تسلمت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أمس، من لجنة خاصة في الأممالمتحدة مسؤولية الوثائق المتعلقة بجرائم حرب مزعومة في دارفور.وجاء ذلك في وقت تظاهر عشرات الآلاف في الخرطوم تنديداً بقرار مجلس الأمن 1593. ورأت الحكومة أن مواقف المجلس الأخيرة تهدف الى اسقاطها، وأجرى الرئيس عمر البشير اتصالات مع زعماء مصر وليبيا ونيجيريا وتشاد في شأن القمة التي تجمعهم في شرم الشيخ في 20 الجاري لاحتواء أزمة دارفور. واحتشدت ساحة الشهداء أمام مقر القصر الرئاسي والطرق الرئيسية في وسط العاصمة بالمتظاهرين الذين نقلوا من مدن الخرطوم الثلاث وولايتي الجزيرة والنيل القريبتين بدعوة من"الهيئة الشعبية للدفاع عن العقيدة والوطن"، التي تساند الحكومة للمشاركة في"تظاهرة الغضب والرفض"، كما اطلق عليها منظموها. وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للأمم المتحدة وأميركا وفرنسا من بينها:"جبان... جبان يا أنان... جبان يا بوش... جبان يا شيراك"، و"لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأميركان". كما رفع المتظاهرون لافتات تستنكر قرار مجلس الأمن الأخير، وحمل بعضهم صوراً لقادة عرب يعتقدون أنهم يناهضون الولاياتالمتحدة. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات لمنع المتظاهرين من الوصول الى مقري السفارتين البريطانية والأميركية وبعد تحدث بعضهم في هتافات غاضبة عن"تحطيم سفارة وقتل سفير". وتلا نقيب المحامين فتحي خليل مذكرة شديدة اللهجة أمام التظاهرة، موجهة الى الأممالمتحدة، وطالب المنظمة الدولية بتصحيح موقفها تجاه السودان، وهدد بأنه في حال عدم حدوث ذلك، فإن الشعب السوداني سيطرد وكالات الأممالمتحدة وموظفيها من البلاد. وطالبت المذكرة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بتقديم استقالته فوراً، لعدم أهليته في قيادة المنظمة وخضوعه الى"الابتزاز". وحملت على المنظمة الدولية بشدة وقالت إنها صارت عاجزة وتعيش أزمة أخلاقية بانتهاجها المعايير المزدوجة. كما طالبت فرنسا بالعدول عن موقفها تجاه السودان، وانتقدت الرئيس جاك شيراك، ورأت أن بلاده تجاوزت قيم ومبادئ العدالة. وقال وزير الإعلام عبدالباسط سبدرات في مؤتمر صحافي أمس إن مواقف مجلس الأمن وقراراته الأخيرة في حق بلاده تهدف الى اسقاط حكومته. وأوضح أن الرئيس عمر البشير أجرى اتصالات هاتفية أمس مع الرؤساء المصري حسني مبارك والليبي معمر القذافي والنيجيري أولوسيغون أوباسانجو والتشادي أدريس دبي للتشاور معهم في شأن القمة المصغرة التي من المقرر أن تجمعهم في شرم الشيخ في مصر في 20 الجاري، لمناقشة احتواء أزمة دارفور وإبعاد شبح التدويل. وأكد سبدرات أن حكومته ستستمر في تعبئة الجماهير وتجييش الشعب ضد"الأعداء". وزاد:"نحن لسنا طلاب مواجهة أو صدام... نحن مع الحوار ولكننا نرفض الاستضعاف". وأضاف ان لجنة تتألف من ثلاثة قضاة ستفرغ قريباً من التحقيق في انتهاكات دارفور حسب تقرير لجنة وطنية، وستباشر محاكمة المتهمين ولن تستثني مسؤولاً كبيراً أو صغيراً إذا دين. محكمة لاهاي وفي لاهاي رويترز تسلمت المحكمة الجنائية الدولية أمس، من لجنة خاصة في الأممالمتحدة مسؤولية الوثائق المتعلقة بجرائم حرب مزعومة في دارفور. وصوّت مجلس الأمن الأسبوع الماضي على احالة ملف جرائم ضد الانسانية يُزعم ارتكابها في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية. وتولى نائب مدعي المحكمة للتحقيقات سيرجي برامرتز مسؤولية تسعة صناديق ضخمة من الوثائق في محكمة لاهاي، وهي أول محكمة جنائية عالمية دائمة تأسست عام 2002 للنظر في قضايا الابادة الجماعية والانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان. وقال برامرتز للصحافيين:"سنعمل على تحليل الوثائق واعداد العمل. سنشكل فريقاً من المحللين والمحققين". وتقول الأممالمتحدة ان السودان لم يفعل الكثير لنزع أسلحة ميليشيا عربية متهمة بارتكاب جرائم اغتصاب وقتل وحرق قرى غير عربية في دارفور خلال تمرد استمر عامين. وهرب أكثر من مليونين من الناس من ديارهم وقتل عشرات الآلاف في المعارك في دارفور. وقال برامرتز ان من السابق لأوانه القول متى قد تصدر المحكمة لائحة التهم أو مذكرات الاعتقال. وأضاف انه يأمل بأن تقدم الحكومة السودانية يد العون في التحقيقات. وتابع:"نأمل بأن يكون هناك تعاون بناء. سنتعاون مع المؤسسات الدولية والحكومات لجمع أقصى ما نستطيع من المعلومات". وكان من المقرر ان يجتمع رئيس الادعاء في المحكمة لويس مورينو اوكامبو مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في نيويورك مساء أمس لتسلم قائمة سرية تضم 51 اسماً لشخصيات تتهمهم لجنة الأممالمتحدة بالتورط في الجرائم في دارفور. وتضم القائمة أسماء مسؤولين بارزين في الحكومة ومسؤولين في الجيش وقادة ميليشيا ومتمردين وقادة عسكريين أجانب. لكن المحكمة لن تكشف محتوى القائمة وستقرر فقط في وقت لاحق من ستوجه اليه التهم. وفي اديس ابابا أ ف ب، قال ديبلوماسي ان الاتحاد الافريقي يعتزم مضاعفة عديد قواته في دارفور بحلول آب اغسطس المقبل. وينشر الاتحاد حالياً قوة سلام قوامها نحو 2200 عنصر. وفي كمبالا أ ف ب، أعلنت القوات المسلحة الاوغندية انها شكلت قوة خاصة للمشاركة في قوة السلام التي ستنشرها الأممالمتحدة في جنوب السودان. وقال ناطق باسم الجيش الاوغندي انه"تم اعداد وحدة خاصة ستلعب دورها في قوة الاممالمتحدة المكلفة حفظ السلام والمراقبة في السودان". وأفادت معلومات محلية ان الوحدة تتكون من 700 عنصر. وقرر مجلس الامن في اذار مارس الماضي ارسال قوة من عشرة آلاف رجل الى السودان لدعم اتفاق السلام الذي وقع في كانون الثاني يناير الماضي.