كثيراً ما نسمع أناساً يقولون ان عندهم كوليسترول في الدم وعند محاولة الغوص في بحر أفكارهم نرى انهم يعتقدون ان الكوليسترول مرض غريب حل بأجسامهم! لا، ان الكوليسترول ليس شبحاً غريباً حل بالجسم بل هو مادة مهمة للغاية وضرورية جداً كي يكون الانسان بأتم الصحة والعافية، فالكوليسترول مادة دهنية شمعية تتواجد في كل خلية من خلايا الجسم اذ تشارك في بناء وصنع الهرمونات الذكرية والأنثوية وتلعب دوراً بارزاً في انتاج الكورتيزون الطبيعي وكذلك في تركيب وتحرير الفيتامين د من ثنايا الجلد بتأثير الأشعة الشمسية فوق البنفسجية. ان الكوليسترول الذي يسرح ويمرح في الجسم وضمن الحدود العادية المرسومة له لا ضرر منه ولا خطر، فقط الكوليسترول الذي يقفز فوق تلك الحدود هو المضر اذ يترك عبئاً ثقيلاً على الصحة يؤدي مع مرور الوقت الى الاصابة بتصلب الشرايين، وهذا الأخير لا يحصل بين ليلة وضحاها بل يضرب جذوره في الجسم ببطء وعلى مدى سنوات طويلة يتعلق فيها الكوليسترول على باطن الشرايين ممهداً الطريق لحدوث تكومات تقود الى التضيقات أو الانسدادات وخصوصاً في الشرايين الدقيقة في القلب والدماغ، الأمر الذي قد يؤدي الى حدوث أزمات صحية طارئة قد تجعل حياة المصاب بها على كف عفريت. هناك حقائق كثيرة حول الكوليسترول حري بنا أن نعرفها لنكون على بينة من أمرها: ان الكوليسترول في الدم يتجول بأحد شكلين: الأول هو الكوليسترول الجيد ويرمز له بHDL، والثاني هو الكوليسترول السيئ ويرمز له بLDL، والفارق بينهما يرجع الى البروتينات الحاملة لهما، فالأول ينقله بروتين عالي الكثافة حاملاً اياه من اجزاء الجسم المختلفة الى الكبد الذي يتولى مهمة تدميره وتخريبه. أما الثاني أي الكوليسترول السيئ فيحمله بروتين ذو كثافة منخفضة قادر على التعلق والالتصاق على باطن الشرايين ومن هنا خطورته. ان الكوليسترول يأتي من مصدرين: الأول هو الغذاء حليب، بيض، دهن حيواني... وهذا المصدر يشكل 20 الى 30 في المئة من الكوليسترول الكلي. أما المصدر الآخر فهو الكبد الذي يسهم في صنع 70 الى 80 في المئة من الكوليسترول الكلي وذلك اعتباراً من الأحماض الدهنية المشبعة التي غالباً ما تكون من منشأ حيواني. ان الأرقام العادية للكوليسترول الكلي اضافة الى جزئية الكوليسترول الجيد والكوليسترول السيئ هي كالآتي: - الكوليسترول الكلي لشخص سليم لا يملك عوامل خطر هو 2.3 غ لكل ليتر. - الكوليسترول الكلي لشخص مع عامل خطر يجب أن يكون أقل من غرامين في كل ليتر. - الكوليسترول الجيد HDL: 0.55 غ/ ليتر أو أكثر. - الكوليسترول السيئ LDL لشخص سليم يجب ألا يتجاوز ال1.5 غ/ ليتر. - الكوليسترول السيئ LDL لشخص عنده عامل خطر يجب أن يكون أقل من 1.2 غ/ ليتر. * اذا ترافق ارتفاع الكوليسترول مع وجود عوامل خطر أخرى، فإن احتمال وقوع الأزمات القلبية يزيد في شكل لافت ومن هذه العوامل نذكر: - الرجل فوق الخامسة والأربعين من العمر. - وجود اصابة سابقة بأزمة قلبية أو دماغية. - ارتفاع ضغط الدم. - حياة الخمول والكسل. - الداء السكري. - البدانة. هناك أسباب تقف وراء قفز الكوليسترول فوق الحدود المعترف بها طبياً وهذه الأسباب: 1 - الأسباب الوراثية، اذ ان الجينات المورثات تلعب دوراً مهماً في عملية انتاج الكوليسترول في الجسم. 