اختتم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي استشاراته مساء امس على بروز تعقيدات امام اخراجها الى النور، بعدما اعترض رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط على اسماء في مشروع التشكيلة الحكومية التي اعدها ميقاتي من 14 وزيراً على اساس ان تكون من الحياديين وغير المرشحين للانتخابات النيابية، لأنها اسماء منحازة وبعضها"ممسوك من الاجهزة او من جهات في السلطة قد تعوق تنفيذ التعهدات"التي قطعها ميقاتي للمعارضة. وترافق ذلك مع اعلان الوزير السابق بهيج طبارة ان وزارة الخارجية"تعد داخل غرف مغلقة آلية تعاملها مع لجنة التحقيق الدولية"وقوله ان الهدف"هو تحقيق ما عجزت عنه المحاولات عند مناقشة مشروع القرار في مجلس الامن لتقليص صلاحيات اللجنة الدولية ومنعها من القيام بعملها". ويتناول تقرير مبعوث الامين العام للامم المتحدة المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559، تيري رود - لارسن الى مجلس الامن اليوم تفاصيل ما نُفّذ وما لم يطبق منه، مستنتجاً ان القرار 1559 ما زال لم ينفذ بعد. ويعرض التقرير، بحسب مصادر الاممالمتحدة، الاحداث التي وقعت خلال فترة الشهور الستة الماضية منذ التقرير الاول الذي قدمه رود - لارسن الى مجلس الامن، بما في ذلك اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاها من تطورات على الساحة اللبنانية. وسيعيّن الامين العام كوفي انان شخصية غير سياسية هذا الاسبوع كرئيس او كمفوض عام يترأس"اللجنة المستقلة الدولية للتحقيق"في"العمل الارهابي"الذي أودى بحياة الحريري. وعلمت"الحياة"ان جنسية الشخصية المرموقة بلجيكية وان لهذه الشخصية خلفية قضائية وتحرية. كما علمت"الحياة"ان الامانة العامة تبحث في احتمال ايفاد بعثة تقويم الى لبنان للنواحي العملية والامنية للجنة، وذلك في غضون اسبوع بعد التشاور مع المفوض العام رئيس اللجنة. ولم تستبعد المصادر ان يتوجه المفوض العام نفسه الى لبنان للبدء في وضع التدابير اللازمة لعمل اللجنة وان تترافق زيارته مع بعثة التقويم. ويتزامن تعيين رئيس اللجنة بموجب القرار 1595 الذي اعطاها حق استجواب اي مسؤول وزيارة اي موقع مع تسلم مجلس الامن التقرير الثاني حول تنفيذ القرار 1559. وقد يحصل ربط بين القرارين عبر التقارير الى مجلس الامن، لكن لا رابط بين القرارين من حيث نصّيهما. وقالت المصادر المطلعة ان تقرير رود لارسن سيعرض"التقدم"الذي تم احرازه، لكنه سيتناول ايضاً ما يحول دون الجزم بأن ما أُحرز هو التنفيذ التام لمتطلبات القرار 1559. وبحسب التقرير فإن القرار 1559 يتناول الانسحابات السورية من لبنان، والسيادة اللبنانية وصلاحيات السيادة، وحل كل الميليشيات ونزع سلاحها. ولن يتمكن التقرير من اعلان ان سورية نفذت كلياً القرار 1559 لانها لا تزال في طور الانسحاب، ما لن يمكّن رود - لارسن من القول في تقريره ان سورية نفذت انسحاباً كاملاً وتاماً من لبنان، إلا انه سيسجل تعهدها الانسحاب التام والبرنامج الزمني الذي تسلمه من دمشق. وتوقعت المصادر أن يربط التقرير ايجابيات التعهدات باستنتاجات"فريق التحقق"الذي سيتحقق من الانسحابات بعد انتهائها، قبل ان يبلغ كوفي انان مجلس الأمن ان سورية نفذت القرار 1559 تنفيذاً