دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    11% انخفاض ضبطيات الدراجات المخالفة    مراكز متخصصة لتقييم أضرار مركبات تأجير السيارات    الإدارة العامة للأمن المجتمعي.. تعزيز الحماية وصون الكرامة    المملكة تدين المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لزعزعة أمن واستقرار سوريا والمنطقة    الكشخة النفسية    النقد الأدبي الثقافي بين الثوابت المنهجية والأمانة الفكرية    نفاد تذاكر مواجهة الأخضر السعودي والصين في تصفيات مونديال 2026    "أخضر الشاطئية" يكثف تحضيراته للمشاركة في كأس آسيا    خطاب الإنتماء" ندوة علمية في تعليم سراة عبيدة ضمن أجاويد3    هدايا الخير لمرضى ألزهايمر    المودة تحتفي باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية بتأهيل 6470 أخصائيًا    مدارس نهج العالمية تطلق مبادرة "نهجنا لمستقبل مشرق" في أجاويد 3 بعسير    20 نقطة للتطوع في مفاضلة فرص المعلمين    الذاكرة المستعارة في شارع الأعشى    440 مبتعثا صحيا وكندا الوجهة المفضلة ب33 %    موسم ثالث للتنقيب الأثري بالليث    رسمياً... إجازة إضافية لطلاب وطالبات ومنسوبي التعليم بمدن جدة ومكة والطائف    منصات وزارة الداخلية تُكثّف توعية قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال شهر رمضان    3 جهات للإشراف على وجبات الإفطار بالمدينة المنورة    تبقى الصحة أولى من الصيام    إقبال على دورات الإنعاش القلبي    الاتفاق يتمسك بالشهري بعقد جديد    «أوبك+» تتجه إلى إلغاء تخفيضات الإنتاج الطوعية تدريجيًا بدءًا من أبريل 2025    دول "الخليجي": إعادة إعمار سورية واستقرارها ضرورة إنسانية وأمنية    «شارع الأعشى» يثير الجدل ويتصدر المشاهدة..    الأهلي والهلال في الإنماء والفيصل يستقبل النصر    "الأخضر" ينتظر الدعم    الأهلي والقادسية صراع على ذهب السيدات    أخضر الشاطئية يواصل استعداده في بتايا    محافظ الطوال يشارك في الإفطار الرمضاني الجماعي للمحافظة    سعود بن بندر: المملكة أولت الأيتام عناية خاصة    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد العباسة بجازان    ضمن مبادرة وزارة البلديات والإسكان    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق    مشروع «تعظيم البلد الحرام».. 300 ساعة تطوعية لخدمة ضيوف الرحمن    تقرير «مؤتمر أجا التقني» على طاولة نائب أمير حائل    تنامي طلبات نزلاء فنادق مكة على «الأكلات الشعبية» يعزز توظيف السعوديات    الشؤون الإسلامية: يمنع التسول داخل المساجد وساحاتها    مباحثات هاتفية بين ترامب وبوتين لأكثر من ساعتين    السعودية للشحن: شحنات التمور ارتفعت 64 % وننقلها إلى أكثر من 45 وجهة عالمية    سمو ولي العهد يُطلِق خريطة "العمارة السعودية" لتعزيز الهوية العمرانية في المملكة    استمرار هطول الأمطار الرعدية وزخات البرد على عدة مناطق في المملكة    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ فعالية "الشهر العالمي للتغذية"    230 مليون سهم تداولات السوق السعودي    الحج لضيوف الرحمن: تجنبوا تحويل الأموال إلى جهات مجهولة    تأمينا لخطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.. أمريكا تواصل ضرباتها لإفقاد الحوثيين القدرة على استهداف السفن    الاتحاد السعودي للهجن يختتم دورة تدريبية لمنسوبيه    أكد أن نظام الإعلام الجديد يحفز الاستثمارات.. الدوسري: لا يقلقني موت الصحافة الورقية.. يقلقني موت الصحفي    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الاقتحامات والاعتداءات وإرهاب السكان.. 45 ألف نازح في جنين وطولكرم بالضفة الغربية    جهاز داخل الرحم (2)    8 خدمات نوعية للقطاع الوقفي    تتبع وإعادة تدوير لوقف هدر الأدوية    العلم الذي لا يُنَكّس    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معرض للرسام السوري نزار صابور . "عنترة" فارساً معاصراً باللون والرمز
نشر في الحياة يوم 20 - 03 - 2005

تحيل تجربة نزار صابور في معرضه الجديد"عنترة زماننا"المقام الآن في خان أسعد باشا في دمشق، إلى ثراء المخيلة الشعبية في استنباط شخوصها وملاحمها، توكيداً على خصوصية مخزونها الحكائي والبصري. ولعل هذا التشكيلي السوري البارز، هو واحد من الذين اشتغلوا بعمق ودراية على الإرث المشرقي، بحشد أفكار متفردة في إبراز هذا الجانب وتوكيده في معارض متلاحقة، منذ مطلع الثمانينات إلى اليوم، سواء عبر اشتغاله على معطيات الاسطورة أم من خلال تناوله معمار الأبواب الدمشقية والمقرنصات الإسلامية، إلى المنمنمات والتعاويذ، وصولاً إلى الأيقونة، هذه التي طبعت الشكل الخارجي للوحاته التي تغلب عليها دفقة شعرية ومسحة روحية لافتة.
