ألهبت قفزات الربح التي حققتها السوق المالية في العاصمة الاردنية عمان، حماسة الفئات الشبابية للانخراط في المضاربة،"طمعاً"في عائداتها، و"تحايلاً"على وضع اقتصادي مهدد بارتفاع صاروخي للأسعار، خصوصاً بعد فرض زيادة على أسعار المحروقات للمرة الرابعة منذ اربع سنوات. ولم يعد مستغرباً أن تفوح رائحة عطر نسائي في ردهات بورصة عمان إذ غزت الفتيات هذا القطاع الذي ظل حكراً على الرجال لسنوات طويلة. وحافظت الأرباح المحققة من الاستثمار على تألقها في جذب السيولة لتبلغ أحجام التعاملات في حزيران يونيو الماضي 130 مليون دينار يومياً، بعد أن كانت لا تتجاوز بضعة ملايين قبل نحو ثلاثة أعوام، على رغم أن المصرف المركزي رفع أسعار الفائدة على الدينار. ويقول عبدالرحمن 27 عاماً إنه بدأ بالتعامل مع السوق المالية قبل نحو ستة أشهر بتأثير من أجواء حماسية تسود جلساته مع أصدقائه"المضاربين"الذين يتفاخرون بأرباح حققوها"من دون تعب". ويضيف عبدالرحمن الذي يعمل مبرمج نظم حاسوبية في شركة خاصة أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة"تحتم"على الشاب البحث عن مصادر دخل"إضافية"لا تحتاج إلى تفرغ. ويشير عبدالرحمن الذي يملك محفظة استثمارية توظف أمواله إلى أنه يذهب إلى السوق المالية حين يودع مالاً أو يسحبه، في حين أن عمليات شراء الأسهم وبيعها تتم غالباً هاتفياً عبر الوسيط المالي. ولا ينكر عبدالرحمن الذي يشغل نحو 5 آلاف دولار في البورصة أنه ما زال"قليل الخبرة في الأسهم"، لكنه مصر على المغامرة في دهاليز السوق المالية، آملاً بأن يحقق ربحاً يسهم في زيادة رصيده. ويتجاوز عدد الأردنيين الذين يملكون حصصاً في الشركات المدرجة في بورصة عمان نصف المليون مستثمر، والعدد مرشح للارتفاع بفضل موجة نمو حركة التعاملات، والعوائد المجدية التي يجنيها المستثمر من المضاربة أو الاستثمار متوسط وطويل الأمد. ويقول الوسيط المالي أشرف أن ردهات سوق الأوراق المالية باتت تعج بشبان وفتيات بعد أن ظلت مقتصرة على رجال الأعمال وأصحاب العقارات لعقود طويلة. ويضيف أن عمان تشهد"تهافتاً كبيراً"على شراء الأسهم ضخ سيولة مالية وفيرة في السوق المالية، عزاه إلى طبيعة شباب عمان المتميزة بحب تقليد الآخرين والرغبة العارمة في صعود سلم الثراء بسرعة. ويحذر أشرف صغار المستثمرين من الخسائر بسبب قلة خبرتهم، موضحاً أن القرار الاستثماري الصحيح يأخذ بالحسبان سعر سهم المؤسسة، ونتائجه المالية، وملاءته، وحجم موجودات المؤسسة. ويملك الأردنيون 60 في المئة من القيمة السوقية للأوراق المدرجة في بورصة عمان، والتي تجاوزت 25 بليون دينار، مع دخول نحو 37 ألف مستثمر أردني جديد خلال العام الحالي. وبرفقة الشبان دخلت الفتيات معترك البورصة وصرن يرتدنها للمشاركة في جلسات التداول، ومشاورة الوسطاء. وتمارا إحدى اللواتي قررن خوض غمار التجربة، بدفع من دراستها المتخصصة بالعلوم المالية والمصرفية. وقالت تمارا 24عاماً إنها اشترت أسهماً في مصرف بعد أن أعلن عن توزيع أرباحه المرتفعة التي أحرزها خلال سنة مالية، موضحة أنها حققت ربحاً جيداً مقارنة بتواضع خبرتها من تلك الصفقة. وتقلق تمارا الموظفة في شركة خاصة كثيراً من ارتفاع سعر السهم وخفوضه وتراقب نشاط السوق، وتتابع الإشاعات التي تدور حول شركات ومصارف، مؤكدة أنها تلعب دوراً كبيراً في رفع سعر السهم أو خفضه. ولم تمن تمارا بعد مرور عام على دخولها معترك السوق المالية بخسائر"حقيقية"، كما أنها لم تجن عوائد"عالية"لكنها مصرة على المضي بالتحدي، مبينة أنها تعلمت الصبر والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب من خلال تورطها في أعمال المضاربة.