وصف بعض الصحف الفرنسية المناظرة المسائية التي أجراها الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع عيّنة من 83 من الشباب في شأن الدستور الأوروبي الجديد، بأنها اتسمت بالتشوش. لكن هذا"التشوش"، يأتي في اطار الجدل على الدستور الذي سيطرح على الاستفتاء في فرنسا في 29 أيار مايو المقبل، وسعى شيراك عبر ساعتين متواصلتين الى توضيحه وتبسيطه. وجوهر ما قاله شيراك في معرض رده على الأسئلة المتعددة التي طرحت عليه هو أن العالم يتجه أكثر فأكثر نحو تبلور قوى كبرى، أبرزها الولاياتالمتحدة، وقوى كبرى نامية مثل الصين والهند وغدا، البرازيل وروسيا التي من غير الممكن مواجهتها فردياً. والسبيل الوحيد المتاح لأوروبا في برأي الرئيس الفرنسي هن العمل انطلاقاً من هذا الواقع لتعزيز صفوفها وتنظيمها، ذلك ان مكانتها في مواجهة القوى الكبرى متوقفة على ذلك، وان هذا التنظيم ممكن عبر الدستور الجديد الذي يحتوي على قواعد العمل المشترك لأوروبا الغد. وازاء الاستطلاعات المتكررة التي أشارت الى تفوق نسبة رافضي الدستور على نسبة مؤيديه، حرص شيراك على وضع الفرنسيين أمام مسؤولياتهم، موضحاً أن رفضهم للدستور سيؤدي عملياً الى وقف البناء الأوروبي وفرض المراوحة عليه لمصلحة الولاياتالمتحدة، والى اضعاف فرنسا. وأقر شيراك بأن نص الدستور الأوروبي، شديد التعقيد ويطغى عليه طابعاً تقنياً، مشيراً الى أن هذا لا يعني وجود نيات خفية عبر هذا التعقيد وان النص غير ليبيرالي مثلما يوحي به الأطراف الرافضة له وانه يهدف للتأسيس لأوروبا سياسية بموازاة أوروبا الاقتصادية من دون أن يؤدي ذلك لأي تجاوز لصلاحيات الدول. وأكد تكراراً ان لا داعي على الاطلاق للخوف من هذا الدستور ولا مما ستؤول اليه أوضاع فرنسا في حال اقراره، ذلك أن أوروبا ليست هذا"الوحش"، وأوروبا وبالتالي ما هو مطروح على الاستفتاء موضوع منفصل عن المشكلات الداخلية. وأشار الى أنه كان في إمكانه تجنب كل هذا الصخب، وإقرار الدستور الأوروبي في البرلمان الفرنسي المؤيد له بغالبيته، لكنه أصر على اسلوب الاستفتاء نظراً لأهمية الحدث ورغبته في اتخاذ القرارات عبر الاستفتاءات.