هل من وجه شبه بين ادارة جورج بوش ونظام الدكتور بشار الأسد؟ قد يبدو السؤال غريباً وهو يجمع متناقضين الا انني اعتقد بأن الرئيسين، لأسبابهما المختلفة، في حاجة الى بداية جديدة قوامها تغيير اساسي في الاهداف والأساليب والاشخاص. تحدثت عن الرئيس السوري غير مرة في الاسابيع الاخيرة، وموضوعي اليوم هو جورج بوش الذي لا اعرف ان كان يعي تماماً حجم الازمة التي تواجهها ادارته وكنت سأقول الشيء نفسه عن دمشق لو ان موضوعي اليوم سوري. اقترح صديق ان ابحث عن الفشل على موقع"غوغل"المشهور. وقلت له ان الفشل يأتيني من دون طلب، فأصر على ان أجرب، وعندما ضغطت كلمة"فشل"على الموقع فوجئت بأن هناك 196 مليون موضوع، وان الاول منها شرح للفشل، والثاني نبذة عن حياة الرئيس جورج بوش الابن. وعاد الصديق فطلب ان اضغط بحثاً في غوغل تحت عنوان"أشعر بأنني محظوظ"، وفعلت وعاد الي جورج بوش وفشله. ووجدت بعد ذلك شرحاً من غوغل يقول ان الرقم واحد تحت بند"فشل"او"فشل ذريع"هو النبذة عن حياة جورج بوش، وينفي الموقع أي انحياز سياسي، ولكن يقول ان خصوم الرئيس يربطون بين المواقع الكثيرة جداً الخاصة به بكلمة"فشل"او"فشل ذريع"، حتى اذا طلبوا موقعاً تظهر قائمة المواقع كلها، لذلك اصبح الفشل مرادفاً لاسم الرئيس. ووجدت على هامش ما سبق موقعاً على الانترنت عنوانه"اعزلوا بوش"جمع حتى الآن اكثر من 600 ألف توقيع لعزل الرئيس، ويريد ان يصل بالرقم الى مليون توقيع، وأهم اسباب العزل المقترح هو الحرب وخداع الشعب الاميركي ونقض المعاهدات الدولية، مع مخالفات انتخابية. أرجو ان يحزم الرئيس بوش امره فيغير الرجال والسياسة، وهناك ثلاث سنوات باقية من ولايته الثانية لاصلاح الخلل. الرئيس بوش سمح لعصابة غير اميركية بتنفيذ اجندة متطرفة استعْدَت الاصدقاء والحلفاء قبل الخصوم، وقد عانينا، عرباً ومسلمين، في شكل خاص من تأثير هذه العصابة في السياسة الخارجية ما اوقعنا في كوارث من فلسطين الى العراق، وكل بلد استطاع هؤلاء المتطرفون الحاقدون بث سمومهم عليهم. وكلمة عصابة CABAL تستحق وقفة، فقد كتبت عنهم مرة بعد مرة على اساس انهم عصابة، وقام وزير الخارجية في حينه كولن باول ونفى ان تكون هناك عصابة تدير السياسة الخارجية الاميركية. وكتبت في هذه الزاوية ان النفي يثبت وجود عصابة لأن الاخبار لا تصدق حتى تنفى رسمياً. قبل ايام، وبعد نحو ثلاث سنوات على الجدال الاصلي، نقلت الصحف الاميركية عن لورنس ويلكرسون، كبير موظفي باول في الخارجية، قوله في خطاب ان السياسة الخارجية الاميركية خطفتها"عصابة تشيني - رامسفيلد". ويلكرسون يقول الآن ما هتفنا به حتى بح صوتنا على مدى سنوات، وأنقل عنه حرفياً"أجد اننا جلبنا الكارثة في العراق وكوريا الشمالية وايران، وفي الازمات الداخلية مثل كاترينا وريتا، وقبل