أستغرب وأتعجب عندما أجد شخصاً يتحدث في موضوع ويخلط فيه بين الإنسانية والإرهاب واضعاً اياهما في قالب واحد. وأجد نفسي مضطراً لان أطيل في سرد بعض ما جاء في مقال نشرته"الحياة"في 24-3-2005 للكاتب ياسر الزعاترة. وكي لا أهضم حق الرجل في طرحه قبل تعليقي عليه، اقدم بعض ما جاء في مقاله: تحدث الكاتب عن التفجير الذي وقع في الدوحة أخيراً وقال إنه من المعيب ان ينبري بعضهم إلى إظهار الشماتة بدولة قطر بعد هذه المصيبة على خلفية قيام فضائيتها الأشهر الجزيرة بتغطية أنباء التنظيمات الجهادية في طبعتها"البنلادنية ? الظواهرية". ثم أكمل قائلاً:"نقول ذلك لان"الجزيرة"لم تصنع الظاهرة ولم تروج لها حتى لو نشرت بعض أخبارها، بل ان المسؤول الأول عن منحها ذلك الانتشار هو الولاياتالمتحدة ليس فقط باستهدافها الأمة الإسلامية وهو السبب الحقيقي للظاهرة، بل ايضاً بالمبالغة المفرطة في قوتها وحضورها وانتشارها". واختتم الأخ الزعاترة مقاله قائلاً: إن ما جرى في قطر هو جزء من مسلسل لا بد من مواجهته بالعقل والمنطق والحكمة، ليس فقط من اجل مصلحة الإسلام والمسلمين، بل ايضاً من اجل إنقاذ شبان مخلصين يعتقدون انهم ينصرون دين الله، فيما هم يضعون الحب من حيث لا يدرون في طاحونة عدوهم". أقول للكاتب إن مقاله يصلح أن ينشر في صحيفة قطرية وان تزود قناة"الجزيرة"بصورة منه كي يتسابق مقدمو برامجها لاستضافته، طالما انه لا يعتب على قناة"الجزيرة"في تناولها قضايا الآخرين بطريقة تحمل وجه الشماتة والتحريض وتغيير الحقائق، وطالما انه يبرئها براءة الذئب من دم ابن يعقوب من هذا كله، فالأفضل له ان يأخذ باقتراحي. ثم من قال له ان هناك من يشمت بدولة قطر لحدوث ذلك العمل الاجرامي الذي لا يقره نصف عاقل لا عاقل فقط. ألا يرى أن اختياره الموضوع الذي اراد فيه المرور على قطر لتبرئة"الجزيرة"من"حماقاتها"كان اختياراً خاطئاً. نحن مسلمون وعرب وأناس قبل كل شيء. لم نشمت بالولاياتالمتحدة الاميركية عندما سقط برجا مانهاتن بعمل إرهابي على رغم انتقادنا لسياستها، ولم نشمت عندما فجرت قطارات مدريد بعمل إرهابي. فما بالك ان يحدث هذا العمل في دولة عربية خليجية مسلمة؟ أقول لم نشمت لأن الرأي الشعبي والرأي الرسمي لدينا في السعودية ولدى جميع دول المنطقة وشعوبها، يدين مثل هذه الأعمال الإرهابية. أما عن قوله ان قناة"الجزيرة"لم تصنع الظاهرة ولم تروج لها وأن المسؤول الأول عن منحها هذا الانتشار هو أميركا، فأساله: ماذا تسمي"احتكار"قناة الجزيرة لأشرطة بن لادن وجماعته وتكرار ما يرد فيها من تهديدات لدول المنطقة وحكوماتها وشعوبها؟ أليست هذه مساهمة في حدوث تلك الأعمال الإرهابية؟ ألا ترى أن هذه الأشرطة تمثل رسائل إلى خلايا القاعدة في المنطقة ليقوموا بعمليات إرهابية؟ ألا ترى أن قناة"الجزيرة"أصبحت الهاتف الذي يتحدث من خلاله هؤلاء الإرهابيون مع بعضهم البعض بالصوت والصورة بعد انقطاع الاتصالات بينهم وبين قادتهم الذين ينعمون في الكهوف؟ قد نقول عن التفجير الذي حدث أخيراً في قطر"رب ضارة نافعة"، وهذه العبارة موجهة إلى قناة"الجزيرة"والقائمين عليها، ويجب ان يعلموا بعد هذا التفجير ان الإرهاب عندما طاول بيتي وأهلي وبلدي ليس بمستبعد أن يطاول بيت العاملين في تلك القناة وأهلهم ودولهم، وحينها لن يدفع الضرر عنهم من يوجههم ويدعمهم ويصفق لهم على تلك السياسة الإعلامية الحمقاء. لا احد في مأمن من شبح الإرهاب، وهذا ما أكده التفجير الأخير الذي وقع في قطر! كان الأخ الزعاترة واضحاً في التعبير عن قناعاته، فهو عندما حاول تبرئة قناة"الجزيرة"من الدور المؤذي الذي تقوم به لم يتردد في محاولته تبرئة هؤلاء الإرهابيين من جرائمهم ووصفهم بأنهم"شباب مخلصون". لا أعرف لماذا يوجد حتى الآن من يصر على ان هؤلاء الإرهابيين لا يقصدون ما يفعلون. إنهم بكامل قواهم العقلية ويعملون طبقاً لفتاوى اقتنعوا بها، على رغم ما خلفته أعمالهم من دمار وقتل للأبرياء. وعلى رغم قيام علماء الأمة بنصحهم وتبيين حجم الجرم الذي يرتكبونه، إلا انهم مصرون على الاستمرار في هذا الطريق الذي يرونه الأسرع للوصول إلى الجنة والى لقاء الحور العين، وفي الوقت نفسه يرونه الطريق الامثل للانتقام من المجتمعات التي يكفرونها ليل نهار. أرجو أن يصحو مفكرونا وإعلاميونا قبل أن يصحو الجاهلون الذين يستمدون معظم قناعاتهم مما يطرح على الساحة الإعلامية بكل أطيافها. [email protected]