سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" في صحراء الطوارق تتقصى الحقائق . الأميركيون في صحراء أزواد يهيئون لأفغانستان جديدة وتحالف وشيك بين الطوارق المسلحين والجماعات الجزائرية 1 من 5
هل سيكتب أخيراً لصحراء العرب والطوارق أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه... من بوابة الإرهاب؟ آلاف العرب والطوارق صعدت أرواحهم إلى بارئها على ثرى صحراء أزواد، لكن أحداً لا يعرف أو لا يهتم بمعرفة مجرد اسمها! قطعاً، إن الإرهاب شيء مذموم في كل بقاع الأرض، إلا في صحراء أزواد، التي لم تخل يوماً من إرهاب الصحراء نفسها للطوارق والعرب الذين تحتضنهم، حتى إذا أمنوها ارتدت عليهم بجفافها، قتلاً وتهجيراً. أو إرهاب الفرنسيين الذين جابوا غرب أفريقيا من دون أي مقاومة تذكر، حتى استقبلتهم الصحراء بعمائم الرجال الزرق، فكانت معاركهم معها مثلاً أدهش"بولمارتي"وپ"جوفر"وپ"رينيه كاييه"، الذين ظنوا الرجل الأبيض لا يقهر! أو إرهاب الدول التي تتقاسم الصحراء وباعت للغرب مساحاته الشاسعة، فجعلها - كما يقول الطوارق - ميداناً لتجارب نووية، نشرت بين إنسانها الذي لم يكن يعرف للمرض وجوداً، مختلف الأوبئة والأمراض الفتاكة. أم أن صحراء الطوارق ستشهد إرهاباً أشد من ذاك الذي قادته جيوش حكومتي ماليوالنيجر، التي تهرب من فرسان الطوارق، وتختلف إلى خيام النساء والأطفال وحظائر البهائم، فتمحو آثارها بفوهات الدبابات والبنادق؟ عندما تدفقت الشاحنات الأميركية في نهاية تموزيوليو الماضي، وهي تقود جيوش موريتانياوماليوالنيجر، على مدينة تنبكتو، عاصمة العرب والطوارق المشتركة في شمال مالي كنت قد سبقتهم إليها، وأكدت مصادر في حكومة مالي ل"الحياة"أن نحو ألفي عنصر من الكوماندوس والبحرية الأميركية، وقوة المهمات الخاصة موجودون في مالي، يقود 200 عنصر منهم - من فرقة المهات الخاصة - عمليات المناورات الواسعة مع الجيوش الثلاثة في القاعدة التي أنشأتها الحكومة الأميركية، في تودني شمال شرقي تنبكتو، وتبعد نحو 500 كلم في الصحراء، بينما كانت أميركا أنهت قبل ذلك بنحو 7 أشهر، تدريب فرقة من الجيش المالي لملاحقة السلفيين الذين أعلن الأميركيون أنهم يهدفون من مناوراتهم المشتركة مع الجيوش الثلاثة إلى رفع كفاءة تلك الجيوش الحربية، لحماية نفسها من إرهاب جماعات سلفية تجد حريتها في الصحراء التي تشترك فيها الدول الثلاثة، إضافة إلى الجزائر. ويختلف طوارق الصحراء والحكومة المالية في تقدير أعداد عناصر الجماعات السلفية، التي تشكل هاجساً للأميركيين والحكومة المالية، على حد سواء. تقول مصادر في الحكومة المالية:"كل ما نعرفه أن مجموعات مسلحة، عدد أفراد الواحدة منها بين 6 و10، يتحركون في سيارات"تويوتا"داخل الصحراء، وبين الحين والآخر، يفيد شهود عيان أنهم شاهدوهم عند أحد الآبار وسط الصحراء، يتزودون بالماء، أو يشترون الماشية من أهل البادية". العرب والطوارق الذين يوجدون بكثافة في المدينة وضواحيها، لا يلقون أي اعتبار لما