القصبي: إيرادات التجارة الإلكترونية ستتجاوز ربع تريليون ريال حتى 2025    وزارة المالية تطلق برنامج إدارة المخاطر المالية    وزير الثقافة يلتقي السفير فوق العادة والمفوض الجديد للصين لدى المملكة    فرع الإفتاء يفعل مبادرة "الشريعة والحياة" في جامعة جازان    المربع الجديد يشارك في المعرض الدولي للعقارات والاستثمارات «Real Expo» بألمانيا    مدير تعليم البكيرية يرأس اجتماع مديري ومديرات المدارس    «الجوازات»: 23435 قراراً إدارياً بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    إطلاق مبادرة "تكريم وتعليم" بين صندوق الشهداء والبنك العربي الوطني    أمانة القصيم تستعرض مشاريعها في مؤتمر العمل البلدي الخليجي بالرياض    أمير القصيم يسلم مفاتيح سيارات للأيتام المستفيدين من برنامج سند    اعتماد تحديثات جديدة على ضوابط تخصيص عقارات الدولة واستردادها    HONOR MagicPad 2: جهاز لوحي استثنائي للإنتاجية وإتمام المهام المتعددة    نائب أمير مكة المكرمة يلتقي رئيس مجلس إدارة شركة الزمازمة    نائب أمير تبوك يشيد بدور جمعية روافد بالمنطقة    لمسة وفاء.. محمد بن خالد العبد العالي    مانجا للإنتاج تكشف عن المقطع الترويجي للموسم الثاني من الأنمي السعودي "أساطير في قادم الزمان" وتعرضه في خمس قارات    نائب أمير الشرقية يلتقي أعضاء مجلس إدارة نادي النهضة    الراجحي يرعى منتدى الحوار الاجتماعي بنسخته الرابعة عشرة    2.5 مليون وصفة علاجية في "سعود الطبية" خلال 9 أشهر    الهلال الأحمر بالقصيم يختتم مشاركته في ملتقى الجالية المصرية الرابع    "الداخلية" تقدم خدماتها الإلكترونية لزوّار معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    تراجع الأسهم الأوروبية مع انخفاض أسهم شركات العقارات والمرافق    هيئة الموسيقى تعلن عن النسخة الرابعة من مهرجان الغناء بالفصحى في الرياض    أمطار رعدية على المناطق الجنوبية تمتد حتى مرتفعات مكة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ "برنامج اليوم العالمي لكبار السن"    الألعاب السعودية الثالثة : الشريدة يحصد ذهبية رماية الأطباق    مرصد الجوف ينضم للشبكة العالمية بالأمم المتحدة    الأخضر الشاب يعسكر في الأحساء استعداداً لمواجهة الصين "وديّاً"    مانشيني يرسم خطة الفوز على اليابان    إطلاق المرحلة الأولى من مبنى MBC الجديد في الرياض لإنتاجات عالمية    إعفاء متبادل لتأشيرة الإقامة القصيرة بين السعودية وجزر سليمان    «شهية» متروفيتش أمام الأهلي    بيعة سلمان وهموم الأمة    أزمة قلبية تنقل نشوى إلى المستشفى    5 علامات تشير إلى الإصابة بالتوحد    وحدهم الحمقى من ينتظرون نصرة فلسطين بأذرع «صفوية»!    هل خرجت خطة يينون من الأدراج؟    عودة للحديث عن «حلم» جسر أبحر الشمالية والبرج    حريق أقدم مجمع تجارى    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    المملكة تتصدر دول« العشرين» في نمو عدد السياح    معرض الصقور والصيد    تولى مناصب مهمة ومسؤوليات رفيعة.. الملك سلمان.. حكمة وعطاء وتنمية ورخاء    صباح الفناء يا 7 أكتوبر !    بعد 6 جولات من دوري روشن.. الهلال ينفرد بالقمة والعلامة الكاملة.. والاتحاد والنصر يطاردانه    قراءة في تماس الزمكانية بالمدينة المنورة!    لأكتوبر الوردي جنوده    وزير الإعلام: معرض الكتاب يعزز المفهوم الحقيقي للثقافة    التفكير السطحي وأداء سالم مع المنتخب    ماني.. ضمن أفضل اللاعبين أداء في آسيا    دبَّابات التوصيل    مركز الملك سلمان.. إنسانية متدفقة بالعطاء حول العالم    قطط وكلاب ترث ملايين الدولارات    تطوير أول لقاح في العالم ضد سرطان المبيض    «الفلورايد «في مياه الشرب السُمّ القادم 2-2    البديوي: إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف يبرز الصورة الحقيقية للإسلام ومواجهة حملات الكراهية    الاختراق    ما هي الرجولة؟ وكيف نعرف المرجلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 12 - 10 - 2006


عودة الى المحافظين الجدد -1
عندما قلت وغيري ان هناك عصابة خطفت السياسة الخارجية الاميركية وأخذت تديرها لمصلحة اسرائيل، اتهمنا بأننا نروج لفكر تآمري، او من اصحاب نظرية المؤامرة. غير ان وزير الخارجية في حينه كولن باول نفى وجود عصابة ما أكد وجودها، ثم جاء أخيراً مساعده لورنس ويلكرسون واعترف بوجود هذه العصابة CABAL.
