاعدة انها ليست في جيب أحد يستطيع ان يستخدمها سياسياً في وجه الآخرين. وقال ان قواعد اللعبة السياسية تبدّلت كلياً وان بري سيتغير، من خلال التفاته والحزب الى اقامة تحالفات جديدة من دون التقيد بالماضي او العودة الى سياسة المناكفة التي وفرت الحماية لرئيس الجمهورية الذي استخدمها ضد خصومه بدلاً من ان يوظفها على طريق اعادة الاعتبار لمؤسسة مجلس الوزراء. ورأى النائب ان العامل السوري في اللعبة الداخلية اخذ يتراجع وان "أمل" وال"حزب" وإن كانا في غير وارد توجيه طعنة الى دمشق ودورها في لبنان فإنهما في موازاة ذلك يرفضان التصرف وكأنهما في جميع الاحوال يدعمان رئيس الجمهورية سواء أكان على خطأ أم على صواب، في أي معركة محتملة ضد رئيس الحكومة، مؤكداً ان جميع القوى باتت مضطرة في ضوء كل الذي حدث في لبنان، الى القراءة منذ الآن وصاعداً في ضوء واقع سياسي جديد فرضته التطورات التي عصفت اخيراً بالبلد. وأكد ان بعض القوى ستحاول استغلال عدم وجود اجواء لتغيير رئيس المجلس من اجل تثبيت لحود في موقعه بحجة اما ان يكون التغيير شاملاً على مستوى الرئاستين الأولى والثانية او لا يكون. لكن النائب نفسه لم يستبعد احتمال طرح تقصير ولاية رئيس المجلس لجهة خفضها الى سنتين بدلاً من ان تبقى أربع سنوات وهي العمر الكامل للمجلس النيابي المنتخب شرط ان تكون قابلة للتجديد. كما انه يتوقع ان يكون امام المجلس المنتخب جدول اعمال مكثف يأتي في طليعته اعداد قانون انتخاب جديد وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، اضافة الى تفعيل دوره في مراقبة السلطة التنفيذية الحكومة ومحاسبتها وعدم اختصاره في شخص رئيسه او التصرف وكأنه شريك لها، بدلاً من العمل من أجل تظهير استقلالية السلطة التشريعية عن الاجرائية. وأوضح النائب ان المطلوب في الوقت الحاضر من رئيس المجلس ان يبادر الى تعزيز الدور النيابي في الحياة السياسية لأن الرغبات في تغييره يحول دون تحقيقها غياب الغطاء الشيعي لأي رئيس آخر في ظل الائتلاف القائم بين ال"حزب" و"أمل" والذي يدفع بالكتل النيابية الى أخذه في الاعتبار وعدم القفز فوق الواقع الشيعي لئلا يقال ان هناك من يريد ان يفرض رئيساً للمجلس بخلاف ارادتها، وقد يكون البديل استعداد بري للتكيف مع الوضع المستجد آخذاً الملاحظات على ادائه على محمل الجد، خصوصاً ان بعضها يتجاوزه الى اداء "أمل" في ادارات الدولة ووزاراتها والذي كان ولا يزال موضع انتقاد معظم القوى السياسية.