بعد النجاح الكبير الذي حققه مهرجان"شعراء في حديقة الامراء"قبل سنتين في شمال هولندا اقليم فريس لاند عقدت دورته الثانية بدءاً من السادس والعشرين من الجاري حتى الثامن والعشرين منه، بمشاركة ثمانية شعراء نصفهم اجانب ومن بلدان مختلفة لكنهم يعيشون في هولندا في شكل دائم كمواطنين هولنديين. لا يقيم الهولنديون أي نشاط ثقافي او فني بلا موسيقى فهي كاللغة بالنسبة لنا نحن العرب، واذا كان الفصل صيفاً فإنها تكون ضرورة ملحة بعد اشهر الشتاء الطويلة. لذلك بدأ المهرجان بها واختتم بها على ايقاعات فرقة"الزنبقة السوداء"المؤلفة من عازفين مغاربة وكوبيين يمزجون ايقاعاتهم الافريقية بإيقاعات اميركا اللاتينية. ظاهرة الشعراء الاجانب في هولندا بدأت تتسع في السنوات الاخيرة الى درجة انه لا يقام مهرجان شعري من دون ان ترى شاعراً او اكثر فيه. الشعراء ابراهيم سلمان وصلاح حسن وشكيلا عزيززاد ورامونا مراميس يؤكدون هذه الحقيقة كما تقول الدعوات التي وزعها المهرجان. هذه الظاهرة لم تفرضها الامكانات الفنية التي يتمتع بها بعض الشعراء الاجانب فحسب، بل هناك ضرورات اجتماعية وسياسية في العيش والحياة المشتركة بين السكان والوافدين مع ثقافاتهم المختلفة واثر ذلك على الثقافة الهولندية المتسامحة وما جرى في السنتين الاخيرتين على الساحة الهولندية التي لم تعرف العنف منذ اكثر من خمسين عاماً مضت. وعلى خلاف الدورة الماضية التي شارك فيها اكثر من ستة عشر شاعراً خصصت الدورة هذه المرة لثمانية شعراء فقط لكي تتاح لهم الفرصة لتقديم تجاربهم الى الجمهور ولإظهار الاختلاف والتنوع بين ما يكتبه الشعراء الاجانب ذوو الثقافات المتعددة وما يكتبه الشعراء الهولنديون. من جمهورية الجيك جاءت الشاعرة ومترجمة ميلان كونديرا يانا برانوفا وقرأت نصوصها الجديدة من مجموعتها الاخيرة - بين الايقاعات - برانوفا اصدرت اكثر من ثماني مجموعات شعرية وترجمت مجمل اعمال الكاتب الكبير كونديرا الى الهولندية. يانا برانوفا تعد من الشعراء الهولنديين المهمين ولا يكاد يقام مهرجان ثقافي من دون ان تدعى الى المشاركة فيه، خصوصاً انها تقيم في هولندا منذ اكثر من خمسة وعشرين عاماً. رامونا مراميس المولودة في مدينة هارلم الهولندية عام 1968 لابوين اندونيسيين اصدرت ديوانها الاول عام 2001 ، تكتب قصائد فوضوية بلغة حادة وتدعو الى الثورة على كل شيء. الشاعران الاخران هما ابراهيم سلمان وصلاح حسن من العراق. ابراهيم سلمان شاعر كردي ولد في مدينة دهوك شمال العراق عام 1952 وهو شاعر وكاتب ومخرج سينمائي صدرت له مجموعتان شعريتان ورواية وأخرج عدداً من الافلام السينمائية ويعمل في المركز الاعلامي في مدينة امستردام حيث يعيش منذ خمسة وعشرين عاماً. اما الشعراء الهولنديون وهم جميعاً من اقليم فريس لاند فقرأوا نصوصهم باللغة الفريسية المختلفة عن الهولندية وتشبه قليلاً اللغة الانكليزية. جسيكا يانسن شاعرة وكاتبة مسرحية وممثلة ولدت في شمال هولندا في العام 1971صدرت لها مجموعة شعرية قبل سنتين ولاقت رواجاً كبيراً لدى النقاد والقراء واعيد طبعها مرة اخرى مع انها تكتب قصائد تلفيقية مضحكة كما يشير الى ذلك احد النقاد. اما الشاعر ايرك يان هارمنس المولود عام 1970 فهو يقرأ قصائده على طريقة - سلم - الغنائية او الهب هب. وقد فاز بالجائزة الاولى حين نظم مهرجان لهذا النوع من القراءة عام 2001. اصدر قبل سنتين مجموعته الشعرية الاولى، وتمتاز قصائده بوصف الحاضر المليء بالعنف والتجديف والخوف. مارغريت بورتسترا التي بدأت بكتابة الرواية وصدر اول اعمالها عام 1975 مولودة في هذا الاقليم سنة 1953، وإضافة الى الرواية تكتب القصة القصيرة والشعر. تنبع شهرة هذه الكاتبة والشاعرة من قدرتها اللغوية الفائقة في وصف ادق التفاصيل واكثر المشاعر غموضاً. مجموعتها الشعرية الاولى"حواء"صدرت عام 1997 وفازت اربع مرات بجائزة يورستما الشعرية. اخر الشعراء المشاركين وأصغرهم سناً اريان هوت فهو مولود سنة 1976 وأصدر مجموعة واحدة، والطريف انه مرشح لان يكون شاعر مدينة ليواردن راعية المهرجان للسنتين المقبلتين.