بعد تدفق الشركات الأميركية والأوروبية واليابانية والكورية إلى الصين، وعقدها شراكاتٍ مع المؤسسات المحلية طمعاً باقتطاع شريحةٍ من سوق السيارات الواعد في بلدٍ يصل تعداد سكانه إلى نحو 1.3 بليون نسمة ويشهد طفرةَ اقتصاديةَ، ها هي السيارات الصينية الصنع والتصميم "تسبح عكس التيار"وتنطلق نحو الأسواق العالمية لتلحق ببقية السلع الأخرى كالألبسة والإلكترونيات الرخيصة التي غزت الأسواق، وباتت تشكل خطراً على الصناعات المحلية في الدول كافةٍ. ما هي آفاق هذا التوسع وما هي ردود الفعل الأولية عليه؟ أوروبا: بدء التوزيع في منتصف العام الجاري بداية الفيض انطلقت في روسيا مع مجموعة "أيريتو" حيث أعلنت وكالة "انترفاكس" ان "أيريتو" وقعت عقوداً مع شركتي "كزينكاي" و"غرايت وول" الصينيتين للسيارات في 2004 ومع "تشاينا فيرست للسيارات" في أوائل 2005، لتصبح "الموزع الحصري" لسياراتها في روسيا. ومن المتوقع البدء في تسويقها في النصف الثاني من العام الجاري. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية ذكرت ان" وكلاء سياراتٍ روسٍ بدأوا ببيع طرازات "غرايت وول" الرياضية بسعرٍ أقل ب35 في المئة من نظيرتها الآسيوية الصنع". كما أشارت الصحيفة الى ان شركة "أوتو موتورز" مركزها جبل طارق تنوي إطلاق طراز "زنغهوا" الفاخر الذي تنتجه شركة "بريليانس القابضة" الصينية في السوق الألمانية ابتداءً من أيلول سبتمبر المقبل وسيتم عرض "زنغهوا" في معرض لايبزبغ الدولي للسيارات هذا الأسبوع لهذا الغرض. وستنافس هذه السيارة، بحسب المورّد الأوروبي، سيارتي "أوبل فكترا" و"فورد مونديو". الولاياتالمتحدة: انطلاق التوزيع في 2007 وعلى الضفة الثانية من المحيط الأطلسي، أعلنت شركة "فيجوناري فيهيكلز" الأميركية المؤسسة حديثاً، على لسان مؤسسها مالكوم بريكلين، أنها "وقعت اتفاقاً حصرياً مع شركة "شيري" الصينية للسيارات لتوزيع خمس طرازاتٍ صنعت خصيصاً للسوق الأميركية، ستباع ابتداءً من 2007 بسعرٍ أقل ب30 في المئة من نظيراتها". واضاف بريكلين ان "الطرازات ستنافس السيارات العالية الجودة كسيارة ليكزس التي تنتجها تويوتا اليابانية في أميركا". وتنوي الشركة بيع 250 ألف سيارة في السنة الأولى، وان تخصص نحو 200 إلى 250 مليون دولار للحملات الإعلانية التي سترافق إطلاق الماركة. وتوقع بريكلين ان يصل عدد التجار المنضمين إلى شبكة التوزيع الخاصة ب"فيجوناري فيهيكلز" إلى 250 موزعاً إذ "سيحصلون على 15 في المئة عائداتٍ من مبيع السيارات، وهو معدل أعلى من متوسط إيرادات القطاع". واعتبر "ان الموزع الأميركي الحذق لن يفوت فرصةً كهذه" وان "فيجوناري فيهيكلز" ستغير طبيعة سوق السيارات الأميركية "إلى الأبد". وهناك مشروعٌ طموحٌ آخرٌ لشركة "تشاينا موتورز" الأميركية مع ثلاث شركات صينية، كما ورد في الموقع الإلكتروني لصحيفة "يو إس آي توداي" الأميركية في حزيران يونيو 2004، هي "غرايت وول" و"زهايجبانغ غيلي غروب" و"زهونجزيغ"، حيث ستوزع "تشاينا موتورز" طرازاتٍ عدّةٍ من سيارات الركاب والشاحنات الصغيرة التي تنتجها الشركات الثلاث بأسعار تنافسية ستتراوح بين 9 آلاف و15 ألف دولار، بعد الحصول على موافقة السلطات على سلامة انبعاثاتها على البيئة. آسيا والشرق الأوسط: مصنع في إيران وآخر في مصر وذكرت صحيفة "بيبولز ديلي" الصينية في أيلول سبتمبر الماضي، ان شركاتٍ صينيةٍ عدّة تنوي التوسع خارج سوقها المحلي حيث وقعت شركة "شانغهاي" للسيارات، أكبر صانع سيارات في الصين، مذكرة تفاهم مع مقرضين لشركة "سانغ يونغ موتورز" الكورية لشراء 48.9 في المئة من أسهم الشركة، لتصبح شركة شانغهاي "أول صانع صيني يحصل على حصّة الغالبية في شركة سيارات أجنبية". وأشارت الصحيفة الى ان شركة "شيري" للسيارات ستبدأ إنتاج سياراتها في إيران بطاقةٍ سنوية تبلغ 50 ألف وحدةٍ بالتعاون مع شريكٍ محلي، كما تنوي شركة "زهونجزيغ" البدء في إنتاج شاحناتٍ صغيرة وسياراتٍ رياضية في مصانعٍ جديدةٍِ ستنشؤها في كلٍ من مصر وتركيا وفيتنام. واقع وآفاق صادرات المركبات الصينية وأشارت صحيفة "بيبولز ديلي" الصينية الى ان الصين صدّرت مركبات وقطع غيار بقيمة 3.5 بليون دولار في النصف الأول من 2004 ، بزيادة 62.2 في