تشكيل النصر المتوقع أمام الاتفاق    تراجع أسعار النفط إلى 73.62 دولارًا للبرميل    الجبير ل "الرياض": 18 مشروعا التي رصد لها 14 مليار ريال ستكون جاهزة في العام 2027    محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    قراءة في الخطاب الملكي    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب عرب يعلقون على أحداث بارزة خلال العام 2005 سياسياً وثقافياً . من اغتيال الحرية في لبنان الى حركة "كفاية" في مصر ومقتل العقاد ... وفوز بنتر ب"نوبل" 1 من 2
نشر في الحياة يوم 12 - 07 - 2007

كاد الحدث السياسي يطغى على الحدث الثقافي في العام 2005 الذي نودّعه في منتصف هذه الليلة. الحدث السياسي في معانيه المختلفة، مأسوياً او نضالياً او ثورياً... لكن الطابع المأسوي غلب على مجمل ما شهد العالم العربي من وقائع وتحولات. يكفي تعداد الشهداء الذين سقطوا في بيروت وفي مقدمهم الرئيس رفيق الحريري الذي كان يمثل ظاهرة فريدة مهما احتدم الاختلاف حوله. سقط من بعده الكاتب الطليعي سمير قصير ويعد سقوطه خسارة فادحة في الوسط الثقافي اللبناني لما كان يمثل من صورة نادرة للمثقف الحديث والملتزم. ثم تبعه جورج حاوي المناضل والمفكر الشيوعي الذي كان يؤمن بالحوار والاعتراف بالآخر. ثم سقط الصحافي جبران تويني، صاحب الرأي الحر والجريء... خسارة فادحة تلو خسارة فادحة، وهي لا تعني لبنان فقط بل العالم العربي والمعترك الثقافي والإعلامي العربي.
في مصر كان حادث احتراق المسرح في بني سويف مأساة انسانية وثقافية مقدار ما كان ايضاً مأساة سياسية. وفي مقابل هذه المأساة انطلقت ظاهرة"كفاية"الحركة السياسية التي تجرأت على"الممنوع"وقالت كلمتها، في الشارع وفي البيانات وكسرت جدار الخوف الذي طالما فصل بين الشارع والسلطة.
حتى مقتل المخرج السينمائي السوري مصطفى العقاد لم يخل من البعد السياسي. وبدت"مفارقة"هذه الجريمة غاية في الغرابة: من حقق اجمل فيلم عن رسالة الإسلام سقط ضحية الإرهاب الأصولي الذي لا علاقة له بالإسلام الحقيقي.
وكذلك فوز الكاتب البريطاني هارولد بنتر بجائزة نوبل هذه السنة بدا سياسياً أو شبه سياسي. فهذا الكاتب الجريء لم يتوان عن مهاجمة حكومة بلاده ورئيس الحكومة وكذلك رئيس الولايات المتحدة، جهاراً وبلا تردد أو خوف.
السياسة اذاً، حيثما أجلت نظرك وحيثما أصخت السمع وأياً ما قرأت! طوال هذا العام المنصرم، بدا صعباً وشبه مستحيل الفصل بين الثقافة والسياسة، الثقافة في معناها"الأوتوبي"والسياسة في معناها المتعدد، سلباً وإيجاباً. لكن حصيلة"الصراع"بين هذين القطبين لم تكن لمصلحة الثقافة ولكن ليس لمصلحة السياسة ايضاً.
مشهد مضطرب، ثقافياً وسياسياً، عربياً وعالمياً. العراق ما برح أشبه بالمذبحة المستمرة، فلسطين ما زالت تعاني ما تعانيه منذ سنوات، لبنان يتخبط في مأساته الداخلية، سورية محاصرة بالاتهامات والشكوك... ناهيك بما تشهد بقاع من الأرض من مآس طبيعية وبيئية: تسونامي، ريتا وكاترينا... اعصارات ضربت بشدة وحصدت قتلى لا يحصون. ثم مأساة كشمير وأخيراً اليمن... حتى الأرض اضطربت هذا العام وكأن لم تكفها المآسي اليومية والمجازر والاغتيالات.