يجري، خصوصاً عندما يسأل أحدهم عما يريد الأميركيون ويقال"يطاردون الإسلاميين"، فيضحك بسخرية معلقاً:"قولوا لهم أعطونا المال نحارب عنكم بالإنابة، فإن حياتكم غالية، أيها الأميركيون". فالطوارق والعرب الذين يجوبون الصحراء المتشابهة، ويعرفون تضاريسها جيداً ينظرون إلى مهمة الأميركيين هنالك باحتقار وباستهجان شديدين، فهم كما يقول أحدهم ويدعى لحسن ولد أحمدو"يسمعون بالأميركيين في العراق وفي أفغانستان ولم يفهموا لماذا أتوا هنا، فابن لادن في أفغانستان، والزرقاوي في العراق، أما الإسلاميون الذين يتحركون في الصحراء، هم منا ونحن منهم، لا يضرون أحداً، والفقراء والمحرومون يجدون منهم بعض العون، عندما يستخدمونهم في بعض المهمات". هنا قاطعته:"ألا تخشون من الإسلاميين؟"فرد بعصبية:"لماذا نخشى منهم؟ لديهم سلاح ولدينا سلاح، يعرفون أننا لا نستهدفهم، ونحن نعرف أيضاً أنهم مجرد أناس يبحثون عن مكان آمن، وصحراؤنا هذه منذ آلاف السنين وهي ملاذ آمن إلا من الجوع والعطش، حتى حكومة مالي عندما شنت حربها العنصرية ضد البيض في مالي، لا تتوغل في الصحراء، فكانت لنا منها مأمناً، والناس الذين ماتوا كلهم كانوا وسط المدن التي يسيطر عليها الماليون أنفسهم". ومرة أخرى أقاطع ولد أحمدو الذي يتحدث بحسانية أفهمها بصعوبة، قائلاً:"أنتم بهذا تعتبرون داعمين للإرهاب، وفي هذه الحال، أنتم مطلوبون للعدالة أميركياً". ضحك لحسن كثيراً وقال لي:"هذا كلام ما يضر بشيء. الصحراء هنا لمن لديه المال، إن كان طارقياً أو عربياً أو أميركياً". وحول ما إذا كان العرب والطوارق مستعدين للتعاون مع الأميركيين إذاً، أجاب:"إذا كان لديهم مال فنحن مستعدون، مثلما نتعاون مع الجماعات المسلحة نتعاون مع الأميركيين، إلا أننا مسلمون لا يمكن أن نرحب بالأميركيين كاخوة مثلما نفعل مع اخوتنا الجزائريين، الذين نستضيفهم ونخدمهم، وسمعت أن هناك من يزوجهم أيضاً". أما أحد أعيان تنبكتو الشيخ عمر أق بن اتها 70 عاماً، فسألناه عن أخبار الوجود الأميركي في الصحراء وانتشار الجماعات المسلحة فيها فقال:"الصحراء واسعة لا يسيطر عليها أحد، لا من جهة الجزائر ولا من ناحية موريتانيا أو مالي أو النيجر، كل من شاء أن يدخلها له الحرية في ذلك، والشعوب التي توجد فيها تعاني من آفات أبرزها الفقر والجهل، لا تجعلهم يتورعون عن التعامل مع أي أحد. الفقير يبحث عن المال من أي وجه أتى. والجاهل أو راعي الغنم سيان عنده إن كان ضيفه إرهابياً أو صوفياً!". وتابع:"أما الأميركيون فسمعنا أنهم أقاموا قاعدة عسكرية في تودني بالقرب من الحدود المالية - الجزائرية، وهي منطقة استراتيجية، تمكنهم من القيام بأدوار متعددة في مالي وفي أوروبا وفي المنطقة بأكملها، فإن كانوا صادقين في مراقبة الصحراء من أي سلوك غير قانوني فهذا شيء جيد، ولكن الصحراء معضلتها في الشح التنموي، وليست في حاجة إلى قوات عسكرية، ونصيحتي لكل من يشاء دعم استقرارها أن يقيم فيها مشاريع التنمية التي تكفل الحياة الكريمة لأهلها، وفي الوقت