ينهي وزراء الخارجية العرب اليوم اجتماعاتهم التحضيرية في الجزائر بمشروع بيان ختامي سيُرفع إلى القمة التي ستجتمع الثلثاء والأربعاء. وعقد الوزراء أول اجتماع لهم ظهر أمس، متأخراً ساعتين عن الموعد المحدد، بسبب تأخر وصول بعضهم ما ساهم في تخفيف"الاحتقان"الذي رافق طرح مشروع قرار أردني تناول عملية السلام واثار كثيراً من الجدل وردود الفعل المتباينة وتساؤلات عن"أسبابه وجدواه ومغزاه"!، وتلقى"الاقتراح الأردني"أول ضربة عندما شدد وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بن خادم على أن"مبادرة السلام العربية"، التي قدمها ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتبنتها قمة بيروت عام 2002"يجب أن تكون لها الأولوية المطلقة"خصوصاً بعدما ترسخ الاعتقاد في أروقة الاجتماع أن المشروع الأردني بديل عن"مبادرة السلام العربية"، ما جعل وزير الخارجية الأردني يدافع بعد انتهاء الجلسة الأولى عن المشروع، مؤكداً أنه"ينص على الالتزام بمبادرة السلام العربية، التي أطلقت في قمة بيروت، ولا يمثل بديلاً لها". ولم تتضمن كلمة الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى أي إشارة إلى المشروع الأردني، وركزت على أوضاع الجامعة وإنجازاتها والرد على الانتقادات التي توجه اليها وحمّل الدول العربية المسؤولية عن إخفاق"قد يحدث"وتساءل عن التزامات مالية تجاه الجامعة لم تُسدد، وعن إهانات"يتعرض لها العرب من دون أن يتخذوا مواقف جادة منها". وقال إن"الجامعة تتحمل المسؤولية ولها القدرة على تحمل المزيد لكن في ظل دعم الحكومات العربية وليس بعيداً عنه"، وتحدث عن قضية الإصلاح السياسي وأشار إلى إجراءات اتخذها بعض الدول رأى أنها"تتوافق مع رؤى الإصلاح التي طُرحت في قمة تونس العام الماضي". وفوجئ الصحافيون عقب خروج الوزراء بأن المناقشات"تناولت قضايا أخرى وأن الرؤية الاردنية رُحلت الى الجلسة المسائية". وقال مسؤول عربي كبير ل"الحياة"إن"إعادة صياغة مبادرة السلام العربية أمر يواجه اعتراضات كبيرة"، مشيراً إلى أن المبادرة"صارت قراراً عربياًَ صدر عن أعلى مستوى وأي تعديل عليه سيجعل تلك القرارات مهزوزة". وقال رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي ل"الحياة"إن"الوفد الفلسطيني رفض صيغة المبادرة الأردنية ولم يوافق على تعديلها". واشار إلى"مواقف دول عربية أخرى اتفقت مع الموقف الفلسطيني". وافادت معلومات أن وزراء عرضوا تسليم نص المشروع الأردني إلى الوفد الفلسطيني ليصيغ أموراً تنظيمية فيه ويعيده إلى وزراء الخارجية مرة أخرى، وهذا ما فسره وزير الخارجية الاردني هاني الملقي الذي أشار إلى أن الأمر"يتعلق بأمور تقنية وليست سياسية"مؤكداً أن"الاقتراح الأردني لا يهدف إلى تعديل المبادرة العربية، إنما يؤكد على البنود الرئيسية فيها ومنها انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين من خلال صيغة موجزة وواضحة بهدف تفعيل المبادرة والحصول على تأييد المجتمع الدولي لها". "الاسباب والمغزى" وسألت"الحياة"الوزير الملقي عن الأسباب التي استند إليها الأردن في تقديم المشروع ومغزى الإجراء وتوقيته، فقال"الهدف هو إيصال المبادرة إلى المجتمع الدولي بعدما وصلت إلى المجتمع الإسرائيلي من خلال صيغة مختصرة والتوقيت ليس له علاقة إلا بالمصلحة العربية". وكشف وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط عن لقاء بين وزراء الخارجية العرب ليل أول من أمس الجمعة لمناقشة المقترح الأردني بإعادة صوغ بنوده، وتوقع الوزير المصري أن الأفكار الأردنية تقضي بإعادة تأكيد أفكار مبادرة السلام العربية"بصياغات أكثر وضوحاً وإيجازاً وتتضمن عناصر المبادرة الأساسية ذاتها". وقال أبو الغيط في تصريح ل"الحياة"أن"مبادرة السلام العربية دارت في نطاق محورين أساسيين، الأول فيهما تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الشامل وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية مقابل ذلك يبدي العرب استعدادهم لإقامة علاقات ديبلوماسية طبيعية وسلام كامل مع إسرائيل". وأعلن أبو الغيط أن وزراء الخارجية كلفوا وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة بالعمل على صوغ الأفكار الأردنية المقترحة وفق صيغة جديدة تؤكد على المبادئ الأساسية للمبادرة العربية للسلام. وحين سألت"الحياة"وزير الخارجية الفلسطيني عن ذلك أوضح أن وزراء الخارجية"كلفوني بالفعل وضع صيغة تكون مقبولة عربياً ودولياً، لكن من دون تعديل المبادرة الأساسية للسلام". ووصف مهمته بأنها"تكنيكية"وبدا من مواقف الدول العربية أن السعودية والجزائر وسورية ولبنان تعارض بشدة أي اقتراحات لتعديل مبادرة السلام العربية. وعلى رغم أن وزير الخارجية الأردني أكد أن المقترح الأردني"لا يستهدف التعديل إلا أن مصدراً عربياً قال إن"الأفكار الأردنية ستجعل الموقف العربي لا يشترط تخفيف المطالب العربية كشرط للتطبيع مع إسرائيل". وقال وزير الخارجية المصري ل"الحياة"إن بلاده"قدمت الى الاجتماع التحضيري مشروعاً يتعلق بإصلاح الأممالمتحدة لا يتناول فقط قضية توسيع عضوية مجلس الأمن الدولي لكن يتناول عناصر الاصلاح في الأممالمتحدة". وكان وزراء خارجية الدول العربية بدأوا اجتماعهم التحضيري للقمة بتناول القضايا المهمة التي لا تأخذ وقتاً طويلاً بعد الجدل مثل قضية دعم الحكومة الشرعية في الصومال، وفي الوقت الذي وافقوا فيه على تقديم 26 مليون دولار كمعونة مالية عاجلة لدعم الحكومة تحفظوا على مسألة اشتراك قوات عربية- ضمن قوات أفريقية- لحفظ السلام في الصومال. وأقر وزراء الخارجية العرب القرار الخاص بتشكيل برلمان عربي مشترك يكون مقره دمشق ويتم تمويله بنسب المساهمة المالية للدول الأعضاء في الجامعة العربية. ودار جدل بين الوزراء في شأن سبل تعيين أعضاء هذا البرلمان ورأت دول الخليج العربية أن يتم تعيين ممثليها في هذا البرلمان ممن تختاره هذه الحكومات من دون النظر إلى عضويتهم أو عدم عضويتهم في البرلمان أو مجالس الشورى أو المجالس الوطنية لكن باقي الوزراء رأوا أن الأعضاء الذين تعينهم حكوماتهم في البرلمان العربي يجب أن يكونوا أعضاء في هذه المجالس حتى لا تنتفي الصفة الشعبية عن هذا البرلمان. وفي النهاية تمت الموافقة على الصيغة الثانية.