غير ان هذا العام السوداوي المزاج لم يخل من احداث ثقافية وأدبية وفنية. لكن الذاكرة غير قادرة على استعادة تلك الناحية المشرقة التي كادت ظلمة القتل ان تطغى عليها! انه القلق الذي يسود القلوب والعقول والنفوس. القلق على المصير والقلق على الحاضر وعلى الثقافة والأدب والفن، لا سيما في عالمنا العربي حيث يبدو التراجع واضحاً، التراجع على مستويات عدة...
قد يبدو التشاؤم عشية انصرام عام وحلول عام آخر ضرباً من العبث واليأس. ولكن مهما حاول الجميع ان يتفاءلوا فهم يعجزون عن تبرير تفاؤلهم. بل ان التفاؤل في مثل هذه الأجواء القاتمة قد يغدو بدوره امراً مستهجناً.
ولكن لنتفاءل، على رغم كل هذا الحزن وهذا الخوف وهذا اليأس.
وإمعاناً في التفاؤل، كان لا بد من توجيه سؤال الى بعض المثقفين العرب في شأن العام الذي ينصرم الليلة: أي حدث، سياسي او ثقافي استوقفك، هذا العام، ايها المثقف العربي؟
جورج قرم: اغتيال الحريري... والعنف المستشر
الأحداث التي أثرت فيّ كثيرة وكان ابرزها، على الصعيد اللبناني اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وعلى الصعيد الإقليمي تصاعد العنف في فلسطين والعراق الذي ما زال جرحاً ينزف، اما على الصعيد الدولي فثمة حدثان واحدهما سلبي والآخر ايجابي. الأول يتمثل في تطور خطاب بوش نحو مزيد من اختراق الحضارات بحجج محافظة الإرهاب، وإعطاء الإرهاب لوناً عربياً وإسلامياً يوازي جرائم هتلر. اما الثاني فهو موقف روسيا والصين في مجلس الأمن من القرار 1644، فللمرة الأولى تلقى الولايات المتحدة معارضة من قوتين كبيرتين.
وإن كانت الغصة على العام 2004 حين صدر القرار 1959 من دون أي نظرة واضحة من الدول التي بادرت الى طرحه وكان برعاية عربية لم تمح بعد، فالأسف في الپ2005 على حكومة اثبتت عدم قدرتها على تحقيق استقلال لبنان الحقيقي وإخراجه من وصاية لتدخله في أخرى وهذا ما زاد الأمر سوءاً. لبنان
زاهي وهبي: مصالحة مع الموت... والحياة
الحدث الذي اثّر فيّ والذي سيبقى ذكرى موجعة من العام 2005، هو اغتيال الرئيس رفيق الحريري. أثّرت فيّ هذه الفاجعة كثيراً أولاً كإنسان وثانياً كمواطن لبناني وثالثاً كوني كنت قريباً من هذا الرمز الذي عرفته من وراء ستار السلطة والمال والجاه كما عرفته أباً وأخاً وصديقاً. فهذا الإنسان كان نادراً في صفاته وأسلوب عيشه. قبل 14 شباط فبراير كنت انساناً وبعد 14 شباط اصبحت انساناً آخر. فقد تصالحت مع فكرة الموت مثلما تصالحت مع فكرة الحياة، اصبحت النظرة إليهما اشد عمقاً ومعنى، وازداد زهدي اكثر في بعض الأمور الحياتية. إلا انني وفي الجانب الروحي والإنساني شعرت في حاجة ماسة الى حنان العائلة والعيش قرب شخص احبه، وأن يكون لي ولد ربما لأحتمي به أو لأجل الاستمرار. فبعد استشهاد الرئيس عدلت كثيراً عن فكرة ترددي عن الزواج وقررت العيش مع من أحب والاستمرار من خلال زوجتي او ابني.لبنان
كاظم جهاد: سمير قصير وتسونامي
بين الخسارات الإنسانية التي عشناها في العام 2005، يظل مصرع صديقي سمير قصير، شهيد حرية القلم واستقلال لبنان، هو الحدث الأكثر ايلاماً واستدعاء لغضب هيهات أن يهدأ. بين الكوارث الطبيعية، كان تسونامي ذروة الهول. العراق
ألكسندر نجار: فاجعات أوقفت قلمي عن الكتابة
لم يقل حدث اغتيال الرئيس رفيق الحريري أهمية عن غيره انسانياً ووطنياً. إلا ان اغتيال كل من الصحافيين سمير قصير وجبران تويني ترك اثراً عميقاً في القلب. التقيت سمير قصير قبل يوم من اغتياله وجبران التويني شاركته قبل اربعة ايام حفلة تكريم والده الكاتب غسان تويني في باريس. فكم مؤلم موت شخص رأيته قبل موته بأيام، ما يجعلك تشعر انه يمكن القضاء على شيء في لحظة، ويمكن سعادة الإنسان ان تنقلب تعاسة في لحظة.
