لم يبق على عيد الأضحى إلا أياماً معدودات وأسأل الله سبحانه لجميع ضيوف الرحمن حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً ونشكره سبحانه على توفيقه ثم نشكر دولتنا حفظها الله على بذل كل الجهود في تيسير أمور وفود الحجيج والسهر على أمنهم وراحتهم، ولطلب كثير من القراء استعراض معلومات صحية مهمة عن الدهون الثلاثية وعلاقتها بشرايين القلب وبالكلسترول سنستعرض معكم مفاهيم مهمة عن ذلك. فالدهون الثلاثية هي مركبات عضوية دهنية يُصنَع جزء منها في الجسم ويمتص الجزء الآخر من الطعام ويحتفظ بها لإنتاج الطاقة وهي قد تكون في مجرى الدم جاهزة لإنتاج الطاقة في الخلايا (نسبة قليلة) وما زاد عن حاجة الجسم فيخزنه على شكل شحوم موزعة في مناطق الجسم المختلفة تستدعى عند الحاجة إليها (الغالبية العظمى) وإن زادت عن مستواها المقبول فهي قد تتسبب في مشاكل عضوية كثيرة ومن ضمنها المساهمة في انسداد شرايين القلب. والدهون الثلاثية قد تزيد وتنقص في نفس المريض حسب نوعية الأكل المستهلك مثل السكريات والدهون الحيوانية وخصوصاً الإكثار من لحوم الضأن والبقر وقد لوحظ أنها ترتفع فيمن لديهم زيادة في الوزن أو عدم الاستمرار على التمارين اليومية أو التدخين أو بعض الأمراض الوراثية أو تناول الكحول أو بعض الأدوية مثل أدوية حبوب منع الحمل وبعض أدوية الإيدز وبعض أدوية علاج سرطان الثدي أو نقص إفراز الغدة الدرقية أو بعض أمراض الكبد والكلى والسكري وأخيراً الوراثة بنقص معين في الأنزيمات التي تتعامل مع هذه الدهون. الكلسترول والدهون الثلاثية كل منهما عامل مستقل للإصابة بأمراض شرايين القلب فالدهون الثلاثية هي ثلاثة أحماض دهنية مرتبطة بجلسرين تستخدم لإنتاج الطاقة في خلايا الجسم أما الكلسترول فهو مركب يشبه مركب الكحول إلى حد ما وإن كان أكثر تعقيداً منه وهو مهم لبناء الخلايا في الجسم وبالذات الجهاز العصبي وبعض الهرمونات والعصارة الصفراء. ويشترك الكلسترول والدهون الثلاثية في عدم ذوبانهما في الدم وعدم وجود طريقة طبيعية لإخراج الزائد عن حاجة الجسم سواء من الجهاز البولي أو الهضمي وكذلك كلاهما يتسبب في زيادة جلطات القلب والرأس وأمراض أخرى إذا زاد عن المستوى الطبيعي في الجسم لفترة طويلة من الزمن وأخيراً كلاهما الكلسترول والدهون الثلاثية يحتاج لناقل يسمى البروتين الدهني من وإلى الكبد والأمعاء والأنسجة الأخرى. ومن هذه البروتينات الدهنية ما يسمى البروتين الدهني الثقيل الحميد HDL وهو ينقل الكلسترول من جدار الشرايين إلى الكبد ويعتبر نقصه في الدم من الأسباب القوية لسداد الشرايين بالكولسترول ومنها البروتين الدهني الخفيف الضار LDL وهو ينقل الكلسترول من الكبد إلى جدران الشرايين وارتفاعه يساهم في انسداد الشرايين بالكولسترول. وقد ثبت أن ارتفاع الدهون الثلاثية يزيد جلطات القلب والوفيات المفاجئة بنسبة 4 إلى 6 مرات، والجلطات الدماغية 2 إلى 3 مرات. ويمكن علاج المرضى المصابين بارتفاع الدهون الثلاثية بالحمية الغذائية والتمارين الرياضية وإنقاص الوزن للمصابين بالسمنة وأخيراً باستخدام الأدوية ومن الملاحظ أن مجرد حدوث نقص بسيط في الوزن من الممكن أن يحدث تغيراً كبيراً في مستوى هذه الدهون في الجسم ويوازي في بعض الأحيان تأثير الأدوية على الدهون الثلاثية ويجب التنويه على أن المأكولات البحرية وزيت السمك خصوصاً يساعد على خفض الدهون الثلاثية وبالذات إذا كان تناوله منتظماً. وقد وجدت الدراسات أن 40 % من السعوديين مصابون بارتفاع الدهون الثلاثية وأما ارتفاع الكلسترول فوجد في 55 % من السعوديين الذين شملتهم الدراسة وهي دراسة نشرت في فبراير 2008 في إحدى المجلات الطبية السعودية ((SMJ وقد أجريت على 17000 مواطن سعودي في مناطق المملكة المختلفة من سن 30-70 سنة على مدى خمس سنوات 1995-2000 وارتفاع الدهون الثلاثية أعلى انتشاراً في الرجال منه في النساء في تلك الدراسة. وعندما نقارن بين خطورة ارتفاع الدهون الثلاثية وخطورة ارتفاع الكلسترول فإن درجة خطورة ارتفاع الدهون الثلاثية على شرايين القلب أقل من خطر ارتفاع الكلسترول السيء وهو بالتالي أقل خطورة من نقص الكلسترول الحميد(أي إن نقص الكلسترول الحميد يعتبر أخطر من سابقيه ) ولكن تظل المسألة نسبية وتتعلق بعوامل متعددة تحد من استخدام هذا المفهوم على إطلاقه. وحسب الدراسات الحديثة فإن ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم حتى بعد الوجبات (أي من دون صوم قبل إجراء التحليل) يعتبر علامة خطر يجب التوقف عندها ومناقشتها مع الطبيب. ليس كل المصابين بالسمنة لديهم ارتفاع في الدهون الثلاثية ولكن العلاقة بين زيادة الوزن وارتفاع الدهون الثلاثية تعتبر علاقة وثيقة. وخصوصاً من كان محيط جدار البطن لديهم أكثر من 102 سم في الرجال و88سم في النساء. والارتفاع الشديد في الدهون الثلاثية أكثر من 800ملغ/ مل من الممكن أن يسبب التهاب البنكرياس الحاد أو سد أحد شرايين الشبكية في العين. وفي الغالب تجد عند فحص هؤلاء المرضى أن هذه الدهون مترسبة في الجلد حول العينين والركبتين والظهر ومن العلامات المميزة بعد سحب الدم من هؤلاء المرضى أن تتكون فوق عينة الدم طبقة بيضاء بسبب تجمع الدهون الثلاثية. كما أن هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع الدهون الثلاثية ومرض السكري وكذلك بمدى قابلية الإصابة بمرض السكري مستقبلاً. والمستوى الطبيعي للدهون الثلاثية هو أقل من 1.7ملمول /لتر وهو ما يعادل أقل من 150 ملغ/لتر ويجب أن يقاس في جميع من هم فوق العشرين سنة، ثم كل خمس سنوات بعد ذلك في الأصحاء وأما المرضى مما ذكر أعلاه فيجب متابعتهم عن قرب حتى يتم التحكم في مستوى الدهون الثلاثية وذلك بعد اتباع الخطة العلاجية المتفق عليها بين المريض وطبيبه.