ينتظر رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس جواب القيادة السورية على رسالة كان بعث بها اليها بواسطة مندوب سورية الدائم لدى الاممالمتحدة السفير فيصل المقداد، يطلب فيها الاستماع الى افادة ستة ضباط سوريين في الجريمة هم اللواء آصف شوكت رئيس الاستخبارات العسكرية واللواء بهجت سليمان الرئيس السابق للاستخبارات الداخلية والعمداء رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية قبل انسحابها من لبنان في 26 نيسان ابريل الماضي رستم غزالة، ومساعده في بيروت جامع جامع، وعبدالكريم عباس المسؤول في فرع فلسطين للاستخبارات وظافر اليوسف الخبير في الاتصالات والانترنت في الاستخبارات السورية. وعلمت"الحياة"ان ميليس بعث رسالة الى المقداد الاربعاء الماضي بواسطة الامانة العامة للامم المتحدة وكذلك الى المستشار القانوني في وزارة الخارجية الدكتور رياض الداوودي الذي كان تولى التنسيق مع فريق التحقيق الدولي عندما توجه في ايلول سبتمبر الماضي الى دمشق للاستماع الى افادات ضباط ومسؤولين مدنيين كشهود في جريمة اغتيال الحريري. وحدد ميليس المقر الخاص بلجنة التحقيق الدولية في المونتيفردي، كمكان وحيد للاستماع الى افادات الضباط الستة، آملاً، كما تنقل عنه اوساط لبنانية ان يلقى التجاوب المطلوب من القيادة السورية انسجاماً مع التوجه الذي اتخذته بالتعاون مع اللجنة الدولية من اجل جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري. ويأتي تحرك ميليس في اتجاه دمشق متلازماً مع استعداد اللجنة الدولية فور انتهاء عطلة عيد الفطر لتسريع التحقيق في الجريمة باستدعاء شهود جدد من بينهم سياسيون وضباط لبنانيون الى المونتيفيردي، لاجراء مقابلات معهم اضافة الى شهود سابقين كانت استمعت الى افاداتهم. لكن الاستعدادات التي بوشرت في المونتيفردي لاستقبال شهود جدد وآخرين سبق لهم ان ادلوا بافاداتهم امام اللجنة تزامنت مع معلومات جديدة توافرت في الساعات الماضية ل"الحياة"وفيها ان لجنة التحقيق تقدمت من النيابة العامة التمييزية من خلال وزارة العدل بطلب رفع السرية المصرفية عن شخصيات سياسية واخرى مدنية بعضها لا يزال موقوفاً بطلب من اللجنة، تمهيداً لاتخاذ تدابير في حقهم ومنها تجميد ارصدتهم المالية في المصارف اللبنانية والاجنبية. واكدت مصادر لبنانية مواكبة للجنة التحقيق ان النيابة العامة التمييزية احالت طلب رفع السرية المصرفية عن حسابات عدد من الموقوفين او المشتبه فيهم تمهيداً لتجميدها، الى هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي التي وافقت على طلب لجنة التحقيق الدولية. واذ رفضت المصادر الكشف عن اسماء الاشخاص المدنيين المشمولين بهذا الطلب اكدت في المقابل ان التدابير الخاصة بعدد من الضباط سلكت القنوات القانونية وشمل المقدم المستقيل في الحرس الجمهوري واصف سرحان وزميليه في الحرس المقدمين الياس ساسين ومحمد الحسن والعميد في جهاز امن الدولة فيصل الرشيد اضافة الى السيدة لبنى رامز عويدات التي تردد اسمها كزوجة للعميد غزالة. وبالعودة الى الضباط السوريين الستة، قالت المصادر ان ميليس ارتأى الاستماع اليهم مجدداً في المونتيفردي بعدما كان استمع اليهم هو شخصياً بالتعاون مع فريق من المحققين الدوليين في دمشق في ايلول الماضي. وعزت سبب اصرار ميليس على الاستماع للضباط الستة الى انه لمس خلال مقابلته لهم في دمشق عدم تعاونهم في امور محددة، اضافة الى التناقض في اقوال عدد منهم، مع الشهادة التي ادلى بها نائب وزير الخارجية السوري السفير وليد المعلم حول علاقة رئيس الحكومة السابق بالرئيس السوري بشار الأسد، فالضباط الذين ادلوا بافاداتهم حول علاقة الحريري ببشار الاسد، اكدوا انها جيدة خلافاً لما قاله المعلم وبلغته الديبلوماسية المعهودة بانها كانت مشوبة بالاختلاف. كما اشارت المصادر الى ان ميليس يود الوقوف مجدداً على افادات بعض الضباط السوريين حول كيفية استخدام احمد ابو عدس بواسطة شريط فيديو بثته محطة"الجزيرة"واعلن فيه مسؤولية تنظيم"النصرة والجهاد في بلاد الشام"عن اغتيال الحريري، في ضوء عدم تجاوب السلطات السورية المعنية مع طلب رسمي كان