استعاد لبنان جروحاً لم تندمل بعد, برحيل النائب باسل فليحان بعد 64 يوماً على مصارعته الآماً لا تحتمل جراء الحروق البالغة التي اصيب بها جسده كله في الانفجار الذي استهدف موكب رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري. وفقد لبنان برحيل فليحان وزيراً ونائباً واقتصادياً لامعاً, جهد واخلص من اجل ارساء اسس اقتصادية سليمة تتيح للوطن النهوض من كبوته. وكان نبأ استشهاده اعلن من باريس حيث كان يعالج في مستشفى بيرسي من حروق اتت على اكثر من 90 في المئة من جسده. والفقيد من مواليد 1963 حائز شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولومبيا في الولاياتالمتحدة الاميركية, وشغل مناصب استاذ محاضر في الجامعة الاميركية في بيروت 1994-2000 ومساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي في لبنان1991-1998 ومدير مشروع البنك الدولي- برنامج الاممالمتحدة لاعادة تأهيل وزارة المال في لبنان1991-1993 ومستشار المدير التنفيذي لصندوق النقد1991-1993 وانتخب نائباً عن بيروت في دورة 2000 وكان عضواً في كتلة قرار بيروت. وخلال فترة توليه حقيبة الاقتصاد اتخذت اولى خطوات تحرير الاقتصاد اللبناني وتم توقيع اتفاق الشراكة الاوروبية الشرق الاوسطية الذي يعتبر مدماكاً في خطة الاصلاح الاقتصادي والتي تلحظ الغاء التعرفة الجمركية تدريجاً وفتح الاسواق. وهو متأهل من السيدة يسمى مسلم وله ولدان:رينا - نور وريان. ونعى الراحل رئيس الجمهورية اميل لحود الذي وصف غيابه بأنه"خسارة كبرى للبنان واللبنانيين نظراً الى ما يمثله داخل المجلس النيابي من حضور ومتابعة كونهما من خلال ثقافة جامعية واسعة اضاف اليها خبرة عالية في عالم الاقتصاد والتجارة والمال لا سيما خلال عمله في البنك الدولي والأمم المتحدة ومن ثم انتقاله الى لبنان فكان الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري, سواء في حياته العملية والنيابية ثم من خلال المسؤوليات الوزارية التي تحملها بجدارة وإخلاص وتفان وهي صفات طالما قدرناها بالنائب فليحان عندما تسلم حقيبة الاقتصاد والتجارة". وأضاف:"لا شك في ان لبنان رئيساً وشعباً الذي واكب فليحان بقلق خلال وجوده في المستشفى وصلى من اجل شفائه, يشارك ارملته وطفليه ووالدته وافراد عائلته وابناء الطائفة الانجيلية الكريمة حزنهم الكبير. ان لبنان يودع اليوم شهيداً آخر شكلت حياته نموذجاً للشباب اللبناني المندفع والمتفاني في خدمة وطنه ولا شك في ان الوفاء له يقتضي السير على الدرب التي سلكها من اجل وحدة لبنان وشعبه وتقدمه ورفعته وازدهاره". ونعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأعضاء المجلس الراحل فليحان. ورثاه بري في كلمة قال فيها:"عاش المعاناة كشهيد حي طيلة 64 يوماً، ومن قبيل الصدفة ان يفارق الحياة اليوم، في الذكرى التاسعة لمجزرة قانا التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية تحت علم الاممالمتحدة. اننا اذ ننوه بعصامية الزميل الراحل وبادواره البرلمانية والحكومية وبنشاطه السياسي في اطار الموالاة كما المعارضة، والتي كانت انموذجاً في الديموقراطية، فاننا نتقدم بالعزاء الى اسرته والى اهلنا في بيروت وكل لبنان وكتلة قرار بيروت والطائفة الانجيلية". وعبر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي عن المه البالغ"لاستشهاد فليحان بعد معاناة في المستشفى بفعل الجريمة البشعة التي اودت بحياة الرئيس الشهيد الحريري ورفاقه"، ورأى"ان غيابه يشكل خسارة كبيرة للوطن وللعمل السياسي والاكاديمي والمؤسساتي، لما مثله الراحل من خلفية انسانية ومهنية وبرلمانية وحكومية كانت موضع تقدير من الجميع". وأبدى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في بيان، ألمه لوفاة فليحان"بعد عذابات طويلة اثر اصاباته البالغة في حادث تفجير موكب الرئيس الشهيد الحريري"، داعياً الى كشف الحقيقة كاملة". ونعت عائلة الرئيس الشهيد الحريري"شهيد الوطن النائب الدكتور باسل فليحان الذي انضم بعد 64 يوماً على الجريمة الارهابية النكراء التي هزت لبنان والأمة العربية العالم الى قافلة الشهداء الأبرار الذين سقطوا فداء للوطن ولحريته واستقلاله وسيادته ونظامه الديموقراطي". ورأت"ان خسارة الشهيد باسل فليحان الذي كان رفيقاً وفياً وصديقاً مخلصاً للرئيس الشهيد رفيق الحريري تمثل بالنسبة الينا خسارة فرد من أفراد عائلتنا التي أحبها وأحبته وافتخرت به شخصية مميزة وكفية عملت الى جانب الرئيس الشهيد في أصعب الظروف في سبيل النهوض بلبنان وبناء مستقبل مزدهر لاقتصاده ولجميع ابنائه". واعتبرت غيابه"مناسبة لنتذكر جميعاً جسامة الجريمة الارهابية التي استهدفت وطننا في14 شباط ولتحميل كل من له علاقة بها تخطيطاً وتنفيذاً ومشاركة وتسهيلاً وتقصيراً مسؤولية العواقب المترتبة وملاحقتهم لانزال أشد العقاب بهم". ونعاه الرئيس سليم الحص فوصفه بانه"مثال في الأخلاق والمناقبية والاخلاص في حياته العامة والخاصة". ونعى سفير الولاياتالمتحدة في لبنان جيفري فيلتمان الوزير فليحان"باسمي وباسم حكومتي وسفارتي وكل الاصدقاء الاميركيين". وتابع:"بالطبع خسرنا العديد من الاميركيين في اعمال العنف ايضاً، ان اعداداً كبيرة من اللبنانيين ماتوا في لبنان في اعمال العنف سواء كنا نتحدث عن الوزير فليحان ام اللبنانيين الذين كانوا يعملون معنا او غيرهم من اللبنانيين، فان العديد قتل، وحان الوقت لان نتخطى تلك المرحلة من التاريخ اللبناني". كما نعت الفقيد الجامعة الاميركية, وقال نائب رئيسها الدكتور بيتر هيث": كان انساناً فذاً وملهماً جهد لخدمة الجامعة في لبنان والخارج وترك أثره في النسيج الاكاديمي للجامعة".