كاملاً. وكانت سورية أرادت تأجيل موعد تقديم التقرير، لكن انان ورود - لارسن فضلا التمسك بالمواعيد التي حددها مجلس الأمن. ولا يقتصر التقرير على سورية والانسحابات، بحسب المصادر، اذ انه يتطرق الى السيادة والانتخابات بصفتها جزءاً من السيادة. وينص القرار 1559 على تأييد مجلس الأمن"بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية"و"يعلن تأييده لعملية انتخابية حرة ونزيهة"من"غير تدخل أو نفوذ أجنبي". ويدعو الى"حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها". وفي هذه المسائل سيفصل التقرير ما تم نفذ وما لم ينفذ بعد بصورة توضح ان القرار 1559 لم ينفذ كلياً بعد. ويزور لبنان اليوم وفد عسكري سوري كبير، يمثل قيادة القوات السورية العاملة في لبنان ويضم قائد جهاز الأمن والاستطلاع فيها العميد الركن رستم غزالة في جولة وداعية على لحود وبري وكرامي وميقاتي وقائد الجيش العماد ميشال سليمان. رثاء باسل فليحان وتزامن هذا التطور الذي يعقد عملية تشكيل الحكومة، مع اعلان وفاة النائب اللبناني باسل فليحان الذي اصيب بحروق خطيرة في انحاء جسمه، جراء الانفجار الذي استهدفه ورئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط فبراير الماضي، وهو كان يعالج في باريس منذ 64 يوماً. ونعى فليحان 41 عاماً الذي تميز بهدوئه وكفاياته العلمية والذي كان الشهيد الحريري يعتمد عليه في الكثير من المهمات الاقتصادية يوم كان وزيراً وفي فريقه المقرب منه، رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري وميقاتي وعائلة الحريري وكتلة قرار بيروت التي كان الشهيد عضواً فيها، اضافة الى قادة المعارضة الذين اجتمعوا في دارة آل الحريري للبحث في خطوات جنازة الشهيد فليحان. راجع ص 2 و3 ورثى فليحان كل من عضو لقاء قرنة شهوان شكيب قرطباوي، وعضو اللقاء النيابي الديموقراطي النائب باسم السبع والنائب مروان حمادة الذي تعهد ملاحقة من خطط ودبر ونفذ الجريمة، وعضو قرار بيروت محمد قباني، ثم الوزير السابق الدكتور بهيج طبارة الذي أشار الى محاولة وزارة الخارجية اللبنانية"تمييع القرار 1595 ووضع العصي في طريق قيام لجنة التحقيق الدولية بمهماتها توصلاً الى جلاء الحقيقة التي يطالب بها كل اللبنانيين". وقال:"اننا نحذر من التمادي في هذه المحاولة ونعتبر ان كل من يساهم فيها يضع اسمه على قائمة الاشخاص الذين ستطاولهم يد العدالة، كما ندعو رئيس الحكومة المستقيلة وأيضاً الرئيس المكلف الى التنبه الى هذا الامر الخطير، فالتاريخ لن يرحم، وإرادة الناس كذلك". ومع ان الرئيس المكلف ليس مسؤولاً عن تحركات وزارة الخارجية بعد، إلا أن تحذيرات طبارة جاءت في سياق مناخ يعيشه بعض قادة المعارضة، بأن بعض الاسماء المطروحة لهذه الحكومة تحظى بدعم الاجهزة الأمنية وان هذه الاسماء بلغت جنبلاط، بحسب مصادر مقربة منه، فتخوف من ان تتحكم الادارة السياسية القائمة حالياً في البلاد بعمل الحكومة العتيدة، تحت عنوان"الحياديين وغير المرشحين للانتخابات من اجل الالتفاف على تحقيق بعض مطالب المعارضة ومنها تسريع اجراء الانتخابات في موعدها"وغيرها من المطالب التي تعهد الرئيس المكلف تحقيقها، مما دفع جنبلاط الى اقتراح ان تشارك المعارضة في الحكومة وتسمي