على صعيد آخر، ترك حدث اغتيال الرئيس الحريري اثراً لا يمكن نسيانه اذ ان وفاة الحريري لم تذهب سدى بل انقلبت على المجرمين وشكلت نقطة انتفاضة للحرية واللحمة اللبنانية انطلقت نحو هدف وطني واحد محدد.
هذه السنة كانت مأسوية محلياً وإقليمياً ودولياً، لا سيما موت البابا يوحنا بولس الثاني. وأوقفت فاجعاتها قلمي عن تدوين يوميات وهي لا يطلق عليها سوى عنوان"السنة الرهيبة"وهو عنوان كتاب للأديب الفرنسي فيكتور هوغو. لبنان
ريمون جبارة:اتذكر الشهداء العاديين
مثل كل اللبنانيين كان وقع الاغتيالات رهيباً في وجداني وخصوصاً اغتيال من كانت تجمعني به علاقة صداقة كجورج حاوي وسمير قصير وجبران تويني. إلا ان مقتل المرافقين والأشخاص العاديين حسرة أحملها في قلبي من العام 2005. حزنت كثيراً على اولئك الذين قتلوا مع الشخصيات. وفي جانب آخر زادتني هذه الأحداث قناعة كبيرة في ان هذا الشعب لا يتقدم بل يعود الى الوراء. لبنان
قاسم حداد: الحدث اللبناني
أكثر ما لفتني خلال العام 2005 هو الحدث اللبناني. لقد هزّني مسلسل الاغتيالات وبتّ قلقاً على لبنان الذي أحبه. انه حدث عربي بل في صميم عالمنا العربي. ولا أخفيك انني أتابع اخبار لبنان حرفاً حرفاً. البحرين
فخري صالح: التفجيرات و"زهر"محمود درويش
الأحداث السياسية التي استوقفتني خلال العام الفائت أتوقف عند أحداث التفجيرات الإرهابية في العاصمة الأردنية عمان، وأحداث اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، وزعيم الحزب الشيوعي السابق جورج حاوي، والصحفيين سمير قصير وجبران تويني، ومحاولة اغتيال المذيعة اللبنانية مي شدياق. وعلى الرغم من اختلاف طبيعة هذه الجرائم إلا أن ما يجمعها هو عقلية الإقصاء والتسلط واحتكار الرأي والرغبة في تكميم أفواه الناس وسوقهم قطعاناً فيپ إطار الفكر التكفيري أو سجن الدولة الاستبدادية العربية، لا فرق، فهما وجهان لعملة واحدة. من قتلوا الأبرياءپ في عمان، وضمنهم المخرج الكبير مصطفى العقاد، أرادوا أن يحتكروا الحقيقة لأن الآخرين لا رأي لهم، ومن قتلوا الحريري وقصير وتويني وحاوي أرادوا أن يكمموا الأفواه ويسكتوا الأصوات الحرة الجريئة التي قالت لا للاستبداد والهيمنة والفساد.
