أشادت اسرائيل بمناقب البابا الراحل يوحنا بولس الثاني واعتبرته صديقاً صدوقاً للشعب اليهودي وتمنت على خلفه أن يسير في النهج إياه الذي اتبعه يوحنا بولس الثاني، خصوصاً لجهة توطيد"المصالحة"بين الكنيسة الكاثوليكية واليهود. وأعرب رئيس الحكومة الاسرائيلية أرييل شارون عن أسفه لرحيل قداسة البابا ووصفه ب"رجل سلام صديق للشعب اليهودي". وقال في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية أمس إن اسرائيل وحكومتها تقدمان التعازي للكنيسة الكاثوليكية برحيل البابا يوحنا بولس الثاني. وأضاف ان الراحل كان رجل سلام وصديقاً للشعب اليهودي"واعترف بميزات هذا الشعب الخاصة"وعمل سنوات كثيرة من أجل تحقيق مصالحة تاريخية بين اليهودية والمسيحية توّجَها بإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة بين حاضرة الفاتيكان واسرائيل أواخر العام 1993. وزاد أنه لدى لقائه البابا قبل ستة أعوام"لمست الصداقة الكبيرة والمحبة الكبيرة اللتين يكنهما قداسته للشعب اليهودي واسرائيل". وختم أن العالم فقد أحد كبار الزعماء في هذا العصر الذي ساهم كثيراً في تقريب القلوب ولعب دوراً مهماً في دفع التسامح والتفاهم بين الديانات السماوية الى امام. وطلب شارون من وزير خارجيته سلفان شالوم أن يمثل اسرائيل في مراسم تشييع البابا. وقال الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف إن البابا الراحل أحدث انعطافاً جوهرياً ذا مغزى ثوري في العلاقات بين الكنيسة والشعب اليهودي. وتمنى على خلفه أن لا يتنكر للقيم والمعايير التي خلّفها سلفه. وزاد إن الراحل يستحق لقب شرف"نصير الشعب اليهودي". وقال وزير الخارجية سلفان شالوم للإذاعة العبرية أمس أن البابا الراحل كان الحبر الأول الذي جاء بمقاربة مغايرة ايجابية نحو اليهود تقوم على الاعتراف بأخطاء الماضي وانه خطا خطوات ايجابية ملموسة نحو المصالحة التاريخية بين العالم المسيحي والشعب اليهودي وفتح صفحة جديدة في هذه العلاقات"بعد سنوات من معاناة الشعب اليهودي جراء موقف الكنيسة من اليهودية". وأردف أن الراحل كان صديقاً كبيراً للشعب اليهودي وبطلاً عظيماً. ورأى شالوم أن أهم المحطات في علاقات الحبر الأعظم مع اليهود كانت في زيارته التاريخية للكنيس الأكبر في روما العام 1986 وطلب المغفرة على"الجرائم التي نُفذت بحق اليهود باسم الكنيسة"ثم لقاءاته قادة الجاليات اليهودية في أرجاء العالم فإنشاء علاقات ديبلوماسية كاملة بين الفاتيكان واسرائيل في العام 1993 ثم زيارته الى اسرائيل في العام 2000. وتابع الوزير:"لذا فإن رحيل البابا يعتبر خسارة للكنيسة الكاثوليكية والانسانية جمعاء". وانعكست هذه المواقف أيضا في عناوين الصحف الرئيسة وتعليقاتها فأشادت جميعها بالراحل وأسبغت عليه نعوت"الكبير"و"بطل المصالحة"وكتبت كبراها"يديعوت أحرونوت":"بابا اليهود... كارول فيتيلا، الشاب البولندي الذي ترعرع بين اليهود ووقع في حب مرشدته في المسرح اليهودي، لم ينسَ ماضيه عندما عُيّن حبراً أعظم في العام 1978 واجتهد، كواحد من أكثر الزعماء المؤثرين في العالم في سبيل المصالحة بين المسيحية واليهودية وصلّى من أجل ضحايا الهلوكوست وأحدث انقلاباً عندما أعلن أن اليهود هم أخوتنا الكبار الأحباء". وأفادت الصحيفة أن حاخامات اليهود في ايطاليا وبولندا أقاموا صلوات الدعاء للبابا ووصفه أحدهم بأنه"أفضل بابا بالنسبة الى اليهود"، مشيراً الى قيام البابا بزيارة متحف"ياد فاشيم"في القدس لضحايا المحرقة وبزيارة"حائط المبكى" حائط البراق حيث وضع ورقة طلب فيها المغفرة على ما تسببته الكنيسة لليهود. وقال الحاخام الأكبر السابق يسرائيل لاو إن التاريخ الحديث لم يعرف حبراً مناصراً لليهود مثل يوحنا بولس الثاني، مشيراً الى إسهامه في التنديد باللاسامية وباعترافه ب"حق الشعب اليهودي باستقلال سياسي في وطنه التاريخي بخلاف الموقف التقليدي للكنيسة الكاثوليكية". ابو مازن: رحيل البابا خسارة كبيرة لشعبنا واعتبر الرئيس الفلسطينيي محمود عباس أبو مازن في بيان نعي أصدره أمس رحيل قداسة البابا"خسارة كبيرة لشعبنا الذي ارتبط على الدوام بأقوى العلاقات والمواقف الصادقة قيادة وشعباً وقضية بقداسته"، وحيّا مواقف الراحل"الذي وقف على الدوام مع القضية العادلة لشعبنا، من أجل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف". واضاف البيان إن الشعب الفلسطيني سيحفظ على الدوام لقداسته مواقفه الشجاعة وزيارته التاريخية لوطننا فلسطين، واستقباله الدائم لقائد شعبنا الرئيس الراحل ياسر عرفات في الفاتيكان. وأقامت الكنائس في الأراضي المقدسة قداديس خاصة على روح الراحل وترأس البطريرك اللاتيني ميشيل صباح القداس الرئيسي في كنيسة البشارة في مدينة الناصرة. وقال في كلمته أمام حشود المصلين:"إننا نذكر الراحل حبراً رفع صوته مراراً وتكراراً في سبيل العدل والسلام في أرضنا. فتكلم في سبيل الأمن للشعب الاسرائيلي وتكلم بصورة واضحة وصريحة في سبيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال العسكري المفروض عليه". واضاف أن البابا حمل في زيارته الى المنطقة في العام 2000 رسالة سلام و"ما زلنا نرى صورته منحنياً على محنة الشعب اليهودي في حرب الإبادة النازية من جهة وفي جهة أخرى واقفاً بين جموع اللاجئين في مخيم الدهيشة يقول لهم إن آلامكم قد طالت وحان الوقت أن يوضع حد لها. وناشد الأسرة الدولية للعمل على تحقيق أمنيته لشعب فلسطين يتجاوز أخيراً ظلم الشعوب وينعم بحريته وكرامته"..