نفسه تغنيهم عن الأموال من مصادر مشبوهة أو غير قانونية". بقيتُ في تنبكتو أربعة أيام، أجول في أسواقها ومتاحفها ومراكز أبحاثها الغنية بالمخطوطات والآثار التي تحكي وسائل العيش البدائية لإنسان الصحراء، ثم سألنا عن إمكان إجراء رحلة استطلاعية في الصحراء، إذ تعتبر مدينة تنمبكتو بوابة الصحراء الغربية، وملتقى الحضارات العربية والأفريقية على ساحل نهر النيجر المتدفق من جبال غينيا غرباً إلى النيجر شرقاً. وبالفعل تمكنت بمساعدة الشيخ عمر أق اتها نفسه، من الحصول على سيارة مقبولة، وإن كنت بادئ الأمر غير مطمئن إليها، فغالبية الذين قضوا في تلك الصحراء، كانوا أناساً ضلوا الطريق، أو تعطلت سياراتهم، فافترسهم العطش صيداً سهلاً! تحركنا بسيارتنا من نوع"تويوتا"ذات الصحن والكابينة الواحدة، التي اتخذها العرب والطوارق خليفة للجمال التي كانت وسيلة التنقل التي لا تضاهى في صحرائهم. اتجهنا شرقاً، وتركنا ساحل النهر يميناً والصحراء شمالاً، كلما شعرنا بشيء من الشجاعة توغلنا أكثر في الصحراء، وانحرفنا شمالاً. وفي الطريق الرملي المليء بالعثرات تحركنا ببطء شديد، وما بين كل 10 كلم تقريباً، كانت تتراءى لنا قرية على الساحل، أو خيمة بدْوٍ رحّل في الصحراء، ومرافقي عبد الله أق الحسن، يقول:"هذه قرية"أهل كذا"، ويناديهم باسم شهرتهم في تلك الناحية. ومع أن هدفنا هو لقيا البدو الرحل، والبسطاء في الصحراء، ومشاهدة كيف تجري الحياة فيها، حيث يزعم الأميركيون أنهم يطاردون الإرهاب، إلا أننا نقصد موافاة سوق قرية زرهوا على الساحل التي سمعنا أنها تعد واحدة من قرى"العرب والطوارق"التي ضربت فيها الأصولية أطنابها. في الصحراء نمنا ثلاثتنا، سائق السيارة عبدالله، والخادم أمغار وأنا، على تل حاصرته مياه الأمطار من كل جانب، بعد أن اشتد الظلام، وأصبح التحرك في تلك الساعة مغامرة عظمى، فالأقدار في تلك الصحراء متعددة، فهناك الرمال المشبعة بمياه الأمطار، كثيراً ما تبتلع السيارات، فلا يمكن إخراجها إلاّ بجهد مضن قد يستمر أياماً عدة، وهناك الجماعات الجهادية التي ضحك مني مرافقي حين قلت له:"قد ترى أنوار سيارتنا في الصحراء وتطلق علينا النيران ظناًّ منها أننا طلائع جيش أميركي يطاردها"، وهناك قطاع الطرق، الذين لا يخشاهم الطوارق ولا العرب، لأنهم في الغالب مسلحون. نجونا من أولئك جميعاً، لكننا لم نسلم من العقرب الذي لسعني على التل الجميل، الذي بتنا عليه ليلتنا، حيث لا ينتهي إلى مسمعك إلا نقيق الضفادع على مياه الأمطار، أو أصوات بهائم البدو، الذين قلت لصديقي أيضاً: لنتحاش النزول عندهم. قرية طارقية تحرم الموسيقى وتفرض الحجاب في الصباح الباكر، وقبل طلوع الشمس توجهنا نحو قرية زرهوا الطارقية، على شط النهر. إنها أفضل مثال للبساطة والتزمت الديني معاً. لمّا سمع سكان المدينة صوت السيارة أسرعوا جميعاً نحوها لمعرفة الهوية التي تحملها. إنها منطقة استراتيجية تتلاقى عندها كل الأطياف. السياح. عصابات التهريب. الدعاة المصلحون. جماعات التبليع