وزراء من اعضائها كي تراقب عملية تحقيق الاهداف التي من اجلها بدأت في تسهيل تشكيلها من طريق تسمية ميقاتي لرئاستها". لكن اقتراح جنبلاط لم يلق تجاوباً من جميع القوى الحليفة له في المعارضة. وذكرت مصادر المعارضة ل"الحياة"ان قادتها توافقوا على ربط موقفهم النهائي من المشاركة في الحكومة ومن منحها الثقة بالضمانات في شأن تنفيذ مطالبها فناقشوا الامر خلال لقائهم به امس. قضية قادة الاجهزة وعلمت"الحياة"ان ميقاتي اقترح بالنسبة الى تعليق عمل قادة الاجهزة الامنية، ان تقوم الحكومة الجديدة بتشكيلات في الاجهزة الامنية تقضي بنقل البعض، لكن المعارضين رفضوا الفكرة فوافق ميقاتي معهم على صيغة إعطاء قادة الاجهزة اجازة ادارية تحت عنوان التجاوب مع التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري. اما في شأن قانون الانتخاب فأبلغ ميقاتي نواب المعارضة انه سيتريث اسبوعين بعد تشكيل الحكومة قبل ان يقرر سحب"مشروع القضاء"، فإذا توافقت القوى الموالية والمعارضة على مشروع بديل يكون استغنى عن الخطوة، اما اذا لم يحصل توافق فإنه يسحب مشروع الحكومة السابقة ولديه افكار عدة لمشروع توافقي. وقال بعض نواب المعارضة انهم لم يحصلوا على جواب واضح عما اذا كان تعليق عمل قادة الاجهزة يشملهم جميعاً، وكذلك النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم. كما انهم لم يحصلوا على جواب نهائي عما اذا كانت الانتخابات ستجرى في موعدها اذ اكتفى ميقاتي بإبلاغهم انه سيسعى لاجرائها في اسرع وقت ممكن... وانتهى نواب المعارضة الى ربط موقفهم من الحكومة ورئيسها باصرارهم على تضمين بيانها الوزاري المطالب التي طرحوها وسبق ان تعهد بها الرئيس المكلف. وأدلى ميقاتي بعد انتهاء الاستشارات في المجلس النيابي مساء بتصريح استهله برثاء النائب باسل فليحان وقال ان الاستشارات ركزت كلها او في معظمها على الدعوة الى حكومة مصغرة والافضلية في عدم ان يكون احد من اعضائها مرشحاً للانتخابات و"ان يكون العنوان الاساس لهذه الحكومة اقرار قانون الانتخابات واجراء الانتخابات النيابية خلال المدة الزمنية الدستورية لأننا عندما نقول اجراء الانتخابات في اقرب وقت وفي اسرع وقت بدأ البعض يفسر ذلك بالمماطلة ويفسر ذلك بأنها مدة زمنية اضافية". وأضاف:"فور تأليف الحكومة سنقوم بكل الاجراءات اللازمة للإسراع باجراء الانتخابات وسنكون فريق عمل كمجلس وزراء ومجلس نيابي لأننا لا نريد ان نراوغ او نماطل في هذا الموضوع". التشكيلة الوزارية وعلمت"الحياة"ان الاسماء المطروحة لحكومة ال14 الآتية: عن السنة: نجيب ميقاتي، القاضي خالد قباني وفاروق جبر. عن الموارنة: جوزف شاوول، ميشال اده وفريدي باز او شارل رزق. عن الشيعة: محمود حمود، أسعد دياب ومحمد خليفة. عن الارثوذكس: الياس المر، جاك صراف او نقولا نحاس. عن الكاثوليك: الياس سكاف في انتظار ان يعطي جوابه النهائي. عن الدروز: عادل حمية، ولم يعط جنبلاط جواباً نهائياً بعد حول الموافقة عليه في انتظار جواب ميقاتي على مطالب المعارضة. عن الارمن: آلان طابوريان. وقالت مصادر المعارضة ان اركانها بعثوا برسالة الى ميقاتي عصراً بأنهم لم يكونوا مرتاحين الى أجوبته عن أسئلتهم حول موضوعي قادة الأجهزة وموعد اجراء الانتخابات.