شهدت منطقة الخليج في الشهور الماضية "فورة" في نشاط المصارف الاسلامية، وظهر عدد جديد منها فيما أطلقت مصارف اجنبية في المنطقة خدمات اسلامية لتلبية الطلب المتزايد عليها والذي ينمو بنسبة 20 في المئة سنوياً. وقدر خبراء على هامش منتدى "التمويل الاسلامي السابع" الذي افتتح في دبي امس حجم الاصول الاسلامية في منطقة الخليج بأكثر من 180 بليون دولار، علماً ان حجمها حول العالم يقدر بنحو 300 بليون. وأصدرت المصارف الاسلامية في المنطقة صكوكاً في اسواق الاسهم المحلية لتمويل مشاريع وصفقات طيران، زادت المبالغ المكتتب بها عن المبالغ المطلوبة. وقدرت شركة "تاورز اند هاملينز" الدولية قيمة السندات الإسلامية الصادرة في دول الخليج العام الماضي بأربعة بلايينپ دولار. وأشارت تقارير اقتصادية إلى نمو سوق الصكوك الإسلامية في دول الخليج، اذ اطلق "بنك نوريبا" في البحرين العام الماضي صكوكاً اسلامية بقيمة 350 مليون دولار. كما أصدرت في البحرين صكوك إجارة بقيمة 1.3 بليون دولار، وفي قطر بقيمة 700 مليون دولار. وأصدرت الامارات سندات لمصلحة دائرة الطيران المدني في دبي. ووقع بيت التمويل الكويتي "بيتك" اتفاقي تمويل بنظام المرابحة تصل قيمتهما إلى 70 مليون دولار لمصلحة شركتين تركيتين. وعزا محللون نمو هذا القطاع الى عوامل تتصل بأسلوب عمل المصارف الإسلامية، ومنها اتجاه معظمها إلى تأسيس محافظ استثمارية محلية وصناديق استثمار في الأسهم العالمية، ما أدى إلى توسيع قاعدة السوق أمام هذه المصارف وازدياد الخدمات المالية والاستثمارية التي تقدمها، ليبلغ عدد برامج تمويل هذه المصارف 26. ودفع نجاح الخدمات المصرفية الإسلامية عدداً من المصارف العالمية إلى تقديم مثل هذه الخدمات مثل مجموعة "هونغ كونغ شانغهاي المصرفية" و"تشيس مانهاتن سيتي بنك"، فضلاً عن مصارف إقليمية ومحلية مثل "البنك الأهلي التجاري" السعودي و"البنك السعودي الهولندي" و"مي بنك الماليزي". كما انشئ "بنك بريطانيا الإسلامي" في بريطانيا العام الماضي. وفي إطار فتح سوق التمويل الإسلامي أمام مؤسسات الإقراض الأجنبي، منحت ماليزيا ترخيصين مصرفيين إسلاميين لبنوك من الشرق الأوسط للعمل فيها، في إطار سعي البنك المركزي لتحويل ماليزيا، التي يشكل المسلمون نسبة 60 في المئة من عدد سكانها، إلى مركز عالمي للتمويل الإسلامي. وافتتحپ"اتش اس بي سي" و"سيتي بنك"پ فروعاً إسلامية في الشرق الأوسط العام الماضي، فيما حصل "بنك قطر الإسلامي" على رخصة لفتح فرع له في ماليزيا في تشرين الاول اكتوبر الماضي 2004، بعدما انشأ "بيت التمويل العربي" في لبنان في كانون الثاني يناير. وينتظر المصرف الموافقة على افتتاح "بيت تمويل أوروبي" في بريطانيا و"بيت تمويل" آخر في الولاياتالمتحدة. ومن المنتجات التي بدأ بعض المصارف الاسلامية تطويرها لخدمة المسلمين، من تركيا الى اندونيسيا، صناديق التحوط والسندات المدعومة بصول والرهن العقاري والصناديق العقارية وصناديق الاسهم الخاصة، علماً ان التمويل الاسلامي ظهر كسوق نامية في العقد الماضي ودعمته في شكل اساس صناديق الاسهم، ولكنه لقي رواجاً كبيراً بعد احداث الولاياتالمتحدة. وقال وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة محمد خلفان بن خرباش في افتتاح المنتدى الذي حضره اكثر من 200 خبير مالي عربي واجنبي، ان المنطقة "شهدت خلال العام الماضي ما يمكن وصفه بفورة في نشاط المصارف الاسلامية، وفرض نجاح التعاملات المالية الاسلامية وضخامتها مصطلحات جديدة على الخدمات المصرفية والمالية العالمية مثل الصكوك والمشاركة والمضاربة والاجارة". وأوضح تقرير صادر عن "البنك الاسلامي للتنمية" في جدة ان المصارف الاسلامية مرشحة لاستقطاب ما بين 40 و50 في المئة من المدخرات الاسلامية العالمية في السنوات العشر المقبلة. ورأى خبراء ان اجمالي الصناديق المتاحة للعمليات المصرفية الاسلامية "لا يزال هامشياً مقارنة بثروة مالية تقدر بنحو 1.1 تريليون دولار في الشرق الاوسط من دون اضافة اموال المسلمين الاثرياء المقيمين خارج المنطقة". ولم ينكر الخبراء التحديات التي تواجه المصارف الاسلامية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع هبوب رياح العولمة على المنطقة، التي تسعى المصارف الاجنبية من خلالها الى شراء مصارف اسلامية. وقال رئيس سلطة دبي للخدمات المالية حبيب الملا: "يكمن التحدي في تلبية النمو الهائل في هذا القطاع، من طريق خدمات جديدة وتأسيس قاعدة معرفية جديدة في مجال صناعة الخدمات الاسلامية لاستيعاب التطورات التي تحدث في هذه الصناعة". وفي المقابل، رأى الخبراء ان اقتراب المصارف الاسلامية اكثر من القواعد الدولية في ما يتعلق بكفاية رأس المال وادارة المخاطر وحسن إدارة الشركات والشفافية ربما تعزز مكانتها. واشاروا الى ان نمو عدد المؤسسات العالمية العاملة في مجال العمل المصرفي الإسلامي يمنح القطاع المزيد من الصدقية وربما يساعد على جذب مستثمرين جدد سواء من المسلمين او غيرهم اليه.