والحركات الجهادية! استقبلنا في البداية شاب بدا عليه الإجهاد والتعب يدعى عبد الملك 30عاماً، ورحب بنا في داره الخالية من أي أثاث أو متاع يذكر، أو حتى إنارة وهذا ليس غريباً فكل الصحراء لا وجود فيها لأي إنارة إلا إذا كان مصدرها الحطب أو الكشافات البدائية وما هي إلا لحظات حتى امتلأت الدار بشباب يشتركون جميعاً في ثلاث صفات هي: ارتداء العمامات بدون لثام، وإعفاء اللحى بصورة غير معهودة في أفريقيا، والأمر الثالث: علامات الفقر والحاجة. وبعد أن عرفوا أنني صحافي رحبوا بنا ترحيباً منقطع النظير، ولم تمض ساعة حتى أتونا بلحم شاة يبدو أنهم ذبحوها قبل أن يعرفوا هويتنا. فقراء لكنهم كرماء! الشباب جلهم يتحدث بلغة عربية فصيحة، لا يكاد أحدهم يلحن في إعراب الكلمة. من الصعوبة بمكان أن تكسر الحواجز مباشرة بينك وبين آخرين لا يعرفون شيئاً كثيراً عنك، لذلك كتمت فضولي الصحافي، وبدوت كأنني لا أهتم بشيء من المظاهر المدهشة في تلك المنطقة من العالم. ولكن صمتي سرعان ما قطعه أحد الشبان الآتين من داخل القرية ومعه راديو صغير، أنصت الجميع فيه لنشرة الأخبار العربية من"بي بي سي"لندن، وكان أول خبر: أيمن الظواهري في تسجيل بثته قناة الجزيرة القطرية يهدد بريطانيا وأميركا بحرب لا هوادة فيها، ويتعهد بأنهما لن تنعما بالأمن ما لم ينعم به المسلمون والعرب. وهنا خرج الشبان المؤدبون عن طورهم، وطفقوا يهللون، ويمتدحون الظواهري وأسامة بن لادن. حتى سكان المدن المالية أو النيجيرية لا يصدقون أن قرية تقع في الصحراء، يُحرم فيها الغناء أو"تيهردنت - إيمظد"كما يسميها الطوارق، كما أن أي طارقية لا تصدق أنها سيفرض عليها الحجاب، مثلما هو في قرية زرهوا. ولدى سؤال سكان المنطقة عن الأسباب التي دفعتهم إلى اعتناق هذا النموذج من التدين الذي لا وجود له في تلك المناطق، تحدث إمامهم عبد السلام 25 عاماً بلهجة فصيحة وخاطبني بسماحة وهدوء:"إن سألت عن اللحى فإن القص منها فضلاً عن حلقها في مجلسنا الشبابي محرم، ويعاقب الخارج عن إجماعنا بالقطيعة والهجران، ونحن في بداية الأمر أطلقناها تقليداً لآبائنا، ولكن بعد انتشار الثقافة الدينية بيننا وجدنا إطلاق اللحى واجباً، أردنا الالتزام به". وتابع :"أما النساء فإنهن لم يكنّ من قبل هكذا، كن يختلطن بالرجال، ويضحكن مع الغرباء والسفهاء، لكن شباناً منا ذهبوا إلى هنا وهناك، تلقوا العلم الشرعي الصحيح، وبعد ذلك قررنا تطبيق الشريعة في مدينتنا ما استطعنا". قاطعته:"حتى الحدود الشرعية، مثل القطع والقتل والرجم؟"أضاف:"كان أجدادنا يطبقون هذه الحدود من تلقاء أنفسهم في مناطق حكمنا في هذه القرية وما يتبعها في الصحراء، إلا أننا في العامين الماضي والحالي لم نعد نرى ذلك مناسباً، خصوصاً أن الحكومة المالية، وإن كانت لا تتدخل في خصوصياتنا، إلا أنها هي الحاكمة فعلياً". في قرية زرهوا، على عكس القرى الأخرى، لن تسمع موسيقى، ولن ترى امرأة ماشية على الطريق، لكن هذه الجزئية لم تكن وحدها أعجوبة القرية، فمن