في معرضه"عنترة زماننا"يتوغل نزار صابور أكثر في كسر الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم، مستلهماً من شخصية"عنترة"عشرات المقترحات البصرية واللونية والحكائية، وربما كان اختياره فضاء خان أسعد باشا في وسط دمشق القديمة، بكل رحابته، فرصة لاستعادة طقس صندوق الفرجة. ويستقبل الزائر بجدارية ضخمة، تتوسطها صورة لعنترة وعبلة من رسوم أبي صبحي التيناوي، أشهر رسام فطري عرفته دمشق في القرن العشرين توفي في العام1973، هذه الصورة ستكون محور المعرض بأكمله ومدخلاً دلالياً لاشتغالات هذا الفنان على أحد الرموز الشعبية في الذاكرة، من دون أن يهمل البعد الحكائي لهذه الشخصية، إذ يرفد اللوحة ببعض أشعار عنترة، كما يستحضر رؤى"الواسطي"في توشيح المنمنمات.
والمعرض في نهاية المطاف هو بمثابة تحية لهذين الفنانين اللذين أكدا خصوصيتهما الشرقية في التصوير، بعيداً من أية مؤثرات وافدة، وكأن نزار صابور، في هذه الالتفاتة، يرغب في تأكيد خصوصيته هو الآخر، بتعامله مع إرث هذه المنطقة، وإحياء فنونها التقليدية من موقع البحث والتجريب، واختبار أدواته في إضفاء لمسة حداثية، هي مزيج من المرجعيات البصرية والغنى اللوني لفنون التصوير العربية في شكلها البدائي.
وفي أحيان أخرى، يقارب آليات الشريط السينمائي أو صندوق الفرجة برؤى بصرية متكررة لأحوال عنترة وعلاقته التراجيدية بعبلة، هذه العلاقة التي تتراوح بين الأشواق الحارة كما رسمتها الذاكرة الشعبية، وانكسارات عنترة اليوم، وهو ينسحب من الإطار في متوالية بصرية، تشير بصراحة إلى أن عنترة الذاكرة، هو غير عنترة اليوم. وهذا ما توحي به التبدلات اللونية بين عمل وآخر. ويوضح نزار صابور أن هناك فروقاً جلية بين الصورة الشعبية المتخيلة، وما آلت إليه صورة"أبو الفوارس"، فيما ظلت عبلة تفاحة محرمة وحلماً مؤجلاً.
تسعى الاشتغالات هذه الى الإطاحة بالتصورات الجاهزة، نحو تفاصيل لونية وخطية، تتحكم بها علامات موسيقية، تقود بالضرورة إلى حس روحاني وسمات جمالية، تتبلور في حالات من التكثيف والاختزال. وبذلك يلتقط نزار صابور كلمة السر أو المفتاح السحري الذي انطلقت منه تجربتا الواسطي وأبي صبحي التيناوي، في عملية كولاج صريحة، تقوم على طمس الأصل أو تكراره، بإضافات لونية حديثة بغية إبراز أهمية السياق التقني في إيصال الشحنة التعبيرية المنفلتة من تجاذبات الفكرة. هكذا يهيمن الرمادي والأسود على مساحة اللوحة كموقف نقدي من شخصية عنترة المثقلة بالرمزية، فيما تغرق صورة عبلة بشهوة الأحمر، وأحياناً بالأزرق، تبعاً لتصورات حسية تفرضها الذائقة الشعبية المتوارثة، إذ تتجلى براعة هذا التشكيلي في إظهار أكثر من سطح للوحة في سبيل إبراز الرغبات المؤججة أو الكشف عن هوة الغياب، خصوصاً لجهة المقترحات اللونية التي تضيء تباينات الحال الروحية والصوفية لهذه الرغائب.
وقد نجد في رسم حصان عنترة من دون فارس في شكل متكرر على سطح واحد وفي تجليات مختلفة صورة لانكساراته وهزائمه بحضور عبارة من نوع"ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني"، هذه العبارة وسواها، تشكل مفتاحاً معرفياً آخر لصبوات هذا الفنان وانطباعاته عن الفن الشعبي، من دون أن تمس في العمق، رؤية الفنان الشعبي للشخصية الملحمية، إذا لم نقل برغبة في التجاور الخطي، وفي أحيان أخرى برغبة في نسف النسخة القديمة وإعادة تشكيلها من منظور مختلف، يواكب تحولات اللحظة الراهنة، هذه اللحظة التي تشي بالغياب والتلاشي، وكأن صورة عنترة، ليست أكثر من حلم ضبابي، أججتة المخيلة الشعبية لا أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.