المئة عن 2003، امتصت أسواق أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا نحو 90 في المئة منها. كما استوردت الصين 97 ألف مركبة بقيمة 2.98 بليون دولار 67 في المئة منها سيارات مخصصة للركاب بقيمة 1.8 بليون دولار. وأضافت "بيبولز ديلي" انه من أصل 156 ألف مركبة تم تصديرها، خصص منها نحو 3400 فقط للركاب، والباقي شاحناتٍ مخفوضة الأسعار "ومركبات ذات أغراضٍ خاصة". ولفتت الصحيفة الى انه "من المتوقع ان تزيد صادرات السيارات الصينية بكمياتٍ كبيرةٍ ابتداءً من 2006 مع تحسن نوعية السيارات المصنعة محلياً وأسعارها لتناهز المعايير العالمية، خصوصاً ان الحكومة تشجع صادرات الشركات المحلية من خلال تقديم مساعداتٍ ماليةٍ لها. كما تسعى وزارة التجارة أن تدفع صادرات المركبات وقطع الغيار لتصل إلى نحو 70 بليون دولار سنوياً مع حلول 2010". كما توقع نائب رئيس "الاتحاد الصيني للصناعات الآلية" زهانغ كزياويو في شباط فبراير الماضي، ان يزيد إنتاج السيارات في الصين 20 في المئة في السنة الجارية ليصل إلى نحو 6 ملايين مركبة وان "تنافس الصينألمانيا على المركز الثالث عالمياً بعد الولاياتالمتحدةواليابان". ردود الفعل في الولاياتالمتحدة ويعتبر المحللون والنقاد الغربيون المتخصصون في السيارات ان نوعية السيارات الصينية الصنع أي دون التعاون مع شريكٍ أجنبيٍ ما زال مشكوكاً بأمرها وأن معظم طرزها مسروقةٌ من موديلات المصنعين الكبار، وان المشاريع المذكورة مجرد "فورةٍ" مرحلية و"لن تدوم". إذ شكك محللٌ في صحيفة "ديترويت فري برس" الأميركية المحلية، في مقالٍ بعنوان "السيارات الصينية الرخيصة قد تبقى حلماً"، بإمكان نجاح مشروع "فيجوناري فيهيكلز" الطموح القائم على تسويق 250 ألف سيارة صينية ابتداءً من 2007. وأعتبر ان "المسافة شاسعةٌ بين وضع خطةٍ والنجاح في تطبيقها" مشيراً الى ان "دخول السوق الأميركية ليس سهلاً" والدليل على ذلك فشل شركات أوروبيةٍ عريقةٍ مثل بيجو ورينو وفيات في الصمود أمام المنافسة القوية. وذكر ان شركة "سوبارو" اليابانية التي أطلق وكالتها بريكلين مؤسس "فيجوناري فيهيكلز" في 1971 في الولاياتالمتحدة باعت 200 ألف سيارة فقط في 2004، وان شركة "نيسان" اليابانية، التي انطلقت مبيعاتها في الولاياتالمتحدة منذ 41 سنةٍ، لم تتخطَ مبيعاتها إلى الآن المليون سيارة. وخالف الدخول المرتقب للسيارات الصينية الصنع إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، توقعات المحللين الأميركيين والصينيين السابقة. إذ استبعد المدير في شركة الاستشارات الأميركية المتخصصة في الأسواق الآسيوية "جي دي باورز وشركائها"، دينتون دانس، ان "تصل السيارات الصينية الصنع إلى الأسواق الأميركية قبل العقد المقبل، ريثما يكون حصل إشباعٌ في السوق الصينية المحلية"، كما ورد في موقع شبكة سي إن إن المالية في تموز يوليو 2004. وذكر دانس في وقتٍ سابقٍ رداً على الحديث عن مشروع شركة تشاينا موتورز ان "نوعية السيارات الصينية الصغيرة الحجم هي أربع مراتٍ أسواء من نظيراتها المصنعة في الولاياتالمتحدة أو اليابان". كما توقعت صحيفة "تشاينا ديلي" في أيلول سبتمبر 2004 "ان مصنعي السيارات الصينية سيحتاجون الى نحو خمس إلى عشر سنواتٍ بأقل تقديرٍ، قبل التواجد بقوة على الساحة الدولية بشكلٍ مستقلٍ أو ضمن شراكاتٍ" ورجحت ان يفشل عددٌ كبيرٌٍ منها بفعل المنافسة القوية". أخيراً، ذكر مقالٌ نشر في موقع صحيفة "ديترويت نيوز" المحلية الإلكتروني بناء الى نتائج إستطلاعٍ شمل 2979 شخصاً أجرته شركة أميركية متخصصة في الدراسات التسويقية لمعرفة "ردة فعل المواطن على دخول السيارات الصينية المرتقب إلى الولاياتالمتحدة في 2007"، ان هناك اهتماماً كبيراً بالسيارات الصينية الصنع في شريحة السيارات "المخفوضة السعر" إذ اعتبر نصف الأشخاص انهم قد يفكرون بشراء سيارةٍ صغيرةٍ صينيةٍ وان كانت جودتها "أقل" جودة من نظيراتها في السوق. وخلص الإحصاء الى انه"كلما ارتفع دخل الأشخاص وفضلوا السيارات الفاخرة الموجودة في السوق، أصبحوا أقل اهتماماً بشراء السيارات الصينية الفاخرة"، في حين أجاب كل سائقي الشاحنات الصغيرة الأميركية انهم "لا يكترثون أبداً لشراء الشاحنات الصينية".