عجائبها أيضاً أن أهلها يعيشون على النهر ولا يأكلون السمك! ولديهم مزارع بمساحات شاسعة، لكنهم لا يزرعون إلا جزءاً يسيراً منها، في فصل الربيع، على رغم فقرهم الشديد، ومعاناتهم المريرة مع المجاعة التي اجتاحت هذا العام بهيمتهم التي هي مصدر رزقهم! في سوقهم السبتي، تجد أجناس الناس من كل المدن والقرى القريبة والبعيدة، والعرب والطوارق من الجزائر، ومن النيجر أحياناً. البضاعة الأكثر بيعاً في محالهم التجارية هي الشاي الأخضر، والسكر، والدخن. أما العلاقة التي تربط هذه القرية بالجماعات الجهادية التي تتفق معها كثيرا ً في بعض الأفكار فيقولون"إنهم حتى لو دخلوا السوق أو مروا بالمدينة فسيأتون متنكرين"، أما الأميركيون فيقولون عنهم:"الله يكفينا شرهم، لا نريد خيرهم، ونعوذ بالله من شرهم"! الخطة الأميركية في المنطقة... وأفغانستان المقبلة إن الخطة الأميركية في المنطقة تختصر في تدريب عناصر من الأمن الماليوالنيجري من أقلية العرب والطوارق، لمواجهة الجماعات الجزائرية التي تنشط في الصحراء. ومع أن الصحراويين العرب والطوارق لا يمانعون ظاهراً في ذلك، إلا أنهم يستبعدون محاربة الجزائريين السلفيين بالوكالة عن الأميركيين. غير أن الأميركيين الذين لم يأتوا إلى الصحراء مجندين وحسب، بدأوا في تنفيذ مشروع تنموي رديف للآخر العسكري، بهدف استمالة شيوخ قبائل العرب والطوارق التي تتوزع في الصحراء، والتي يدرك الأميركيون أن أبناءها وحدهم هم القادرون على خوض حرب - أي حرب - في صحرائهم. وفي هذا الخصوص يقول أحد المترجمين للأميركيين من عرب المنطقة فضل عدم الكشف عن اسمه لپ"الحياة":"الأميركيون يريدون دعم الطوارق والصحراويين عموماً في ناحيتين: يدعمونهم عسكرياً بإشراف حكوماتهم، لمواجهة السلفيين الجزائريين. ومن ناحية أخرى، يعدون ويمنون رؤساء القبائل في الصحراء بإقامة مشاريع تنموية، مكافأة لهم على قطع أي علاقات تربطهم مع السلفيين، أو عصابات تهريب البضائع، التي تعقد حلفاً وثيقاً مع السلفيين". ويرى الخبراء الطوارق أن الأميركيين"إذا نجحوا في تنفيذ هذه الخطة فإن التوفيق سيحالفهم، لكنهم سيواجهون معضلة أخرى أشد من السلفيين الجهاديين. إنها عصابات التهريب على الحدود الصحراوية، عصابات مسلحة ومدربة، وتسير بتنسيق متناهٍ في الدقة، وإذا ما تعرض لها الأميركيون بالسوء فإنهم سيفقدون تعاطف الطوارق والعرب جميعاً، فهذه العصابات خليط بين عرب وطوارق المنطقة، من كل الجنسيات. الأمر الذي ينذر بحلف بين الجهاديين - والعصابات - والسكان العرب والطوارق، ضد الأميركيين". ولهذا فإن عقلاء الطوارق في تلك المناطق يخشون من نشوب"فتنة"في الصحراء، التي يعتبرونها الآن آمنة إلى حد ما، وفق قانونها الرسمي القاضي بأن"يسير كل في دربه لا يتعرض أحد لأحد". وهو القانون الذي تفهمه حكومات الصحراء جيداً، وتلتزم به، أما الأميركيون الذين أتوا من واشنطن ونيويورك وفلوريدا فيعتبرون الأمر سياحة سلسة، لكن القانون الصحراوي، كما كان من قبل، يبقى دائماً هو المنتصر.