أما الأحداث الثقافية التي أستوقفتني عام 2005 فيأتي على رأسها فوز المسرحي البريطاني هارولد بنتر بجائزة نوبل للآداب والذي أسهم موقفه السياسي الجريء من التحالف الأميركي البريطاني في الحرب على العراق في فوزه بلا أي شك، فهو ينطق بلسان أوروبا الراهنة المستاءة من الهيمنة، ولنقل البلطجة الأميركية. صحيح أن بنتر مسرحي كبير، يقترب في أهميته من كتاب كبار مثل صمويل بيكيت ويوجين يونسكو، إلا أن علاقة السياسي والثقافي في جائزة نوبل للآداب قرّبه من نيل الجائزة في اللحظات الأخيرة قبل الإعلان عنها كما يبدو.
الحدث الثقافي العربي الذي لفت انتباهي هو صدور مجموعة محمود درويش"كزهر اللوز أو أبعد"، وهي تكرس درويش مرة ثانية وثالثة ورابعة.. مجدداً كبيراً في الشعرية العربية المعاصرة، إذ يستل من الإيقاع جمالياته ومن قصيدة النثر هدوءها ويوميتها وقدرتها على التقاط مفاصل الحي والغامض في الحياة المعاصرة. لقد أعطى درويش مرة أخرى مثلاً للشاعر المجدد الذي لا تخبو شاعريته ولا يزول قلقه الإبداعي الدائم. الاردن
عيسى مخلوف: القتل!
القتل. نعم، القتل هو الحدث الأبرز لهذا العام. وهو الذي حجب بدخانه الكثيف المشهدَ العام بأكمله. القتل المتسلسل، سواء كان هناك لائحة بأسماء المحكوم عليهم بالإعدام أم لم يكن. القتل الهمجي الذي يدوزن متفجراته: جبل متفجرات لاغتيال رفيق الحريري، ومئات الغرامات لقتل سمير قصير وجورج حاوي، ولفسخ جسد مي شدياق إلى قسمَين، وسيارة مفخخة لجبران تويني. القتلى الأموات والقتلى الأحياء الذين يتكاثرون مع كل جسد يتطاير أشلاء، لأنه في عيوننا يتطاير وفي أجسادنا وفي هذا المدى اللبناني الذي أصبح أرضاً للخوف والموت. في هذه الساحة اللبنانية التي تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية، مع مصالح طوائف القرون الوسطى، تجار الجثث والدم. لبنان
ياسين الحاج صالح: الاغتيال والانسحاب
هناك سلسلة من الأحداث المهمة يصعب الفصل بينها جرت عام 2005. أولها اغتيال الرئيس الحريري المرتبط هو ذاته بالتمديد للرئيس لحود والقرار الدولي 1559 في خريف 2004"وثانيها الانسحاب العسكري السوري من لبنان، وقد اكتمل في 26 نيسان"وثالثها التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس الحريري واعتقال جنرالات لبنانيين واستجواب نظراء سوريين لهم. بين الثلاثة أعطي أهمية أكبر للانسحاب السوري الذي وضع حداً لثلاثة عقود، كان يمكن أن تتمادى، من النفوذ السوري المميز في لبنان، نصفها ولاية كاملة فيه وعليه. هذا لأنه الأخصب، وإن لم يكن الأكثر درامية. أعني أن له ما بعده من ارتدادات بعيدة الأمد وتفاعلات عميقة وطاقة تغييرية كامنة.
من وجهة نظر تاريخية، قد نرى يوماً أن الانسحاب العسكري السوري من لبنان فتح أبواب سوريا على التغيير. وأعتقد أن اقتران النفوذ والهيمنة السورية في لبنان واستقرار الحكم السوري 35 عاماً ليس أمراً عارضاً. وبالعكس، سيرتبط ارتفاع الوصاية السورية عن لبنان الجار الصغير بتخلخل شروط استقرار النظام الداخلية أو بتغير جوهري فيها.