اكثر من 90 في المئة من اعضاء العصابة يهود اميركيون ليكوديون في منتهى التطرف، واحياناً الحقارة الشخصية، مع ان القيادة الحالية هي لاثنين من عتاة اليمين الاميركي التقليدي نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. والانسان عادة يبدأ بطموحات مثالية على اليسار وينتهي على اليمين، الا ان هذين بدآ على اليمين فكان طبيعياً ان ينتهيا على اقصاه. وصديق اسرة بوش برنت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي أيام بوش الأب، كتب مقالاً صريحاً قال فيه انه لم يعد يعرف صديقه ديك تشيني.
أعود الى خلفيات العصابة الليكودية متوكئاً على عمل البروفسورة شادية دروري، استاذة الفلسفة في جامعة رجينا في كندا، وتحديداً كتابها"ليوشتراوس واليمين الاميركي"الصادر سنة 1999 ومقالات لاحقة لها ودراسات منها وعنها. وقد اعجبت تحديداً بمقال لها تحذر فيه من ان السعي وراء الديموقراطية حول العالم الذي التزمته ادارة بوش عذر للعدوان والهيمنة. واتصلت بالدكتورة دروري الاسبوع الماضي واكتشفت انها عربية من اصل مصري، وقد كتبت كتاباً بعنوان"الارهاب والحضارة: المسيحية والسياسة والغرب". دافعت فيه، وهي مسيحية، عن الاسلام، وذكرت بماضي المسيحية وتاريخها، ما جعلها هدفاً لسهام اقصى اليمين.
ربما اختصرت الفكر السياسي لشتراوس كما فهمته من قراءة اعمال شادية دروري في عنوان هو انه طلب"نظام حكم تقوده عصابة من الفلاسفة"، ما يعيدنا الى تلك ال CABAL.
شتراوس كره الديموقراطية الليبرالية حتى اصبح كرهها في صلب فكره، فهو ربطها بجمهورية فيمار في المانيا بعد الحرب العالمية الاولى التي افرز ضعفها هتلر والنازية. وفر شتراوس مثل كثيرين من اليهود الى الولايات المتحدة، وفي جامعة شيكاغو حيث عمل اقنع ألان بلوم وهنري جافا وايرفنغ كريستول والد وليام وبول وولفوفيتز وكثيرين آخرين بشرور الديموقراطية الليبرالية.
شادية دروري تقول ان الليبرالية ليست ان الناس متساوون، بل ان كل انسان يعطى فرصة متساوية مع الآخرين ليعمل لنفسه ما يستطيع فهي تقدم التطور الفردي على المجموع او الجماعة، وبما انها لا تؤمن بالمطلق وانما بالفرد وقدراته فهي تجد صعوبة في ضم المجتمع حول مبادئ مشتركة، وبالتالي فهي ضعيفة منقسمة على نفسها، ويستطيع زعيم ديماغوجي من نوع هتلر السيطرة عليها بسهولة لتخلفها النازية بكل جرائمها. هكذا رأى شتراوس ان الديموقراطية الليبرالية الاميركية إحياء لجمهورية فيمار وتهدد البشرية كلها.
