حصد برنامج"المقال"الحواري الذي يعده ويقدمه الزميل داود الشريان، الجائزة الفضيّة في"مهرجان الجزيرة للإنتاج التلفزيوني"الذي نظمته قناة الجزيرة من 18 إلى 21 نيسان أبريل الجاري. ويستضيف البرنامج شخصيات سياسية يتناول الشريان معها الشؤون المطروحة على ساحة الشرق الأوسط. والبرنامج الذي تبثه"قناة دبي الفضائية"، يعد من البرامج السياسية اللافتة، ليس لأنه"عفوي"كما يصفه القيمون على القناة فحسب، بل أيضاً لاعتماده شكلاً مختلفاً من أشكال السيناريو في كل حلقة. وقد حقق داود الشريان من خلال البرنامج حضوراً مميزاً، واستطاع أن يستقطب أسماء عربيّة وعالميّة معروفة. وعن البرنامج يقول الشريان ل"الحياة":"الفكرة بدأت بطلب من القيمين على تلفزيون دبي. طُلب مني تقديم برنامج حواري سياسي". لم ينظر القيّمون على المحطّة إلى الشريان بصفته مذيعاً، ولم يهدفوا إلى تدريبه... فمنذ البدء أرادوه على سجيته، وتركوا له الحريّة في ادارة الحوار بالشكل الأنسب.. فإذا به يحاور ضيوفه كمن يناقش في جلسة حميمة. اقترح الصحافي المعروف فكرة يتميز بها عن غيره: أن يقدم مقالاً، هو بمثابة وجهة نظره، في نهاية البرنامج:"أنا لي رأي في النهاية... فلسفة البرنامج ترتكز على أن الحوار مصدر المعلومة. ربما يتفق المضيف مع الضيف، وربّما يختلفان". ويوضح الشريان:"عادة أميل إلى الجانب الضد، كي استنبط موقف محاوري، وأستفزه في شكل حيادي من دون أن أسيء إليه. لو أيدته في كل ما يقول، لتحول البرنامج إلى بيان". كان هدف الشريان الخروج من التقليد:"أحاول أن أجعل أسلوبي مختلفاً، وان أبتعد عن الصورة المشابهة". المشاهد أولاً يناقش الشريان القيمين على القناة وعائلته وأصدقاءه، ربما كما يناقش ضيوفه، كي يعرف ما الذي ينقص برنامجه في الحلقات المقبلة. ف"المشاهد هو من سيطور البرنامج، لا المعد ولا المقدم ولا حتى القناة". من ناحية ثانية، لا يكتب الشريان الأسئلة، مجرد رؤوس أقلام، فالأسئلة المعدة مسبقاً، في رأيه"تغتال الحوار". ابتعد الشريان من القضايا السعودية، فالقناة فضائية عربية، لكن ذلك لا يعني أن محبيه ومشجعيه السعوديين ابتعدوا منه:"أحاول أن أضع اهتمامات العرب على رأس المفكرة، لأن المتلقي بكل بساطة عربي، علماً أن أحداً لا يتدخل في اختيار الضيوف، أنا مسؤول عن رقابة برنامجي كما أنا مسؤول عن مقالي". في حلقة أول من أمس، استضاف الشريان النائب الكويتي وليد الطبطبائي الذي يمثل التيار الإسلامي، وهو أيضاً"رئيس لجنة حقوق الإنسان"في بلاده. الحلقة بدت كأنها لا تتحدث عن دولة الكويت فقط، لأنها ركزت على المرأة التي تغيب عن العمل السياسي في الكويت وفي المنطقة العربية، وإن كانت حاضرة في بعض الدول، وبالتالي تغيب عن برنامج الشريان الذي يركز على الشؤون السياسية في شكل رئيس. يقول الشريان:"أعترف بأن المرأة هي نقطة ضعف البرنامج، لكنها ستكون حاضرة في حلقات مقبلة، سأبحث عن المفكرة، أو على الأقل ستكون ضيفة كي تقول رأيها في غيابها عن العمل السياسي". لكن الشريان يعرف أن غياب المرأة عن برنامجه، سببه رأي وليد الطبطبائي ومن يتفق معه، و"هؤلاء كثر في منطقة الخليج تحديداً". ويضيف:"بدت الحلقة أقرب إلى"تلفزيون الواقع"، لأنها تتحدث عن البرنامج نفسه،"غياب المرأة عن العمل السياسي". وإذا بالحوار يترجم واقع مجتمع، وتركيبته... مادلين أولبرايت كانت الضيفة الأولى، طبعاً لأن مجتمعها يختلف". غير ان هذا كله لا يقف عائقاً أمام البرنامج. فعلى رغم أنه يعرض على قناة خليجية، فإنه حاضر في المغرب العربي، ومصر ولبنان وسورية..."ليس لأنه يستضيف مسؤولين من تلك البلاد فقط، بل لأنه مقال يكتب ورأي يستحق أن يناقش في صحف تلك الدول، خصوصاً حين يكون المستضاف منها". ويضيف الكاتب الصحافي السعودي متحدثاً عن نفسه:"داود الشريان ليس مذيعاً". لكنه مقدم ومحاور هادئ، يعرف كيف يثير كل ما يريد من دون أن تتقاذف الطاولات والكؤوس على الهواء مباشرة، ومن دون تشنج كي يرضى مشاهدون ويغضب آخرون... هو الآن كاتب مقال تلفزيوني. المشاهد يسمع رأياً من قلب الحدث على لسان شريانه ومحركه الرئيس - الضيف، لكنه ينتظر رأي كاتب المقال بعدما يكون استفز بسبب مغالطات أو لضغط المضيف على من يوافق وجهة نظره. وبعدها يقرأ الشريان مقاله. وينتهي العرض، ليبدأ بعدها صخب الاحتجاج ضد الشريان، أو ضدّ ضيفه، لكن ربما كانت الضجّة دليلاً على أن الصورة صارت أوضح وأنقى بعد كل حلقة من البرنامج. برنامج"المقال"يطفئ شمعته الأولى في تموز يوليو المقبل، لكن هل سيضطر داود الشريان إلى كسر التقليد، قبل أن يمل المشاهد الروتين؟ يسارع داود في الاجابة:"ربما سنتحدث عن صيغة جديدة: ضيفان أو أكثر... الكلام سابق لأوانه على أي حال". يكتب داود الشريان مقالاً يومياً في جريدة"البيان"الإماراتية. وقد عاد إلى الكتابة في"الحياة"كلّ أسبوع. وهو يرسم مقالاً تلفزيونياً كلّ يوم أحد... فهل سيملّ الشريان يوماً الشاشة الصغيرة، ويعود إلى"حبيبه الأوّل"، أي الصحافة المكتوبة؟ يرد باقتضاب:"هذا احتمال قائم".