أصدرت لجنة التحقيق المستقلة في قضية اختلاسات برنامج"النفط للغذاء"العراقي، تقريرها الثاني أمس، ووجهت فيه بعض اللوم الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وكثيراً من اللوم الى نجله كوجو. وفي حين برأ التقرير أنان الأب من أي تورط"غير ملائم"في منح شركة سويسرية عقداً لمراقبة مشتريات تتعلق بالبرنامج العراقي، نال نجل الأمين العام قسطاً كبيراً من الانتقادات، إذ وصفته اللجنة ب"المخادع". وكانت اللجنة أصدرت تقريرها الأول في شباط فبراير الماضي، في شأن ممارسات تعود الى العام 1996 وتتعلق بالمصرف الذي كانت عائدات النفط المباع بموجب البرنامج العراقي تُحفظ فيه، وفي شأن شركتي الرقابة على كميات النفط المصدّرة، وطبيعة المواد الإنسانية التي تدخل العراق ونوعها. أما التقرير الثاني الذي صدر أمس فنظر في منح الشركة السويسرية"كوتكنا انسبيكشن أس أي"حق الرقابة على البضائع التي يستوردها العراق بموجب"النفط للغذاء". وتعاطى التقرير الثاني مع مزاعم بأن كوفي أنان كان محور تضارب في المصالح في منح الشركة السويسرية العقد، كون ابنه كوجو كان موظفاً لديها في تلك الفترة. وأبرز ما في النتائج الأساسية التي توصّل اليها معدّو تقرير لجنة التحقيق في ما يخص الأمين العام أن"ليس هناك أي دليل على ان اختيار كوتكنا في 1998 كان محل تأثير ايجابي أو غير ملائم من الأمين العام في عملية المناقصة أو الاختيار. واعتماداً على السجلات وعدم وجود دليل الى تصرف غير ملائم، تجد اللجنة ان كوتكنا مُنحت العقد في 1998 كونها الطرف الذي قدّم العرض الأدنى". ويضيف التقرير:"بعد تقويم الدليل وصدقية الشهود، لا دليل كافياً ليُظهر ان الأمين العام كان يعرف في 1998 ان كوتكنا كانت تقدم على مناقصة التفتيش الانساني". وتناول التحقيق تقريراً صحافياً يعود الى كانون الثاني يناير 1999، يرتبط بشكوى من"تضارب في المصالح"سببه وظيفة كوجو في الشركة السويسرية، وكذلك في شأن الأموال التي دفعتها الشركة في شكل غير شرعي الى رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو، وأكدت اللجنة أنها"رأت ان التحقيق الذي أطلقه الأمين العام في هذه المواضيع لم يكن كافياً، إذ كان يفترض به أن يحيل القضية على الدائرة المختصة في الأممالمتحدة ... لاجراء تحقيق مفصل ومستقل". وأضافت انه لو جرى مثل هذا التحقيق، لم يكن مرجحاً ان تحظى"كوتكنا"بتجديد عقدها مع الأممالمتحدة. وتناولت اللجنة علاقة كوجو بالشركة بعدما كشفتها صحيفة في 1999، وأشارت الى انه"شارك بفاعلية في جهود الشركة لاخفاء طبيعة علاقته المستمرة بها". وأضافت انه"خدع عمداً"الأمين العام في شأن علاقته المالية المستمرة بالشركة، مؤكدة ان اسئلة عدة لا تزال مطروحة عن تصرفات كوجو في خريف 1998 وفي شأن استقامة عمله وتعاملاته المالية في ما يتعلق ببرنامج"النفط للغذاء". وأوضحت ان تحقيقها في هذا الموضوع مستمر. وفي شأن الشركة السويسرية والمسؤوليَن الرئيسيَين فيها ايلي وروبرت ماسي، أشار التحقيق الى ان"كوتكنا"تعاونت عموماً مع المحققين وكشفت لهم وثائقها وسمحت بمقابلة موظفيها، لكنها قدّمت بيانات غير صحيحة للناس والأممالمتحدة ولجنة التحقيق الدولية، من خلال تأكيدها ان كوجو استقال من وظيفته الاستشارية فيها في 9 تشرين الأول اكتوبر 1998. ومعلوم ان كوجو استمر في تلقي أموال من الشركة حتى شباط فبراير 2004. وانتقد التحقيق طريقة طرح المناقصات في الأممالمتحدة، في نقطتين: لم تطلب المنظمة الدولية من الشركة السويسرية تعبئة نموذج اسئلة ولا ان تقدّم بيانات مالية، ولم تتابع موضوع التحقيق الجنائي السويسري بحق المدير التنفيذي للشركة في شأن مدفوعات لعائلة بينظير بوتو. وكانت الولاياتالمتحدة جددت أول من أمس ثقتها بالأمين العام، فيما أعلنت فرنسا أمس"دعمها الكامل"له.