بدأت المعارضة القيرغيزية نشاطاً مكثفاً لتعزيز سلطاتها وإعادة الهدوء الى الجمهورية، بعد مرور أقل من يوم واحد على انتصار تحرك شعبي انتهى بسقوط النظام وفرار الرئيس عسكر أكاييف من البلاد. واختار البرلمان كورمان بيك باكاييف، أبرز زعماء المعارضة، قائماً بأعمال الرئيس ورئيساً للوزراء، خلال مرحلة الاعداد لانتخابات رئاسية تقررت في حزيران يونيو المقبل، وسط اشارات الى اعتراف الدول الكبرى بالقيادة القيرغيزية الجديدة. سرقة وقتل وأفاق القيرغيزيون أمس، على واقع جديد في بلادهم بعد خمسة عشر عاماً من حكم الرئيس أكاييف. وسيطر الهدوء على العاصمة بشكيك بعد ليل ساخن شهد أعمال نهب واسعة النطاق، تعرضت لها المحال التجارية ومؤسسات الدولة. وعلى رغم اطاحة النظام الحاكم من دون إطلاق رصاصة واحدة، سمعت اصوات الطلقات في غالبية مناطق العاصمة طيلة ليل الخميس - الجمعة. وقالت مصادر محلية ان خمسة اشخاص قتلوا وجرح مئات آخرون، ما دفع المعارضة الى تحرك عاجل ظهرت بعده دوريات عسكرية جابت انحاء المدينة وأعلنت عبر مكبرات الصوت عن فرض منع التجول. البرلمان في جلسة طارئة وعقد البرلمان القيرغيزي في ساعة متأخرة من ليل اول من امس، اجتماعاً طارئاً بتركيبته القديمة بعدما اقرت المحكمة الدستورية بطلان نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي فجرت الاحتجاجات في البلاد. وتلا ذلك اجتماع آخر صباح أمس، قررت فيه الهيئة الاشتراعية تكليف أبرز زعماء المعارضة كورمان بيك باكاييف تولي مهمات رئيس الدولة بالوكالة، إضافة إلى رئاسة الحكومة الموقتة التي ينتظر ان يعلن عن تركيبتها اليوم السبت. باكاييف وباكاييف خبير اقتصادي شغل مناصب حكومية عدة في السابق قبل ان يتولى رئاسة الوزراء لفترة استقال بعدها عام 2002، احتجاجاً على قيام الأجهزة الأمنية بإطلاق النار على تظاهرات اندلعت جنوب البلاد احتجاجاً على تردي الاوضاع الاقتصادية، ما اسفر وقتذاك عن مقتل عدد من الاشخاص. وتعهد الرئيس الجديد في اول تصريح له، بإجراء انتخابات رئاسية ديموقراطية خلال مهلة اقصاها حزيران يونيو المقبل. وشدد على التزام القيادة القيرغيزية الجديدة بتعهدات قيرغيزستان الدولية، بما فيها المتعلقة بنشر القواعد العسكرية الاجنبية في البلاد في اطار عمليات مكافحة الارهاب. ومعلوم ان الولاياتالمتحدةوروسيا تحتفظان بقاعدتين عسكريتين في قيرغيزستان. ووجه الرئيس القيرغيزي بالوكالة إشارة واضحة الى موسكو، عندما أكد حرص السلطة الجديدة تعزيز التعاون مع"الشريك الاستراتيجي التقليدي"لبلاده. ودعا روسيا الى تقديم المساعدة للشعب القيرغيزي من اجل تجاوز الاوضاع الحالية وحل المشكلات الاقتصادية الحادة في البلاد. من جهتها، اعترفت المحكمة الدستورية بشرعية وضع باكاييف كرئيس بالوكالة، نازعة بذلك صلاحيات الرئيس المخلوع أكاييف الذي اكدت مصادر مقربة منه أنه"لم يوقع قرار استقالة، وما زال رئيساً شرعياً لقيرغيزستان". تعيينات جديدة وفي اطار تسويات داخلية ضمن معسكر المعارضة القيرعيزية، أصدر الرئيس الجديد قراراً بتعيين أبرز رموز المعارضة فيليكس كولوف الذي يحظى بشعبية واسعة، رئيساً لاجهزة الأمن، وكلفه ضبط الاوضاع الامنية واعادة الهدوء الى البلاد. كما كلف النائب المعارض اشينباي قديربيكوف برئاسة البرلمان خلال الفترة الانتقالية. وكان رؤساء الاجهزة الامنية وعدد من الوزراء بينهم رئيس الوزراء في النظام المخلوع نيكولاي تانايف قدموا استقالاتهم بعد ساعات على اعلان فرار اكاييف من البلاد. ملابسات رحيل أكاييف وظهرت امس، تفاصيل جديدة في شأن ملابسات رحيل اكاييف المفاجئ، اذ قال مسؤولون في الديوان الرئاسي ان التطورات المتسارعة التي استغرقت ساعات معدودة اول من امس، لم تفسح مجالاً للرئيس من اجل ترتيب عملية انتقاله. ولم تتمكن الجهات المختصة من تنسيق عملية نقل اكاييف الى دولة اخرى، ما ادى الى ركوبه الطائرة من دون ابلاغ اية جهة، بما في ذلك روسيا وكازاخستان، وهما الجهتان المحتملتان للجوئه. وقال المصدر ان طائرة الرئيس حلقت بعض الوقت في الجو من دون وجهة محددة قبل ان يقع الاختيار على كازاخستان بسبب كونها الاقرب الى قيرغيزستان. من جانبها، اعلنت المكلفة بحقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة روزا اوتونبايفا ان اكاييف لم يعد رئيساً منذ لحظة فراره، وأكدت حرص القيادة الجديدة على قيام سلطة شرعية ديموقراطية خلال اسرع وقت ممكن. مواقف دولية في غضون ذلك، ظهرت اشارت الى اعتراف الدول الكبرى بالتغييرات الاخيرة في قيرغيزستان، اذ اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس انها بحثت مع الرئيس جورج بوش الاوضاع المتسارعة في هذا البلد، واكدت ان واشنطن ستقدم مساعدات لمختلف الاطراف من أجل تعزيز الديموقراطية هناك، معتبرة ان هذه العملية"بدأت لتوها في قيرغيزستان". وقالت ان بلادها ستتعاون مع المفوضية الاوروبية للأمن والتعاون التي تبذل جهوداً لتطبيع الوضع في قيرغيزستان. من جانبها، أكدت روسيا استعدادها للتعاون مع القيادة القيرغيزية الجديدة. وقال الرئيس فلاديمير بوتين الذي يقوم بزيارة الى أرمينيا ان بلاده ستواصل تطوير تعاونها مع قيرغيزستان ووصف رموز المعارضة بأنهم"شخصيات معروفة تماماً بالنسبة إلى موسكو وعملوا الكثير من أجل تطوير الصداقة الروسية القيرغيزية". في المقابل، أكد بوتين أن بلاده لا تعارض استقبال أكاييف إذا أبدى الاخير رغبة في الانتقال الى موسكو.