ذلك. ولم نقم بأي انجاز جيد منذ فترة طويلة". لن اثقل على القارئ مرة اخرى بالأسماء، ولن ادعو للمرة الألف الى محاكمة المسؤولين عن قتل الاميركيين والعراقيينوالفلسطينيين، ولكن أكمل بما نحن فيه، فالمتطرفون في الادارة وحولها لم يصدقوا انفسهم بعد ان وجدوا انهم في الحكم مع رئيس محدود القدرات، لا يعرف ولا يريد ان يعرف. وكان ارهاب 11/9/2001 الفرصة التي انتظروها لينفذوا تطرفهم حول العالم واسرائيليتهم في منطقتنا. ولكن كانت هناك مؤشرات قبل الارهاب الى الاحادية التالية، ففور بدء الرئيس بوش ولايته الاولى منع المساعدات عن منظمات وبلدان تسمح بالإجهاض، وهو موقف محتمل في الغرب المتقدم، ولكن كارثة في اوروبا الشرقية وأفريقيا يكفي ان نقول انها زادت الايدز. وأتبع الرئيس قراره الاول بالخروج من بروتوكول كيوتو لمقاومة زيادة حرارة الطقس في آذار مارس 2001 فلم يحل آب اغسطس حتى كانت 178 دولة تبرمه. وفي الشهر نفسه انسحب من معاهدة 1995 ضد الاسلحة البيولوجية وأضعف معاهدة منع انتشار الاسلحة الصغيرة. وكان قبل ذلك اعاد برنامج الصواريخ المعروف باسم"حرب النجوم"تحت اسم جديد، وانسحب من معاهدة مع روسيا لخفض الرؤوس النووية من ستة آلاف الى ما بين خمسة آلاف وثلاثة آلاف مع حلول 2007. بل انه في صيف 2001 ألغى مبادرة كلينتون لمكافحة غسل الاموال في مصارف يستعملها اسامة بن لادن وتجار المخدرات، تحت ضغط جماعات يمينية ومصارف تكساس، ثم عاد ليجعل تمويل الارهاب قضية بعد 11/9/2001. كل هذا جرى قبل ذلك الارهاب الفظيع، وكانت وراءه العصابة اياها، وكان الرئيس المنفذ. وجاءت الحرب على العراق، فكانت اسبابها كاذبة بالمطلق، وهي قتلت حتى الآن مئة ألف عراقي وألفي اميركي وكلفت 500 بليون دولار، وزادت الارهاب حول العالم بدل ان تخفضه، ولم تجعل العراق نموذجاً للديموقراطية في الشرق الاوسط، بل معمل تفريخ للارهاب. وآخر تقرير اميركي يقول ان الزرقاوي لم يعد يكفيه العراق، بل هو يتعامل مع ارهابيين ضد اميركا في 44 بلداً، وهذا مع العلم ان اسامة بن لادن لا يزال طليقاً على رغم وعد الرئيس ان يأتي به"حياً أو ميتاً". هو فشل بحجم جبل، ولن يخرج منه الرئيس بإنكاره، بل يجب ان يطرد الذين وضعوا له هذه السياسات الكارثية، وان يعود الى العقل والمنطق فيستعين بأبيه وجيمس بيكر، بدل الاسرائيليين في ادارته. العدد الاخير من مجلة"برايفت آي"اللندنية الساخرة يظهر غلافه جورج بوش وهو ينظر من نافذة طائرة ويقول:"اوقفوا الطائرة، الله على تلك الغيمة وهو يلوح لي". وفي الداخل كاريكاتور يبدو فيه بوش وهو يصلي ويقول من الصلاة المسيحية المعروفة"اعطنا اليوم قتلانا بدل خبزنا كفافنا". الرئيس، أي رئيس، يستطيع ان يتحمل جعله هدفاً للمعارضة، ولكن لا يتحمل ان يصبح صِنواً للفشل او مادة للسخرية.