تركي علي الربيعو: الطبيعة في مواجهة المسوخ
كنت على قناعة بأن الألفية الجديدة لن تكون سعيدة، وأن البشرية لن تبلغ سقف التاريخ الذي بشر به فوكوياما، الذي يتعايش فيه الذئب والحمل كما تقول الأساطير القديمة. فسرعان ما تبين للجميع ان سقف التاريخ الذي تتبوؤه القبيلة الأميركية الشقراء مسكون بكل المسوخ وديناصورات الحديقة الجوراسية التي من شأنها ان تكتب نهاية التاريخ ونهاية الإنسان والطبيعة معاً. من هنا يمكن القول ان العلامة الفارقة للعام المنصرم تمثلت في ثورة الطبيعة رداً على هواة الغولف والمسوخ التي تعبث بالطبيعة، فمن تسونامي الى اعصاري كاترينا وريتا الى زلزال كشمير الذي ما تزال ارتداداته سارية المفعول، ثمة إشارة واضحة الى أن عصر المراهقة التكنولوجية الذي يمهد للتلاعب بالإنسان والطبيعة معاً، اصبح كارثياً ما لم تتضافر جهود كبيرة لإنقاذ البشرية والطبيعة معاً. فالتلاعب بالجينات الوراثية وكشوفات الخلايا الجذعية من شأنه حقاً ان ينتج مسوخاً جديدة، كذلك فإن العبث بالطبيعة، بغلافها الجوي كذلك من خلال التفجيرات النووية التي قيل إنها وراء اعصار تسونامي وانحراف الكرة الأرضية عن مسارها، كل ذلك من شأنه، ان يبيّن المدى الخطير الذي ذهب إليه انسان الألفية الجديدة في تدميره للطبيعة، وللعلاقات الإنسانية كما تجلى في اعصار كاترينا حيث سقطت الكثير من القيم الإنسانية على جذع الإنسان ذي البعد الواحد؟ سورية
أنيس الرافعي: كفاية المصرية
في تقديري الشخصي، إن أهم حدث ثقافي / سياسي بصم سنة 2005 هو ظهور حركة"مثقفون من أجل التغيير"على هامش الانتخابات الرئاسية في مصر. هذه الحركة ضمت بين صفوفها نخبة من الأدباء والمفكرين المصريين المستقلين الذين حاولوا نفض الغبار عن مفهوم الالتزام في الألفية الثالثة وإعادة الاعتبار الى الأدوار الطليعية التي يمكن أن تضطلع بها الانتلجنسيا في تحديث بنيات الدولة التوتاليتارية وإضفاء الطابع الديمقراطي على طريقة سوسها المواطنين.
وأحدس أن انبثاق هذه الحركة التنويرية في ظل زمن كانت"يافطته"العريضة"الاستقالة الجماعية للمثقف من الشأن العام"هي الحدث الأبرز والشاخص في هذا العام المنصرم لأن عدواه تأكيداً ستستشري في جغرافيات عربية أخرى. ومن المؤمَّل أن تفضي إلى ظهور"أخلاقيات مسؤولة"حسب مفهوم ماكس فيبر جديدة لدى النخب الثقافية، النخب التي ستقود في السنوات المقبلة كل حركات الاحتجاج الاجتماعي داخل الدول العربية. المغرب
سعد سرحان: اغتيال الحريري وعولمة العدالة
اعتقد أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان حدثاً كبيراً. إنه حدث مؤسف وخطير قبل أن يكون مهماً من حيث تداعياته الكبيرة. فاغتيال الحريري فتح الباب على مصراعيه لتكريس مفهوم"عولمة العدالة". في السابق كان الكثير من الرموز يختفون أو يغتالون من دون أن يحظى الأمر بأية متابعة خصوصاً حينما تكون السلطة السياسية في بلد الرمز المغتال أو المختفي غير متحمسة لمتابعة الموضوع. وهكذا فقدنا المناضل المغربي المهدي بن بركة، والتونسي فرحات حشاد، والليبي منصور الكيخا من دون أن يحظى الأمر بأية متابعة جدية. اليوم حدث تحول أساسي. فأميركا وألمانيا والقاضي ميليس والمنتظم الدولي صاروا جميعهم طرفاً في قضية اغتيال رفيق الحريري. المغرب
سيف الرحبي: مناخ كابوسي
من فرط كثافة الاحداث الكارثية غالباً وزحمتها، لا يكاد المرء يستطيع تعيين حدث بعينه. كل حدث يكاد يمحو اسم سابقه، لتكون المحصلة هذا المناخ الكابوسي الدامي الذي يلف العالم المعاصر. كوارث الطبيعة، زلازل وفيضانات وأوبئة، من تسونامي حتى زلزال البارحة، لا اذكر في أي مكان من هذا العالم المدلهم.
