قد يظن القارئ ان عمليات التجميل هي"تقنية"أو"موضة"طبية وافدة من الغرب، وسيفاجأ حتماً حين يعرف أن نشأتها فرعونية وهندية. فمن منا لم يرد إلى مسمعه ان الملكة كليوباترا كانت تستحم بالحليب لترطيب بشرتها وإضفاء الرونق على جمالها الذي"سحر"يوليوس قيصر؟ تطور هذه التقنية يشير مقال على الانترنت بعنوان"تاريخ جراحات التجميل"للطبيب مايكل سياشيني، العضو في مستشفيات كليفلاند الأميركية الجامعية، انه على رغم ان كلمة"الجراحة البلاستيكية"مصدرها كلمة إغريقية هي"بلاستيكوس"التي تعني"صنع قالب"أو"إعطاء الشكل"، إلا ان بدايات عمليات التجميل تعود إلى العصور الغابرة، إذ تحوي مخطوطة"أدوين سميث"الفرعونية المكتوبة على ورق البردى منذ 3 آلاف عام، أول شرح تناول عملية جراحية استخدمت لترميم جرح في الوجه وكسور في الأنف، وجاءت"مذهلة في دقتها العلمية". ويضيف سياشيني ان المخطوطات السنسيكريتية الهندية، التي تعود إلى 2600 سنة، تشير إلى تفاصيل عمليات ترميم للأنف والأذن واللثة بواسطة الأنسجة الحيّة. وفي القرن العشرين ساهمت الحربان العالميتان على رغم فظاعتهما، في تطوير تقنيات التجميل بفضل الجراحة الترميمية التي كان يجريها الأطباء في حينه على الجنود المشوهين. ازدياد"الطلب"عالمياً على رغم المضاعفات غير المستحبة، التي تؤدي إلى الموت أو التشوه في بعض الأحيان، والمثال الاهم على ذلك هو مغني البوب الاميركي مايكل جاكسون الذي خضع لعمليات لا تعد ولا تحصى، نجد ان هناك إقبال عالمي على وسائل التجميل التي لم تعد تقتصر على المشاهير من الفنانين مثل الفنانة اللبنانية صباح، أو حتى على السياسيين مثل رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني. ويعتبر الطبيب اللبناني الاختصاصي في جراحة التجميل والترميم سامي حلو انه أصبح بإمكان أي شخص ان يوفر جزءاً من مدخوله لأشهر عدّة وان يقصد الطبيب لأجراء عملية تجميل معينة، بفضل التقنيات الحديثة التي أصبحت تعطي نتائج جيدة دون الحاجة بالضرورة إلى اجراء جراحة. ففي الولاياتالمتحدة الأميركية وحدها، تم إجراء نحو 11.9 مليون عمل تجميلي بكلفة إجمالية بلغت 12.5 بليون دولار في 2004، بحسب إحصاءات"الجمعية الأميركية لجراحة التجميل التقويمية"، التي شمل استطلاعها نحو 14 ألف طبيب مختص، حيث الجراحة التجميلية شكلت نحو 18 في المئة من المجموع وكلفت نحو 7.7 بليون دولار، في حين شكلت العمليات التجميلية غير الجراحية التي يمكن إجراؤها في العيادات الخاصة نحو 82 في المئة من المجموع وكلفت نحو 4.7 بليون دولار، لتكون وسائل التجميل في الولاياتالمتحدة زادت بنسبة 465 في المئة منذ 1997 حتى 2004. دور لبنان ويقدر الدكتور سامي حلو ان لبنان يستقطب نحو 10 آلاف جراحة تجميل سنوياً. ويضيف ان نحو 30 في المئة من المراجعين هم من غير اللبنانيين، ويتوزعون على مختلف الدول العربية وحتى اللبنانيين في دول الاغتراب. ويشير الطبيب الياس شماس مدير عام وعضو مجلس إدارة"مركز الحازمية الطبي الدولي"في لبنان، وهو أول مستشفى متخصص في شؤون التجميل تأسس في 1999، الى ان المركز يستقبل نحو 140 عملية تجميل في الشهر، أي نحو 1680 سنوياً، ولديه 4 غرف عمليات و16 غرفة نوم خاصة، وان نحو 40 في المئة من زواره هم من غير اللبنانيين، معظمهم من الخليج. ويضيف شماس ان"جراحة التجميل في لبنان تكلف نحو خمس ما