تقدم به ميليس يطلب فيه افادته عن مكان اقامة المدعو خالد طه فوق الاراضي السورية، وان اسم الاخير ورد في تقرير ميليس الى مجلس الامن، بصفته أحد الذين أمنوا انتقال ابو عدس الى مكان ما في سورية قبل وقوع الجريمة في 14 شباط فبراير الماضي. وكانت لجنة التحقيق توصلت الى معلومات قادتها الى معرفة هوية طه، الذي افاد شقيقه انه موجود في تركيا منذ مدة طويلة وانه يعمل هناك في احدى الشركات، لكن تبين لاحقاً انه مقيم في سورية وان السلطات السورية طلبت من لجنة التحقيق تزويدها بصورة شمسية له لتسهيل توقيفه وتسليمه اليها على رغم ان ميليس ارفق طلبه في هذا الخصوص بتحديد العنوان الكامل لمكان اقامته. كما ستقوم لجنة التحقيق - بحسب المعلومات - باعادة فتح ملف"المجند"السوري محمد زهير الصديق الموقوف حالياً في احد السجون الفرنسية بصفته شريكاً في جريمة الاغتيال بناء لطلب ميليس بهدف مطابقة اقواله مع التقرير الذي كانت تسلمته اللجنة من السلطات السورية وفيه انه مجند فار وكان حكم عليه بالسجن لارتكابه مخالفات تراوحت بين التزوير وانتحال صفة، خلافاً لما يتردد عن ان الصديق كان ضابطاً في الجيس السوري اثناء وقوع الجريمة وانه غادر دمشق بعدما استحصل على سمة دخول من احدى سفارات دول الخليج في العاصمة السورية تجيز له العمل فيها وان هذه السمة لم تكن لتمنح له لو لم يتقدم بسجل عدلي يتضمن اشارة مباشرة الى عدم وجود احكام عليه، من القضاءين المدني او العسكري في دمشق. اما بالنسبة الى ضم اسمي العميدين عباس واليوسف الى لائحة الضباط السوريين المشمولين بطلب ميليس الى السلطات السورية للاستماع اليهما، فقد اوضحت المصادر المواكبة للتحقيق ان هذين الضابطين كانا خضعا الى دورة اركان في كلية الاركان الخاصة بالجيش اللبناني ورقيا بعدها من رتبة عقيد الى عميد. واضافت ان عباس واليوسف كانا التحقا بكلية الاركان في تشرين الاول اكتوبر عام 2003 وانهيا الدورة في تموز يوليو 2004. واقاما لبعض الوقت في الشقة الكائنة في منطقة حي معوض في الضاحية الجنوبية في بيروت بعدما كانا انتقلا اليها من فندق مونرو الواقع في محلة السان جورج في الشطر الغربي من بيروت. واشارت المصادر الى انهما انتقلا الى الشقة بناء لرغبة العميد جامع الذي تولى تأمينها من خلال الموقوف حالياً لدى القضاء اللبناني المدعو مالك محمد، الذي كلفه جامع مع آخرين بالقاء قنابل صوتية اثناء مسيرة 14 آذار مارس التي نظمتها المعارضة في ساحة الشهداء بهدف الايقاع بين المشاركين والجيش اللبناني. واكدت ان محمد استحصل على هذه الشقة من زوجته، وانه بدوره قدمها الى جامع الذي دعا رفيقيه عباس واليوسف للاقامة فيها ريثما ينتهيان من دورة الاركان. لكن المصادر اوضحت ان محمد اعترف لدى التحقيق معه من المحققين الدوليين قبل توقيفه بتهمة الاشتراك في تهديد الاستقرار والتحضير للايقاع بين قوى المعارضة ووحدات الجيش المنتشرة في ساحة الشهداء ومحيطها للحفاظ على امن المشاركين في تجمع 14 آذار بأن الضابطين السوريين عباس واليوسف اخليا الشقة في نهاية تموز يوليو 2004. الا انه تبين في ضوء الاستماع الى افادات عدد من الشهود أن اقواله غير صحيحة وانه يحاول تضليل التحقيق في جريمة اغتيال الحريري. فقد أفاد الشهود ان الضابطين اقاما في الشقة حتى اواخر ايلول 2004 على رغم ان محمد عطّل في مطلع آب اغسطس من العام نفسه عداد الكهرباء الخاص بالشقة ليوحي بأنها غير مشغولة، واستعان لدعم اقواله بفاتورتين صادرتين عن دائرة الجباية في مؤسسة كهرباء لبنان، عن شهري آب وايلول، تفيدان بعدم تغذية الشقة المذكورة بالتيار الكهربائي وان صاحبها دفع رسمي الاشتراك عن هذين الشهرين وقيمتهما 24 الف ليرة. وتبين بناء لافادة الشهود ان محمد تولى تأمين التيار الكهربائي للشقة من خلال كابلات الكهرباء العمومية التي تغذي المنطقة بالتيار وان الاسلاك التي استخدمها كانت واضحة للعيان، اضافة الى اعتراف الشهود بانهم شاهدوا الضابطين عباس واليوسف قبل اواخر ايلول، يصعدان الى الشقة ومعهما اشخاص آخرون. ويتوقع ان تستمع لجنة التحقيق الى زوجة محمد التي يتعذر عليها الانتقال الى"مونتيفردي"كونها حاملاً.