أنقل عن الدكتورة دروري: شغل طلاب شتراوس وطلابهم مناصب مهمة في ادارتي ريغان وبوش الأب ولا يزالون يلعبون دوراً اساسياً في الحزب الجمهوري. وبين الاسماء البارزة بول وولفوفيتز، السفير لدى اندونيسيا ثم نائب وزير الدفاع والآن رئيس البنك الدولي، وسيث كروبسي، كاتب خطابات كاسبر واينبرغر، وجون اغرستو، نائب رئيس الوقف الوطني للانسانية، وكارنز لورد، المستشار في مجلس الامن القومي، وألان كيز مساعد وزير الخارجية للمنظمات الدولية، والقاضي روبرت بورك، والقاضي في المحكمة العليا كلارنس توماس، ووزير التعليم السابق وليام بنيت، ثم وليام كريستول، رئيس تحرير"ويكلي ستاندارد"الناطقة بلسان المحافظين الجدد، وكان شغل منصب رئيس اركان مكتب نائب الرئيس دان كويل.
اقول عن نفسي ان اهتمامي بالمحافظين الجدد بدأ في اوائل الثمانينات عندما ضبط ستيفن براين، وهو يسلم وفداً اسرائيلياً زائراً وثائق سرية عن القواعد السعودية، وبدل ان يحاكم ضمه ريتشارد بيرل اليه في وزارة الدفاع حيث الوثائق السرية اكثر. ومنذ ذلك الحين وانا اتابع شبكة العلاقات المتداخلة بين اعضاء العصابة.
ربما زدت من مصادر اخرى ان بين اعضاء العصابة التي صدرتها جامعة شيكاغو كان هناك مع وولفوفيتز، دكتوراه 1972، أحمد الجلبي، دكتوراه 1969، وابرام شولسكي، رئيس وحدة تلفيق معلومات استخبارات في وزارة الدفاع لتبرير الحرب على العراق، دكتوراه 1972، وزالماي خليل زاد، السفير في افغانستان ثم العراق، دكتوراه 1979. وسبق هؤلاء سول شاؤول بيلو والان بلوم من هيئة التدريس. وسأعود الى هذين لاحقاً.
وسجلت الدكتورة دروري ان المحافظين الجدد ليسوا حركة محافظة بل حركة راديكالية رجعية، والراديكالية تظهر في رفض اعضائها أسس الدولة الاميركية ومحاولتهم البدء من جديد، والرجعية في معارضة الوضع القائم ومحاولة استرداد"عصر ذهبي"لم يوجد في الحقيقة.
وصفة شتراوس لمكافحة شرور الليبرالية هي في صوغ دين واحد للدولة كوسيلة لعودة المطلق ومكافحة الفكر الحر، وتشديد تماسك المجتمع، لذلك رفض شتراوس دائماً تعدد الاديان والاهداف خشية تفكك المجتمع.
هذا النظام يقوده ظاهرياً"سادة"من أفضل الأسر يرفعون قيم الشرف والنزاهة، الا انهم يبقون حكاماً صوريين فعلى رأس الهرم كما يراه شتراوس عصابة CABAL مرة اخرى من الفلاسفة الملحدين الذين يعرفون ان الدين هراء، وانه لاستهلاك العامة الجاهلة فقط.
الدكتورة دروري استاذة فلسفة وشرحها قد يضيق به القارئ العادي، فأكتفي منه بالقول ان النظام المقترح لا يختلف كثيراً عن النازية او الشيوعية مع وجود عصابة سرية تدير الحكم وهدفها مقاومة فيروس الليبرالية.
كنت أود لو استطيع في هذه العجالة تقديم شيء من فكر ألان بلوم الذي رعاه شتراوس، وهو رعى بدوره وولفوفيتز، الا ان الموضوع معقد الى درجة يصعب شرحها في سطور، ولكن اقول ان بلوم ألف كتاباً مشهوراً عن علل اميركا عنوانه"اغلاق العقل الاميركي"ثم اصبح بدوره محور رواية من تأليف سول بيلو فضح فيها هذا صديقه وشريك فكره كانسان متهتك مبتلى بالشذوذ الجنسي، يزعم انصاره انه دافع عن قيم الاسرة الاميركية مع ان الواقع انه كتب كتاباً بهذا المعنى، وكانت حياته كلها حتى موته بالايدز عكس ما كتب.
رواية بيلو كان اسمها"رافلستين"أي بلوم، ويظهر فيها وولفوفيتز بشخصية فيليب غورمان، صديق بلوم، وأتمنى ان يقرأها كل قارئ قادر، أما أنا فأكمل غداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.