لفتت انظار المسؤولين الباكستانيين امس، محاولات الولاياتالمتحدة استرضاء الهند عقب الموافقة على تزويد إسلام آباد مقاتلات"أف -16". واعتبروا أنه يندر أن يقوم الأميركيون بمحاولات إرضاء كهذه بهذا الشكل المعلن. غير أن إسلام آباد التزمت الصمت إزاء العروض السخية التي قررت واشنطن تقديمها للهند، على رغم أن المعارضة الباكستانية انتقدت صمت إدارة الرئيس برويز مشرف على ذلك. وفي ما يبدو أنها خطوة لاثبات أن الحوار الاستراتيجي الأميركي مع باكستان لا يقل عن ذلك الذي تجريه واشنطن مع الهند، كشف وزير الخارجية الباكستاني خورشيد قصوري في حديث الى صحيفة محلية أمس، أن حكومته تبلغت من الأميركيين"منذ أشهر عدة"قرار بيع الطائرات المقاتلة"غير أننا فضلنا إلتزام الصمت وعدم الإعلان عن ذلك". وتوالت محاولات واشنطن التخفيف من وطأة الصفقة الباكستانية، وكان أحدثها قرار شركة"لوكهيد مارتن"الاميركية العملاقة لصناعة الطائرات عرض إنتاج طائرات مقاتلة"أف -16 - اي"حصرياً لسلاح الجو الهندي. وذكرت قناة دوردارشان التليفزيونية الهندية أمس أن"لوكهيد مارتن"مستعدة لتصنيع طائرات"أف -16"مطورة بمواصفات هندية خاصة. ونقل عن مايك كيلي الرئيس التنفيذي للشركة قوله إنها أنتجت طائرات حصرياً لحساب دول أخرى مثل الامارات العربية في الماضي. ونقلت التقارير الإخبارية أن العروض الأميركية باتت تشمل الآن صفقات أخرى تتعلق بتوريد أجهزة رادار لرصد مواقع الاسلحة وبأن تتولى البحرية الاميركية حماية الغواصات الهندية إذا تعرضت للخطر. كما أن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى رفض الكشف عن اسمه أبلغ وكالات الأنباء في واشنطن أن وزيرة الخارجية كونداليزا رايس عرضت على رئيس الوزراء الهندي خططاً أميركية لمساعدة الهند لكي تصبح"قوة عالمية كبرى في القرن الواحد والعشرين"عبر سلسلة اتفاقات في مجالات الطاقة والتعاون النووي المدني والعسكري. وفي المقابل، عبرت المعارضة الباكستانية عن قلقها إزاء هذه التقارير، إذ أصدر أحسن إقبال من حزب الرابطة الإسلامية التابغ لرئيس الوزراء السابق نواز شريف بياناً اتهم فيه الولاياتالمتحدة بمحاولة الإضرار بتوازن القوى بين باكستانوالهند عبر تقديم عروض تعاون استراتيجي الى نيودلهي. لكن على رغم هذه العروض غير المسبوقة، لم يستطع معلقون هنود تجاوز صدمة قيام واشنطن بالموافقة على بيع مقاتلات متطورة الى باكستان، الأمر الذي ينهي نحو خمسة عشر عاماً من الانحدار في العلاقات الأميركية - الباكستانية. وكتب المعلق الاستراتيجي الهندي بي رامان من معهد دراسات جنوب آسيا في موقع المعهد الإلكتروني:"علينا أن نتفادى الشعور بالإطمئنان رداً على العروض الأميركية ببيع معدات نووية وعسكرية متطورة الى الهند. فالولاياتالمتحدة لن تتردد في التنصل من هذه العروض إذا شعرت بأنها تعرقل تطوير علاقتها مع باكستان". ورأى أن أولوية واشنطن في المرحلة المقبلة هي أفغانستان وإنهاء البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي يفرض على الأميركيين التعاون مع إسلام آباد. الا أن الباكستانيين يعتبرون أن واشنطن لن تغامر بالسوق الهندي الضخم من أجل علاقتها مع باكستان. وقال مسؤول باكستاني ل"الحياة":"الهند تنوي شراء نحو مئة طائرة مقاتلة من السوق الدولي إضافة الى معدات متطورة وخصصت موازنة ضخمة من أجل ذلك. ولا يريد الأميركيون أن يتركوا مثل هذه الفرصة تفلت من بين أيديهم".