أعلنت الولاياتالمتحدة موافقتها على بيع باكستان مقاتلات"أف - 16"، في اتفاق اعتبر مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية أن هدفه المساعدة في تحسين الأمن الإقليمي. ويشكّل هذا الإعلان تحولاً سياسياً مهماً يكافئ حليفاً رئيسياً في الحرب على الإرهاب، ويدحض المخاوف من تعرض باكستان لضغوط أميركية، نتيجة تقارير تحدثت عن تزويد العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان إيران بتصاميم متقدمة لصناعة قنبلة نووية. وأثارت الخطوة الأميركية غضب الجارة النووية نيودلهي، ما جعل واشنطن تتخد سلسلة خطوات لتعزيز العلاقات مع الهند في مجالي الدفاع والطاقة. ورأى محللون أن بيع أميركا مقاتلات إلى باكستان وعرضها بيع أسلحتها لغريمتها الهند ربما يزيد من سخونة الجدل السياسي في جنوب آسيا، وإن لن يخرج عملية السلام البطيئة عن مسارها. استرضاء الهند واتصل الرئيس الأميركي جورج بوش الذي يقضي عطلة في مزرعته في كروفورد في تكساس، شخصياً برئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ لإعلامه بقرار بيع مقاتلات"أف - 16"إلى باكستان، بحسب تأكيد الناطقة باسم البيت الأبيض دانا برينو. وقال الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء الهندي سانغايا بارو إن رئيس الوزراء مانموهان سينغ أعرب عن استيائه البالغ، وحذر بوش من أن هذا الإجراء"ربما تكون له آثار سلبية على المناخ الأمني للهند"، على رغم أن بوش سعى إلى التخفيف من أثر العملية، بإبلاغه سينغ بأن إدارته مستعدة لفتح الطريق أمام الهند لعقد صفقات مستقبلية لشراء طائرات مقاتلة من شركات تصنيع أميركية. في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الهندية أن نيودلهيوواشنطن اتفقتا على سلسلة خطوات لتعزيز العلاقات في مجالي الدفاع والطاقة. وأفادت الوزارة في بيان أنه في إطار هذا الاتفاق، وافقت واشنطن على أن تقدم شركات تابعة لوزارة الدفاع الأميركية عروضاً لتقديم طائرات مقاتلة ربما ترغب الهند في شرائها، وتبحث تقديم تكنولوجيا لنيودلهي في مجال الطاقة النووية للاستخدامات المدنية. وقال مسؤول أميركي إن الهند تبحث شراء صفقة"كبيرة جداً"من الطائرات المقاتلة، من بينها مقاتلات "أف - 16" و"أف - 18". تعزيز موقع مشرّف وكان سفير باكستان لدى الولاياتالمتحدة جهانجير كارامات فتح آفاقاً سياسية جديدة للمضي قدماً في مسألة صفقة طائرات"أف - 16"المتعثرة، عندما قال الشهر الماضي إن إسلام آباد لن تعترض على شراء الهند المقاتلات المصنعة في الولاياتالمتحدة. ومع إبرام الصفقة الباكستانية، سيتمكن الرئيس برويز مشرف من تقوية موقعه داخل المؤسسة العسكرية الباكستانية لنجاحه في تحقيق تبدل جذري في موقف الولاياتالمتحدة إزاء باكستان خلال أقل من خمس سنوات. واشترت إسلام آباد هذه المقاتلات عام 1984 في صفقة بلغت قيمتها ملايين عدة من الدولارات عرقل الكونغرس الأميركي تنفيذها منذ 1990. غير أن مشرف والمؤسسة العسكرية من ورائه استطاعت منذ توليه السلطة في 1999 أن تغير تدريجاً من موقف واشنطن إزاء إسلام آباد. ففي صيف 2000، رفض الرئيس الأميركي بيل كلينتون أن يزور إسلام آباد لأكثر من خمس ساعات مقابل خمسة أيام قضاها في نيودلهي. كما رفض أن يتم تصويره مصافحاً مشرف. لكن في صيف 2004، استضاف بوش الرئيس الباكستاني في كامب ديفيد في خطوة خصت بها واشنطن قادة قلائل في المنطقة، بينهم قادة السعودية ومصر. وكانت نيودلهي تمكنت إلى درجة كبيرة من دخول علاقة تعاون استراتيجية مع واشنطن في التسعينات. غير أن وصول الجمهوريين المقربين تاريخياً من إسلام آباد إلى البيت الأبيض وأحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 غيرت المعادلة. وجاء المثال على ذلك في خريف 2004 زيارة وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول لنيودلهي وإسلام آباد، ضمن جهود واشنطن لتخفيف حدة التوتر في شأن كشمير. وأعلن باول حينها قرار واشنطن منح إسلام آباد صفة حليف رئيسي خارج حلف الأطلسي، ما أثار غضب الهند. غير أن واشنطن حريصة على علاقتها مع نيودلهي، خصوصاً لجهة ضمان فتح السوق الهندية الضخمة طبقة وسطى حجمها 400 مليون نسمة أمام المنتجات الاستهلاكية الأميركية. وبدا ذلك واضحاً من طلب واشنطن إلى إسلام آباد عدم الإعلان عن صفقة"أف - 16"قبل أن يكلم الرئيس بوش رئيس الوزراء الهندي هاتفياً ويطلعه على قراره. وعلى رغم أن هذا القرار يتعلق ب24 طائرة مقاتلة، يقول المسؤولون الباكستانيون إنهم يتوقعون شراء نحو 70 مقاتلة، فيما قال مسؤول أميركي في واشنطن أن لا حد أدنى لما يمكن أن تحصل عليه إسلام آباد عقب قرار بوش الذي يعيد التعاون العسكري بين إسلام آباد وواشنطن إلى ما كان عليه في فترة الحرب الباردة. وما زالت ثمة عقبة متمثلة في الكونغرس التي يجب على كل من إدارتي بوش ومشرف تجاوزها قبل المضي قدماً في الصفقة. غير أن الإشارات الأولى مشجعة. فقد نشط المناوئون لهذا القرار في الأيام الماضية لكن لم ينجحوا في عرقلته. وحتى السناتور السابق من داكوتا، لاري بريسلر، خرج عن صمته وكتب افتتاحية في"نيويورك تايمز"في بدء الأسبوع الجاري مطالباً إدارة بوش بوقف صفقة المقاتلات وأخذ موقف موالٍ للهند. وبريسلر هو صاحب التعديل المشهور الذي يحمل اسمه والذي تم بموجبه وقف صفقة المقاتلات التي تمت في 1984 بناء على إصرار إسلام آباد على الاستمرار في برامجها للتسلح. وبريسلر عضو في مجلس إدارة شركة إنفوسيس الهندية - الأميركية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والناشطة في الهند.