صرح وزيرا الخارجية العراقيوالايراني هوشيار زيباري وكمال خرازي الاثنين، انهما يعتزمان طي صفحة الماضي والبدء بمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين مبنية على الاحترام والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. كان خرازي وصل أمس الى بغداد في أول زيارة لمسؤول ايراني على هذا المستوى منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين في نيسان 2003، يلتقي خلالها الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ووزير الخارجية هوشيار زيباري. وقال زيباري في مؤتمر صحافي أ ف ب، بعدما رحب بضيفه ببعض الكلمات باللغة الفارسية:"بلا أدنى شك ستفتح هذه الزيارة آفاقاً رحبة وواسعة لعلاقات التعاون بين البلدين"، مشيراً الى ان"ايران كانت من اوائل الدول التي اعترفت بمجلس الحكم بعد سقوط الطاغية صدام حسين وأوفدت وفداً رسمياً للتهنئة". وأضاف:"أعرب عن تقديري وتقدير حكومتي للمبادرة الشجاعة للقيام بهذه الزيارة التي تعد أول زيارة لوزير خارجية من دول الجوار الى العراق". وأوضح زيباري ان"عراق اليوم مسالم ومتسامح مع جيرانه وبعيد كل البعد عن نهج العدوان والاستعلاء. وعلينا اليوم ان نطوي صفحتنا ونعمل من اجل بناء علاقات على أساس الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". ودعا زيباري"ايران وكل الدول العربية والاسلامية الى مساعدتنا لتجاوز هذه المرحلة من خلال مكافحة الارهاب ومنع عمليات التسلل وكل ما من شأنه الاضرار بالعلاقات". من جانبه، أكد خرازي دعم جمهورية ايران لحكومة العراق وشعبه، وقال:"اننا كجار للعراق نرى ان من واجبنا دعم هذه الحكومة التي انبثقت من الشعب دعماً كاملاً". وأضاف ان"العراق مفعم بتاريخ مشرق للغاية وشعبه ناضج وبامكانه ان يتخطى هذه المرحلة الصعبة". وأوضح خرازي ان"ايران على استعداد كامل لاستئناف التعاون مع العراق في شتى المجالات الامنية والاقتصادية وكل المجالات ذات الاهتمام المشترك". وتأتي زيارة خرازي الى بغداد بعد يومين من الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى العراق للدعوة الى بديل سياسي للعنف والتأكيد على ضرورة اشراك السنة في العملية السياسية التي يهيمن عليها الشيعة. وكانت طهران رحبت بفوز الشيعة في الانتخابات العامة التي جرت في كانون الثاني يناير في العراق. وقبل ذلك، زار نائب رئيس الوزراء السابق الكردي برهم صالح طهران في آب اغسطس الماضي وسط اتهامات حول تدخل ايران في الشؤون العراقية. الا ان بعض التغيير طرأ على الوضع واصبح القادة العراقيون يعبرون عن قلقهم من تسلل مقاتلين سنة من الدول المجاورة، أكثر من التدخل الايراني. الى ذلك، اعتبر القيادي البارز في"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"علي العضاض ان"هدف زيارة خرازي بناء طهران علاقة استراتيجية مع النظام الجديد في بغداد"، مشيراً الى ان"ايران تعتقد ان أهمية العراق تكمن في أمور عدة أبرزها أن القيادة الجديدة في بغداد تستطيع ان تساعد في تخفيف الضغط الأميركي على ايران". وأضاف ان العراق"يستطيع الاستفادة من شريكه الاستراتيجي ايران في تبادل المعلومات الاستخباراتية في شأن تسلل الارهابيين الى العراق، كما ان طهران تستطيع ان تساعد بغداد في تنظيم علاقتها الإقليمية في المنطقة"! وتوقع العضاض ان تتخذ حكومة الجعفري خطوات حاسمة ونهائية ضد منظمة"مجاهدين خلق"الايرانية المعارضة التي كانت تقاتل النظام الايراني انطلاقاً من الأراضي العراقية إبان حكم صدام حسين. وأشار الى ان الإيرانيين يركزون في اتصالاتهم مع الحكومة العراقية الجديدة على مسألة ابرام اتفاق لتبادل المجرمين والارهابيين، وهو تطور قد يسمح للجعفري بتسليم عناصر"مجاهدين خلق"الى ايران. وقال محللون عراقيون ان التقارب العراقي - الايراني الذي توجته زيارة خرازي لبغداد أمس، يشكل توجهاً معاكساً لسياسات حكومة اياد علاوي التي شهدت تصعيداً ضد ايران. واستأنفت بغدادوطهران في ايلول سبتمبر 2004 علاقاتهما الديبلوماسية الكاملة على رغم وجود القوات الاميركية في العراق، وذلك بعد 24 عاماً على اندلاع الحرب الايرانية -العراقية. وعلى رغم استئناف العلاقات، ما زالت هناك مشاكل كبيرة بين البلدين اللذين لم يوقعا حتى الآن اتفاق سلام بعد الحرب، التي تفيد ارقام يقر بها الجانبان انها أدت الى مقتل 500 الف مقاتل عراقي وايراني في الحرب، فضلاً عن عشرات آلاف المدنيين.