يرى محللون ان الديبلوماسية الاميركية باتت في وضع دقيق تسعى فيه الى منع مسألة المستوطنات الشائكة من افشال عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية التي تم تحريكها اخيرا. وتحاول واشنطن تهدئة غضب الفلسطينيين حيال خطة توسيع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية من دون ان تشدد الضغوط في المقابل على رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي يعد لانسحاب صعب من قطاع غزة. واعتبرت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان اي مستوطنة جديدة ستكون انتهاكا ل"خريطة الطريق"، خطة السلام الدولية لتسوية النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني المدعومة من واشنطن والتي تنص على اقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل. غير ان الموقف الاميركي بدا خلال الايام الماضية غير محسوم حيال النيات الاسرائيلية المعلنة بتوسيع"معاليه ادوميم"، كبرى مستوطنات الضفة الغربية شرق القدس. فقد اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في بادئ الامر في تصريحات لصحيفة"لوس انجليس تايمز"الخميس ان خطة توسيع المستوطنات"غير منسجمة"مع السياسة الاميركية المؤيدة لتجميد الحركة الاستيطانية وفق ما نصت عليه خريطة الطريق. غير ان موقفها كان اقل حزما في اليوم التالي عندما قالت لصحيفة"واشنطن بوست"ان الادارة اجرت"محادثات حول الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق تقدم بشأن تجميد الاستيطان"، معترفة بأن هذه المسألة"معقدة"و"لم نتوصل يوما الى البت فيها". كما لفتت رايس والسفير الاميركي دان كيرتزر الفلسطينيين الى وجوب اخذ المستوطنات القائمة حاليا في الاعتبار في مفاوضات الحل النهائي، في تصريحات شددت على موقف بوش. ونفى مساعد الناطق باسم الخارجية الاميركية آدم ايرلي اول من امس ان يكون هناك تناقض في السياسة الاميركية مشددا على ان الاميركيين يعملون مع الطرفين من اجل التوصل الى تطبيق خريطة الطريق. وقال للصحافيين:"ابلغنا الطرفين بوضوح انه ينبغي الا يتخذ اي كان خطوات تؤثر في الوضع النهائي للمفاوضات". ويعتبر المحللون ان واشنطن تريد الاحتفاظ بهامش تحرك قبل زيارة شارون للولايات المتحدة الشهر المقبل وزيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في وقت لاحق. وقالت تمارا ويلس اختصاصية الشرق الاوسط في"معهد بروكينغز"ان الولاياتالمتحدة تريد امتلاك"قدرة على المناورة"بالنسبة الى المستوطنات لتتمكن من احراز تقدم في ما يتعلق بعناصر اخرى من عملية السلام مثل امن الفلسطينيين والاصلاحات السياسية. واوضحت لوكالة"فرانس برس"ان"الولاياتالمتحدة تسعى منذ وقت طويل للاحتفاظ بقدر من المرونة بالنسبة الى هذه المسائل حتى تتمكن من تلبية حاجات الطرفين في اي وقت". ويرى خبراء آخرون ان الولاياتالمتحدة ادركت ان شارون بحاجة الى اعتماد لهجة حازمة في ما يتعلق بمستوطنات الضفة الغربية حتى يتمكن من التصدي للمعارضة الداخلية بشأن خطة الانسحاب من قطاع غزة. وتنص هذه الخطة على انسحاب اسرائيل خلال الصيف من قطاع غزة واخلاء مستوطناته الاحدى والعشرين اضافة الى اربع مستوطنات معزولة شمال الضفة الغربية. واضاف الخبراء ان واشنطن تدرك في الوقت نفسه المخاطر التي يواجهها عباس اذ يتحتم عليه تحقيق تقدم ملموس مع اسرائيل لبسط سلطته على الناشطين الفلسطينيين والتصدي لاعمال العنف. واشارت جوديث كيبر مديرة منتدى الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية الى ان مسألة المستوطنات طرحت في وقت يواجه كل من شارون وعباس"مسائل كبرى يتحتم حلها"في الداخل.