في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الأممالمتحدة بدأ موظفو المنظمة أمس الجمعة بمناقشة مذكرة لحجب الثقة عن الامين العام للمنظمة الدولية كوفي انان في مبادرة للنقابات وبعد سلسلة فضائح فساد وتحرش جنسي داخل المنظمة منذ تسلم أنان منصبه في العام 1997 والتجديد له في العام 2001. وتسعى نقابة العاملين في الاممالمتحدة الى الحصول على موافقة على المذكرة التي يؤكد فيها موظفو المنظمة سحب ثقتهم في انان وادارة الاممالمتحدة قبل انتهاء ولايته الثانية في حزيران يونيو 2005. ويواجه انان فضائح عدة تورط فيها مسؤولون كبار في الاممالمتحدة، لكن ما اشعل فتيل هذه الازمة هو الاعلان خلال الاسبوع الجاري عن اعفاء الامين العام المساعد للمنظمة الدولية لشؤون المراقبة الداخلية ديليب نير المتهم بالمحسوبية والتحرش الجنسي، من اي تحقيق. وكان فرد ايكهارد، الناطق باسم انان، صرّح الثلثاء الماضي بأن الامين العام برأ نير "بعد دراسة معمقة" اجرتها كاترين بيرتيني مساعدة الامين العام لشؤون الادارة في الاتهامات الموجهة اليه، مؤكداً ان كوفي انان "يثق ثقة كاملة" في نير. وقال غي كاندوسو احد المسؤولين في النقابة "انها مجرد تبرئة من اتهامات"، موضحاً ان تصريح ايكهارد يعني انه "لم يطلب اتخاذ اي اجراء" في هذه القضية. إلا ان رسالة وجهها اقبال رضا مدير مكتب انان الى النقابة، ووزعتها النقابة امس، أكدت انه طلب من نير "التحلي بالحذر" في المستقبل "لتفادي التعامل معه بنظرة سلبية". وسبق هذه القضية اعلان آخر كشف ان الامين العام أعفى مسؤولاً آخر من اي اجراء في اتهام بالتحرش الجنسي بينما توصل محققوه الى نتيجة مخالفة. وكان انان استبعد فعلاً في تموز يوليو الماضي نتائج توصل اليها محققو الاممالمتحدة تفيد بأن المفوض الاعلى للاجئين في الاممالمتحدة رود لوبرز قام فعلاً بالتحرش الجنسي كما قالت احدى الموظفات، ليحمي بذلك رئيس الوزراء الهولندي السابق. لكن مسؤولين في الاممالمتحدة اضطروا للاعتراف الشهر الماضي بأن تحقيقاً في مكتب شؤون المراقبة الداخلية للمنظمة أكد صحة الاتهامات التي ساقتها هذه الموظفة، في تقرير رفع الى انان. وقال ايكهارد ان انان "يملك حق قبول او رفض اي توصيات". وكشفت تقارير اخبارية أن مذكرة الموظفين تشمل بنوداً أخرى من ضمنها تعيين "أقارب بالمحسوبية" ورفض اقالة آخرين متهمين بالتلكؤ بعد انفجار مبنى الأممالمتحدة في بغداد. وأكد المتحدث باسم مكتب أنان لمحطة "فوكس نيوز" أن "القرار لن يطاول مباشرة الأمين العام بل الادارة العليا في المنظمة". و يواجه انان فضائح اخرى مثل الاتهامات بالفساد التي وجهت الى بعض موظفي الاممالمتحدة في اطار برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي كان مطبقاً في العراق او العثور على صندوق اسود لطائرة مجهولة في احدى خزائن المنظمة الدولية. وأشارت تحقيقات الكونغرس الأميركي في فضيحة "النفط مقابل الغذاء" بين عامي 1996 - 2003 الى استفادة نظام صدام حسين ومساعديه من مبلغ 21.3 بليون دولار تحت مظلة الأممالمتحدة، والى رشى وزعها مسؤولون عراقيون على شخصيات دولية وصحافيين من جنسيات مختلفة. وتداولت وثائق الكونغرس اسم كوجو، نجل كوفي أنان، في الفضيحة. اذ أن كوجو عمل مستشاراً لمدة سنتين 96 - 1998 لدى شركة "كوتكنا" في سويسرا والتي تولت مهمة التدقيق والكشف على الشحنات الغذائية المتوجهة الى بغداد منذ 1998. ويتهم الاميركيون انان بعرقلة عمل محققيهم في هذه الفضيحة، خصوصاً بعدما رفض بول فولكر رئيس اللجنة المستقلة التي عينها الامين العام للامم المتحدة تسليم وثائق الى مجلس الشيوخ الاميركي كان طلبها، أو السماح ل 3000 موظف بالشهادة أمام الكونغرس.