استعادت إصدارات الصكوك في منطقة الخليج نموها منذ بداية العام الجاري، ما يعكس تنامي ثقة المستثمرين العالميين في هذا النوع من أدوات التمويل التي توفر عائدات مرتفعة وآمنة. وتوقع خبراء ان ترتفع قيمتها في المنطقة الى 30 بليون دولار نهاية هذا العام، بعد تراجع كبير خلال العامين الماضيين، نتيجة أزمة المال العالمية. وأوضح كبير المحللين في مؤسسة «زاوية»، عدنان نحلاوي، ان «اسواق الصكوك في منطقة الخليج عادت الى سابق عهدها، في وقت يتأهب القطاع للصعود في بقية دول العالم». وأكد تقرير للمؤسسة امس، أن قيمة اصدارات الصكوك في العالم تجاوزت 5.3 بليون دولار الشهر الماضي، ما يرفع قيمتها منذ مطلع السنة الى 39 بليوناً». وأفاد «بنك بوبيان»، بأن إصدارات الصكوك «نمت في شكل ملحوظ حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، متجاوزة نسبة 49 في المئة، وفاقت إجمالي ما أُصدر على مدى العام الماضي». وتميز تشرين الأول (أكتوبر) بازدياد عدد الدول التي شهدت عمليات إصدار رئيسة للصكوك، أهمها قطر والسعودية وماليزيا وإندونيسيا. وكان «مصرف قطر الإسلامي»، أصدر صكوكاً بقيمة 750 مليون دولار، أُدرجت في بورصة لندن، وهو الإصدار الأول لصكوك غير سيادية من قطر هذا العام، في حين أصدر «البنك الإسلامي للتنمية» صكوكاً ب 500 مليون دولار، أُدرجت في بورصتي لندن وماليزيا. ويُتوقع أن يصدر «مصرف أبو ظبي الإسلامي» هذا الشهر صكوكاً قيمتها 750 مليون دولار، ستُدرج في بورصة لندن. وأعلنت غير جهة، عزمها إصدار صكوك، منها مصرف «غايت هاوس» في لندن بقيمة 70 مليون جنيه استرليني. ويمكن أن تسرع شركة «جبيل» للتكرير والبتروكيماويات السعودية»، في عملية إصدار صكوك بقيمة بليون دولار قبل نهاية الربع الأخير من العام الجاري. كما أشارت «مجموعة أحمد سالم بغشان في السعودية»، إلى أنها في صدد إصدار صكوك بقيمة 100 مليون دولار لتمويل مشاريعها. ويُرجح أن تصدر حكومة باكستان صكوك إجارة بقيمة 40 بليون روبية. وكانت شركة «إش بي»، أعلنت توقيع اتفاق في ماليزيا لإصدار صكوك في سوقها. وتواصل دول تعديل قوانينها، لتسهيل عمليات إصدار الصكوك على أراضيها. إذ تعد الحكومة الأردنية لإنجاز قانون ينظم إصدار صكوك سيادية، وكان البرلمان سمح لمصرف «الراجحي» بإصدار صكوك من خلال وحدته الأردنية، طالباً منه التنسيق مع مجلس الإفتاء على أن يبيع الصكوك للمصارف المحلية. وفي كازخستان، يُرجح تبني قانون التمويل الإسلامي خلال الشهرين المقبلين، فضلاً عن العمل في اتجاه الصكوك في مصر والهند وأستراليا وكندا. أما في ماليزيا، أكبر الأسواق العالمية للصكوك وفي خطوة من شأنها تعزيز مكانتها في أسواق الصكوك، تنوي المصارف الماليزية إصدار مؤشر للصكوك المحلية. كما تعتزم الحكومة تشجيع الشركات على بيع صكوك للمستثمرين الصغار وتعمل بورصة ماليزيا على هذا الموضوع. وفي منطقة الخليج العربي، أعلنت بورصة البحرين إطلاق «بيت البورصة»، الأول في المنطقة لمنتجات التمويل الإسلامي، فيما تنوي بورصة قطر بدء تداول السندات والصكوك في الربع الأول من العام المقبل. وتُعتبر الصكوك احدى أهم الأدوات المالية الإسلامية، المساهمة في شكل فاعل، في تمويل مشاريع البنية التحتية المتنوعة، واعتمدت عليها بلدان كثيرة في تمويل المشاريع الكبرى. فعلى مستوى دول مجلس التعاون، لا تزال الإمارات والسعودية تتفوقان على بقية دول الخليج في إصدار الصكوك. ورأى محللون ومراقبون لتطور المصارف الإسلامية، أن عام 2007 «شكّل البداية الحقيقية القوية لنمو الصكوك، إذ شهد إصدارات بقيمة 47 بليون دولار، متجهة إلى احتلال موقعها الذي تستحق بوصفها احدى أهم الأدوات المالية الإسلامية وأكثرها قبولاً كبديل من السندات التقليدية. لكن أزمة المال العالمية وتداعياتها على قيمة الأصول خصوصاً العقارية، أدت إلى تراجع الإصدارات الجديدة إلى حد بعيد. ففي عامي 2008 و2009 لم يتجاوز حجمها 17 بليون دولار و32 بليون دولار على التوالي. لكنها استعادت توازنها وثقة المدخرين فيها بسرعة، بما أظهرته من ثبات في مواجهة الأزمة وتحقيقها عائدات مجزية وصلت خلال الأزمة إلى 7 في المئة. وكان تقرير بنك «بوبيان» اكد أن انتعاش إصدار الصكوك «بدأ مجدداً في منتصف عام 2009، وازدادت وتيرته مع مطلع هذا العام، متزامناً مع إعلان بعض دول العالم عن بزوغ فجر التعافي الاقتصادي، إذ عاد النشاط مجدداً إلى سوق الصكوك». ولوحظ ان القطاع الخاص لم يسجل أي إصدار للصكوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي في النصف الأول من هذا العام، ما يزيد التوقعات باحتمال أن تزيد قيمتها نهاية العام الجاري، على 30 بليون دولار مع دخول دول الخليج فيها.