كأنما الارض ضجرت من البشر وخطاياهم وشرورهم وآثامهم الفظيعة فراحت تنتقم على طريقتها الخاصة، حروب تدور على الارض وأخرى تلوح بوارقها في الافق وللأرض العربية منها النصيب الاكبر. حروب لا تفعل في تناسلها هذا، إلا تكريساً لدورة العبث العنيفة وتعميقاً لهذا الحطام.
أصدرت أكثر من كتاب، اذ ليست الكتابة إلا تسلية في المعنى النبيل. ولفت نظري هذا العام اكثر من كتاب، هناك كتب مهمة لكتّاب عمانيين، مثل رواية"الوخز"لحسين القبري، وكتاب محمد المحروقي حول سيرة"تيبوتيب"وهو اللقب الذي أطلقه الانكليز على المقام العماني سالم المرجبي الذي قاد جيشاً في أدغال افريقيا وأخضع معظم ممالكها لسيطرته ونفوذه. وهي سيرة غرائبية يلتبس فيها الواقع مع البعد الاسطوري وهناك ديوان شعر بعنوان"هذا الليل لي"لهلال الحجري... ومن الكتب العربية والاجنبية اذكر"منديل عطيل"على رغم ان هذا الكتاب صدر قبل سنوات، لكن قراءتي له جاءت متأخرة. فالشاعر يرصد في هذا الكتاب صيرورة الزمن التدميرية من تفاصيل الحياة اليومية في المقاهي والأماكن الهاربة باستمرار من ذاكرة متعبة. الأعوام تترى على صفحة الصحيفة ولم يبث شيء نتطلع اليه إلا نزهة على شاطئ هذا البحر او الاعجاب بتلك المرأة التي ستتركنا بعد قليل وجلسة حميمة مع صديق. عمان
جمانة حداد: سنة المأساة
أحمل من العام 2005 ذكرى ألم ووجع لاغتيال الصحافيين سمير قصير وجبران تويني. هذان الحدثان جعلاني أتأكد اكثر فأكثر وفي شكل قاطع انني فعلاً ضد فكرة الأوطان والجذور. العام 2005 هو عام المأساة والانطباعات السيئة. لبنان
محمد علي شمس الدين: اغتيال الحرية
اغتيال الحرية في لبنان، من الرئيس رفيق الحريري الى سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني. انه الحدث الابرز: الاغتيال. سيادة القتل: هذه هي القصة، لا أكثر ولا اقل. قلقنا كلبنانيين هو قلق كبير: ما المصير؟
وأقول: لا بد من ان يثمر هذا الدم المراق على مذبح الحريات. لبنان
سعدي يوسف: فوز هارولد بنتر
لن أتحدث في السياسة. الحدث الذي استوقفني هو فوز الكاتب البريطاني هارولد بنتر بجائزة نوبل. انني احب هذا الكاتب. قرأته سابقاً وأقرأه باستمرار. وفوزه بهذه الجائزة يؤكد ان ما زال في العالم عدل.العراق
طالب الرفاعي: مقتل مصطفى العقاد
أكثر حدث أثر بي هذا العام هو مقتل مصطفى العقاد في شكل وحشي. هذا المخرج القديم الذي اوصل رسالة الاسلام الى العالم مات قتلاً في انفجار ارهابي.
