اعرب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان عن"ارتياحه"، معتبراً ان التحقيق الذي اجرته لجنة فولكر المستقلة حول فضيحة اختلاسات مرتبطة ببرنامج"النفط للغذاء"في العراق، بّرأه. واعلن انه لا ينوي الاستقالة بل سيواصل عمله لاقرار خطته الطموحة المتعلقة باصلاح المنظمة الدولية. وقال في مؤتمر صحافي بعد نشر تقرير للجنة التي يرأسها الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الاميركي بول فولكر:"كان اعتقادي راسخاً بأن تحقيقاً معمقاً سيبرئني من اي أخطاء، وهذا ما فعلته اللجنة. انه عزاء كبير، وعملت كثيراً للامم المتحدة وأريد ان أواصل". وبرأت اللجنة انان من اتهامات باستخدام النفوذ في منح عقود في اطار برنامج"النفط للغذاء"الى شركة يعمل فيها كوجو نجل الأمين العام. وانتقدته في المقابل لتقاعسه عن التأكد من عدم وجود تضارب مصالح في علاقات ابنه بتلك الشركة. وشككت اللجنة بنشاطات كوجو المتهم بمحاولة اخفاء علاقاته مع تلك الشركة التي كانت تعمل لحساب البرنامج. وأكد التحقيق ان"كوجو انان خدع عمداً الأمين العام حول صلاته المالية بتلك الشركة"كوتيكنا. ووجه انان كلامه الى ابنه ليل الثلثاء داعياً اياه الى التعاون مع التحقيق، وقال:"احب ابني، وطالما املت بأن يتحلى بمستوى رفيع من النزاهة. احزنني كثيراً الدليل المعاكس الذي ظهر، خصوصاً عدم تعاون ابني في شكل تام مع التحقيق. وأنا دعوته الى التعاون". واوضحت اللجنة التي أكدت انها ستواصل تحقيقاتها، ان"اسئلة مهمة ما زالت مطروحة حول نشاطات كوجو خلال خريف 1998، وحول نزاهة اعماله". وفي ما يأتي مقتطفات من تصريحات الامين العام التي تلت تقرير لجنة التحقيق: "استقبلت هذا الصباح الثلثاء السيد بول فولكر، رئيس لجنة التحقيق المستقلة حول برنامج النفط للغذاء. شكلت اللجنة قبل سنة لأنني كنت عازماً على كشف الحقيقة الكاملة من دون خوف او تحيز، في ما يتعلق بالاتهامات بالغش والفساد في اطار البرنامج. كنت مدركاً ان بين أخطر الاتهامات، النفوذ الذي استطعت شخصياً ممارسته بطريقة غير ملائمة في عملية اختيار شركة كوتيكنا، لأن ابني يعمل فيها. لكنني كنت اعرف ان ذلك خطأ، وكنت مقتنعاً اشد الاقتناع بأن تحقيقاً معمقاً سيبرئني من اي خطأ. اللجنة برأتني، وفي اعقاب تحقيق مستفيض استمر 12 شهراً، اكد التقرير بوضوح ان"لا شيء يثبت ان اختيار كوتيكنا في 1998 كان موضوع نفوذ قوي او غير ملائم من جانب الامين العام، في عملية الاختيار". وبعد كثير من الاتهامات الخاطئة والمغرضة ضدي، تعتبر تبرئتي من قبل التقرير المستقل تعزية لي .... وتوصلت اللجنة ايضاً الى خلاصات محرجة حول ثلاثة من زملائي او الزملاء القدامى، في ادارة الاممالمتحدة. ويطرح كل من تلك الخلاصات اسئلة متباينة ومعقدة، احتاج الى درسها باهتمام قبل ان اقرر التدابير التي سأتخذها. ولأسباب يتفهمها الجميع، اصعب الاوقات بالنسبة الي هذه السنة، كانت تلك التي ظهر فيها ان ابني كوجو تصرف بطريقة غير ملائمة، او لم يطلعني على الحقيقة الكاملة لنشاطاته. واصدر التحقيق حكمه حول هذه المسائل. انني احب ابني، وطالما املت بأن يتحلى بأرفع درجات النزاهة. واحزنني كثيراً الدليل المعاكس الذي ظهر، خصوصاً عدم تعاون ابني في شكل تام مع التحقيق، وأنا دعوته الى التعاون، وادعوه الى معاودة النظر في موقفه، والتعاون .... ويحق للدول الاعضاء في الاممالمتحدة، وشعوبها، ان تتوقع منا ان نكون، في اطار الامانة العامة للامم المتحدة، اكثر شفافية في الطريقة التي نؤدي بها واجباتنا، وان يكون القادة مسؤولين عن نتائج اعمالهم". وقد تعطي شكوك أثارها التحقيق، المنتقدين مزيداً من المآخذ على المنظمة الدولية، رغم تبرئة انان من الفساد. ولم يتوصل تقرير اللجنة الى أي دليل الى أن الأمين العام استخدم نفوذه في منح عقد مربح في اطار البرنامج الذي بلغ حجمه 67 بليون دولار للشركة السويسرية التي كان يعمل فيها كوجو. لكن التقرير دان الأخير ب"خداع"والده، مؤكداً ان المدير السابق لمكتب انان ومساعده منذ فترة طويلة، مزق وثائق ربما تكون ذات صلة بالبرنامج. ودعا السناتور الاميركي نورم كوليمان جمهوري وهو من أكبر منتقدي الاممالمتحدة، انان الى تقديم استقالته، وقال:"افتقاره للقدرات القيادية بالاضافة الى تضارب المصالح وعدم تحمله المسؤولية ومحاسبته، تقود الى نتيجة واحدة هي استقالته". وكانت فرنسا أبدت دعمها الكامل للأمين العام قبل نشر تقرير لجنة التحقيق، وأكدت الصين ان الوقت حان لوضع نهاية لهذه القضية، معربة عن ارتياحها الى تبرئة انان. وقال سكوت ماكليلان الناطق باسم البيت الابيض ان الأمر"خطر جداً، والكونغرس ناقشه، وما زلنا نساند الاممالمتحدة، وكذلك الامين العام في عمله". ويفيد تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي اي اي أن حكومة صدام حسين ربحت نحو بليوني دولار من الرشاوى من شركات تدير أعمال بمقتضى برنامج"النفط للغذاء". وجمع نظام صدام نحو ثمانية بلايين دولار من تصدير نفط خارج اطار البرنامج، بعلم مجلس الأمن والولايات المتحدة. واتهم التقرير الاول الذي أصدره فولكر في كانون الثاني يناير بينون سيفان مدير البرنامج بتوجيه عقود نفط قيمتها 1.5 مليون دولار، لصديق له مصري الجنسية.