2 - الأسباب الغذائية، ومنها فرط استهلاك الدهون المشبعة التي تتواجد في شكل أساسي في الأغذية الحيوانية المنشأ، اضافة الى الأغذية التي تعج بالكوليسترول. 3 - بعض الأدوية، مثل خافضات ضغط الدم، وحبوب منع الحمل والمدرات البولية ومضادات الصدفية والكورتيزونات... الخ. هناك فارق بين الكوليسترول وشحوم أخرى في الدم تعرف بالغليسيريدات الثلاثية ثري غليسيريد، فالأول يصنع في شكل رئيسي في الكبد اعتباراً من الدهون الحيوانية، أما الثانية الغليسيريدات الثلاثية فهي لا تصنع من الدهون الحيوانية فقط، بل اعتباراً من النشويات والسكريات أيضاً. ويجدر التنويه هنا الى ان غالبية الشحوم المتكدسة في أجسامنا هنا وهناك هي من نوع الشحوم الثلاثية المذكورة أعلاه. ان تحسين الصيغة الدموية للكوليسترول تتم أولاً بأول من طريق رصد الأغذية بعناية من أجل اختيار الأنسب وإبعاد تلك التي لا تصلح منها، وفي ما يأتي نذكر الخطوط العريضة للارشادات الغذائية التي لها وزنها على صعيد ضبط الكوليسترول: أ - يجب ترجيح كفة الأغذية الآتية. - السمك، الدجاج من دون جلد، اللحوم الخالية من الدهن. - الحليب ومشتقاته القليلة أو الخالية الدسم. - بياض البيض. - الخضار المطبوخة على البخار. - البطاطا المسلوقة. - الزيوت النباتية. - الثوم والبصل. - الفواكه. - الحبوب، المعكرونة. - العصائر الطبيعية. ب - الابتعاد عن الأطعمة الآتية: - النقانق والسلائب. - الحليب ومشتقاته الكاملة الدسم. - الزبدة والدهون المهدرجة. - زيت جوز الهند وزيت النخيل. - صفار البيض. - المقالي بكل أنواعها. - الشوربة المطهوة بدهون مشبعة. - الفطائر المدهنة. - الحلويات والكعك. - رقائق البطاطا. - الرز المقلي. - صلصات الكريما أو الجبن أو الزبدة. - الشوكولاتة الغنية بالدهون المشبعة. هناك أغذية يجب أن تكون حاضرة بقوة في الوجبات لأنها تلعب دوراً في خفض مستوى الكوليسترول في الدم وهذه الأغذية هي: اللبن، الباذنجان، الثوم، البصل، التفاح، الأرضي شوكي، زيت الزيتون، الشوفان، الصويا، الشاي، الأغذية الغنية بالألياف والشعير. وفي الختام لا بد من لفت الانتباه الى ثلاث نقاط: النقطة الأولى، اذا كانت هناك بدانة فلا بد من تدبيرها لأنها تؤدي الى حدوث"بلبلة"في شحوم الدم. النقطة الثانية، أهمية ممارسة الرياضة لأن لها أثراً طيباً على شحوم الدم فهي تخفض من الغليسيريدات الثلاثية وترفع من مستوى الكوليسترول الجيد HDL الواقي للقلب والشرايين، وتعمل على الحد من تلاصق الصفيحات الدموية وهذا له أهميته في منع حدوث الجلطات الدموية. النقطة الثالثة والأخيرة الانتباه ثم الانتباه الى الدهون المشبعة الخفية في الطعام فهي غالباً ما تكون أصل البلية.