ومن ناحية ثانية اثارت فضولي ظاهرة هاري بوتر، وليت الناشرين العرب يتعلمون من هذه الظاهرة كيف يتعاملون مع أدب الاطفال. الكويت
أحمد معلا: آمال ومخاوف
في الموسيقى تبدو الإيقاعات السرية اكثر قابلية للحفظ، للفهم وللاستيعاب، بينما تتراجع الموسيقى البطيئة الاداجيو الى موقع الغموض، حيث يكون الإيقاع متباعداً، مما يدفعنا الى استخدام أدوات العقل بحثاً عن وعيه.
سقت هذه المقدمة لأتمكن من الإجابة عن سؤال حول الحدث الأكثر لفتاً للانتباه في 2005. وإذ يتجسد الحدث كاصطدام، كتقاطع، كاحتكاك ضارٍ، ويبدو كأمر غير واقعي، غير قابل للتصديق،"خارج عن السياق"، مع انه ما كان ليحدث لولا توفر المعطيات والمواد الأولية.
سورية لبنان/ لبنان سورية: يكون الحدث نهاية لصيرورة، يكون الحدث بداية لتفاعلات، يصير الحدث بداية، يصير نهاية. أما بالنسبة لي فإنني أرقب شريط حياة الحدث المديد، حيث انتقل في الزمن مسافة تسمح بتحقيق موقع يمكنني من مراقبة الحدث في اتساعه.
بعيداً من القتل، من الثروة ومن الفقر، بعيداً من الشوفينية، الطائفية، القبلية، الحزبية... دونما القلق الأولي، وبوجع يرفع الاهتمام، أرقب الذاكرة اللئيمة، الانصياع الحاقد، الاندفاع المريض الى فم الجحيم. رعب وشهوة، اختلاط آمال ومخاوف، جرأة الأخوة المجانية. هو اياه، حدث لا نزال في دورته، حدث يمتد بنا الى الانهراس بالاسنان الصدئة القوية، لتاريخنا ودواتنا الحياتية اليومية، التي لم نتمكن من الجرأة مع مكاشفة بعضنا البعض بها. سورية
ليلى العثمان: من أين ياتي الفرح؟
يأتي السؤال عجولاً لكنه غير مفاجئ. لكنني في هذا العام بالذات أشعر ان الاقدار لم تنصفنا ولم توازن بين الفرح والحزن. انحسرت الافراح عن هذا العام وتناوبت علينا المآسي العربية والعالمية. وحين جاء السؤال جلست في محاولة لقطف شيء مفرح فلم أجد غير لحظتين هتفت بهما من الفرح: لحظة رؤيتي لصدام حسين مغلولاً بالسلاسل، ولحظة حصول المرأة الكويتية على حقها السياسي. اما عدا ذلك فكلها احداث مؤلمة ولا يزال القلب ينزف من أثرها. الفاجعة الكبرى هي استشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي ذكرني بوفاة الرئيس جمال عبدالناصر. ثم جاء استشهاد الكاتب سمير قصير والصحافي القدير جبران تويني وغيرهما. وما بينهما كانت التفجيرات المتوالية في لبنان الغالي الذي لم يكن عامه المنصرم الا عام الحزن والألم. اما على صعيد العالمي فيصعب قطف لحظات مفرحة فالمآسي تلاحقت: كانت كارثة تسونامي أكبرها، ثم توالت الزلازل التي هزت أكثر من منطقة في العالم وتسببت بوفاة آلاف البشر. من أين يأتي الفرح اذاً؟ وهل سيكون العام الجديد شبيهاً بالذي مضى؟ تريدون الحق، لست متفائلة به. الكويت
عائشة البصري: محمد مفتاح والماغوط ودرويش
في غمرة الضجيج والصخب الإعلامي ودموية الأحداث والكوارث الطبيعية، نكاد ننسى ما مر بنا خلال السنة من أحداث ثقافية. بل تختلط علينا الأحداث، بين حدث يصنع المستقبل فوز كاتب بجائزة وحدث يدمر إنسانيتا ويوقف نبض الحياة موت مخرج سينمائي بحجم مصطفى العقاد... ومع ذلك فقد لفت انتباهي حدث ثقافي قريب في الساحة الثقافية العربية، هو فوز الناقد والأكاديمي المغربي محمد مفتاح بجائزة العويس في حقل الدراسات الأدبية والنقد.