تكلفه في أميركا ونحو ثلث الكلفة في أوروبا"، في حين يستطيع الأطباء اللبنانيون، ومعظمهم تابع اختصاصه في أهم الجامعات العالمية،"إجراء أكثر العمليات تطوراً"، إذ تتوافر لهم التقنيات الطبية الحديثة في المستشفيات المحلية. ونذكر في المناسبة ان ظاهرة اللجوء إلى دول حيث الجهاز الطبي كفوء والعمليات أقل كلفة، تشمل الدول الأوروبية أيضاً. إذ نشر موقع"آي بي سي نيوز"الأميركي نقلاً عن وكالة"أسوشيتد برس"1-11-2004 ان المواطنين الأوروبيين أصبحوا يقصدون دولاً منضمة حديثاً إلى الاتحاد الأوروبي مثل بولندا والمجر"لإجراء عمليات التجميل التي تكلف نحو ثلث ما يدفعه المريض في ألمانيا مثلاً وتعطي النتيجة نفسها". السيدات سباقات والرجال لاحقون وما زالت السيدات تتربعن على عرش"وسائل التجميل"في أنحاء العالم. إذ شكلت النساء نحو 90 في المئة من مجموع الخاضعين لعمليات تجميل في الولاياتالمتحدة، وخضعن لنحو 10.7 مليون أجراء تجميلي في 2004، سواء كان في المستشفى أو في العيادات الخاصة، بزيادة 49 في المئة عن العام السابق. في حين شكل الرجال 10 في المئة من المجموع، أي خضعوا لنحو 1.2 مليون إجراء طبي، بزيادة 8 في المئة عن 2003. ومن الملاحظ ان عدد الذكور الذين يقبلون على هذه العمليات آخذ في الازدياد حتى في العالم العربي. إذ أشار الدكتور الياس شماس الى"ان نحو 30 في المئة من مجموع زوار المركز هم حالياً من الرجال"، ومعظمهم يجري عمليات لتجميل الأنف. وأشار سامي حلو الى انه"بفعل تغير وتيرة الحياة ونوعية الطعام المشبع بالدهنيات وقلة الحركة، نجد ان النساء والرجال على حد سواء بدأوا يعانون البدانة التي لا تقتصر سلبياتها على الناحية الجمالية بل تتعداها إلى مخاطر صحّية". وتابع انه بدأ يستقبل المرضى الذكور الذين لم يعودوا يترددون في زيارة الطبيب لإجراء تحسين معين في مظهرهم الخارجي منذ نحو خمس سنوات، وأصبحوا يشكلون اليوم نحو 15 في المئة من مجموع مرضاه. موقع إجراء العمليات أصبح تطور الوسائل الطبية واستخدام مواد جديدة وفاعلة، يسمح بإجراء معظم العمليات، مثل التخلص من الشعر الزائد، خارج غرفة العمليات في العيادة الخاصة للطبيب. وتشير إحصاءات"الجمعية الأميركية لجراحة التجميل التقويمية"الى انه تم القيام ب46 في المئة من إجراءات التجميل في الولاياتالمتحدة في العيادات الخاصة و29 في المئة في مراكز الجراحة المتخصصة وتوزع 24 في المئة منها على المستشفيات في 2004. الكلفة الاجمالية لبعض العمليات الجراحية التجميلية في الولاياتالمتحدة نوعر الجراحة معدل كلفتها معدل أجر الطبية الاجمالية بالدولار بالدولار شد الوجه 9000-5000 4900 تكبير الصدر 7000-5000 3400 شفط الدهون 10000-2000 2700 شد الوجه 12000-6000 5900 تجميل الأنف 12000-3000 4000 أكثر جراحات التجميل شيوعاً في الولاياتالمتحدة في 2004 نوع الجراحة عدد العمليات شفط الدهون 478000 تكبير الصدر 334000 جفن العين 290000 تجميل الأنف 166000 شد الوجه 157000 اجراء التجميل في الولاياتالمتحدة الاميركية 2004 2003 النمو$ عددها مليون 11.9 8.3 43 كلفتها بليون دولار 12.5 9.4 33 عدد عمليات التجميل 2.1 1.8 17 الجراحية مليون الاجراءات التجميلية دون 9.8 6.5 51 اللجوء الى عملية جراحية مليون عدد العمليات للسيدات مليون 10.7 7.2 49 عدد العمليات للرجال مليون 1.2 101 9