مثل هذا الحدث لا يمكن أن يمر - بالنسبة لي على الأقل - مروراً عابراً. فمحمد مفتاح رجل شيد مشروعه النظري والنقدي في صمت، وجسّد نموذج المثقف العصامي الذي انتقل من تكوين تقليدي إلى تكوين أكثر حداثة عبر امتلاك عميق للمرجعية الفرنسية والأنغلوساكسونية.
انها المرة الأولى التي تنفتح فيها جائزة لها مصداقية في العالم العربي على مثقف مغربي إذ ظلت هذه الجائزة مشرقية على مستوى التوجه والاختيارات، وهو أمر كان محط ملاحظة أبداها عدد من المثقفين المغاربة.
ولئلا أكون غريبة عن هاجسى الشعري لا بد من أن أشير إلى حدثين آخرين: فوز الشاعر محمد الماغوط - بعد انتظار طويل - بجائزة العويس للشعر للشاعر محمود درويش الجديد"كزهر اللوز أو أبعد". المغرب
بنعيسى بوحمالة: انتفاضة الضواحي
ربّما كانت انتفاضة ضواحي المدن الفرنسية أبرز حدث سياسي واجتماعي دولي بصم عام 2005. فعلى فداحة الهزات الطبيعية وهول مخلفاتها الكارثية، من مثل تسونامي وكاترينا، ليس هناك ما هو أبقى أثراً من الارتجاجات البشرية، من الهبّات المجتمعية العاصفة هكذا على حين غرّة، ومن حيث لا تحتسب المخيّلة السياسية التي يلذّ لها ثبوت الأشياء وسكونيتها، لغضب البشر وحنقهم، ولتعبيرهم العنيف عن الرفض، منتهى الرفض، لشروط التمييز الإقصاء والمذلّة وظلوا يرزحون تحت وطأتها لردح من الزمن. فمنذ كان التاريخ وهو منذور للهُجنة والتلاقح والتعايش. ومصاب فرنسا، وهي صاحبة تراث عريق ومستنير في ثقافة الحرية والإخاء والمساواة، أنها تدع للاوعيها الوطني الشوفيني المكابر، أن يحتل المجال العام على حساب هذا التراث وينغّص على بشر آخرين، سود ومغاربيين بالأساس، معيشهم اليومي المتقشّف لا لشيء إلاّ لكونهم يحملون سحنات مغايرة ويوالون ثقافاتهم الأصلية. المغرب
المعطي قبال: حروب العراق
حروب العراق تبقى أهم حدث سياسي كوني بامتياز. انها الفاجعة السيزيفية للأزمنة الحديثة. أربط هدا الحدث بحدث ثقافي في غاية الأهمية: إحراز هارولد بنتر جائزة نوبل للآداب. جسد بمواقفه المناوئة لسياسة بوش وبلير الوعي السياسي الملتزم، ولم ينتظر الجائزة للتشهير بالجنون البنيوي لهذا الثنائي السخيف. عواصف تسونامي أظهرت هشاشة الاختيار السياحي لبلدان دلكت بطلاء فاقع فنادقها وشواطئها، لكنها تبقى مثخنة بالبؤس والتخلف. في اللويزيان أبانت العواصف عن بؤرة الفقر في أغنى دولة في العالم.
عشنا إطلاق سراح الصحافية الفرنسية فلورانس أوبيناس ومرافقها حسين حنون السعدي كحدث جدير بالاحتفاء. المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.