تتواصل خلال عطلة نهاية الاسبوع الحالي المفاوضات في الاممالمتحدة على مشروع القرار الأميركي - الفرنسي الذي يهدد سورية بعقوبات إذا لم تلب أربعة مطالب محددة، بهدف التوصل الى الاجماع المنشود على نص يتبناه وزراء خارجية الدول الاعضاء في اجتماع خاص تأمل الولاياتالمتحدة وفرنسا بأن يعقد الاثنين، في وقت أبدت دمشق تخوفها من جعل مهمة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري"مطلقة ومفتوحة زمنياً"، وأعرب الاتحاد الاوروبي عن"أسفه لعدم تعاون سورية"مع اللجنة. راجع ص6 و7 صعوبة التفاوض في مجلس الأمن قد تؤدي الى تأجيل موعد الجلسة اذا اقتضى الأمر، علماً ان هناك موقفاً مبدئياً، حتى الآن، ضد العقوبات من عدد من اعضاء المجلس بينهم الصينوروسياوالجزائر، والى حد أقل من البرازيل وتنزانيا والفيليبين والارجنتين. وبحسب المندوب الجزائري السفير عبدالله بعلي فإن"الحاجز الأكبر هو العقوبات، اما الموقف من بقية المسائل فيختلف باختلاف الدول"إذ ان بعضها ضد"تسييس"القرار وبعضها ضد ادراج وقف التدخل السوري في الشؤون اللبنانية بين المطالب الاربعة التي يتضمنها مشروع القرار، والتي اذا فشلت في تلبيتها يجتمع مجلس الامن للنظر في فرض عقوبات عليها بموجب المادة 41 من ميثاق الاممالمتحدة، كما ورد في الفقرة 13 من المشروع. وينص المطلب الرابع من الفقرة 10 من المشروع على ان"على سورية الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، اما مباشرة او بصورة غير مباشرة، وان تكف عن اي محاولة لزعزعة استقرار لبنان، وان تحترم سيادته وسلامة اراضيه واستقلاله احتراماً صارماً". وتعارض الجزائر هذه الاشارة في مشروع القرار"ما دامت تنطبق عليها الفقرة 13 الخاصة بالعقوبات". واعتبر بعلي انها"فقرة خطيرة جداً"، وتساءل:"كيف يمكن لنا ان نقدر هل تدخلت سورية أم لا في الشؤون اللبنانية؟ وهل مست دمشق باستقلال لبنان وسيادته ام لا؟". واضاف المندوب الجزائري:"ان كيفية تقدير السلوك السوري تصبح خاضعة لتقويم قد يكون غير منطقي ومسيس". وشدد في الوقت ذاته على ان هذا الموقف"لا يعني تساهل الجزائر في مطالبة سورية بعدم التدخل في شؤون لبنان، ونحن حريصون على ذلك، لكن الخوف هو من فقرة عائمة قابلة لتفسيرات مختلفة". وفي دمشق، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة"امس ان سورية تسعى عبر حلفائها في مجلس الأمن، روسياوالصينوالجزائر الى ألا يكون قرار المجلس المتوقع مستنداً الى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وألا يشير الى المادة 41 من الميثاق التي"تستثني العمل العسكري وتتحدث عن عقوبات تتعلق بالاقتصاد والاتصالات". وأشارت المصادر الى وجود"عنصر خطر"في مشروع القرار الفرنسي - الأميركي، هو ان صلاحية فريق التحقيق في اغتيال الحريري"مطلقة ومفتوحة زمنياً"، الأمر الذي تسعى سورية الى تعديله في المشروع. شيراك والمحكمة الدولية في هذا الوقت، أكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك انه يؤيد انشاء محكمة دولية يمثل امامها المتورطون في اغتيال الحريري، داعياً الى اجبار سورية على التعاون مع لجنة التحقيق بعدما أكد تقرير ميليس انها لم تفعل. ورداً على سؤال ل"الحياة"قال شيراك في ختام قمة الاتحاد الاوروبي في هامبتون كورت غرب لندن، انه يؤيد انشاء محكمة دولية مثلما طالب رئيس الغالبية البرلمانية في لبنان النائب سعد الحريري، لكنه اضاف"انا غير متأكد لاسباب عدة من امكان انشاء هذه المحكمة، لذا فمن الضروري ان ينشأ اطار قضائي يتيح محاكمة المتهمين بشكل موضوعي، لكن الكل يفهم اليوم ان مثل هذه المحاكمة لا يمكن ان تتم في لبنان في اطار القضاء اللبناني وحده. والحل يكون عبر مساعدة من القضاء الدولي الذي يمكنه ان يساهم في محاكمة موضوعية، وهذا يتطلب ان يتمكن القاضي ميليس من الذهاب الى النهاية في تحقيقه ضمن موعد 15 كانون الاول ديسمبر رغم انني اتوقع ان يحتاج الى مزيد من الوقت". وكان قادة الاتحاد الاوروبي أعربوا امس في بيان عن"أسفهم لعدم تعاون سورية مع لجنة التحقيق ودعوا دمشق الى بذل مزيد من الجهود في هذا الاطار". وأكد البيان ان الاتحاد يدعم"تصميم مجلس الامن الدولي على احقاق العدالة في هذه القضية، ويأسف للمؤشر الواضح الى ان سورية لم تتعاون كما يجب مع فريق المحققين". وأضاف:"يتضاعف قلقنا حيال هذه المسألة انطلاقاً من امتلاك القاضي الالماني ديتليف ميليس اشارات الى أدلة على تورط سورية في اغتيال الحريري". وجاء ايضاً في البيان ان الاتحاد يدعو دمشق الى"التعاون من دون شروط مع المحققين الذين يواصلون جهودهم لإحالة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة الى القضاء". ولاحظ القادة الاوروبيون ان"خلاصات التقرير بالغة الخطورة". الوضع في البقاع وفي لبنان، واصل الجيش اللبناني دورياته وتعزيزاته في البقاع الغربي في محيط مواقع ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"وأخرى تابعة ل"فتح الانتفاضة"إثر مقتل المساح محمد اسماعيل، وسط تضارب واضح في الأنباء والتصريحات بين الأمين العام للجبهة أحمد جبريل، ومسؤول الجبهة في لبنان انور رجا، عن احتجازها ستة عناصر من الجيش اللبناني قرب أحد مواقعها في البقاع، في ظل نفي الجيش اللبناني ذلك كلياً، وتأكيد مصادر وزارية ل"الحياة"ان اشاعة اخبار من هذا النوع هي مجرد"دعاية اعلامية هدفها السعي الى الكسب السياسي". وكان رجا، بعد نفي مصادر الجيش نبأ احتجاز العسكريين الستة والذي صرح به جبريل، قال ان احتجاز هؤلاء، حصل"لمدة ساعة"لأنهم كانوا يعملون بمعدات رصد عسكرية وأجهزة تستخدم لتعيين إحداثيات. وهو مغاير لما كان قاله جبريل من ان احتجاز هؤلاء حصل بعدما اوقف الجيش ثلاثة من عناصر"القيادة العامة". وأضاف رجا:"نحن نستوعب ونتحمل الاستفزازات والضغوط والظلم الإعلامي والسياسي، لكن نخشى عندما يوضع العسكر في مواجهة بعضه البعض ان يحصل ما لا تحمد عقباه وتخرج المسألة عن نطاق حرب الأعصاب، وعندها من الطبيعي ان ندافع عن انفسنا". وأضاف:"ثمة من قرر وضع الجيش في مواجهتنا". وجالت"الحياة"في منطقة البقاع الغربي امس، حيث كان الوضع طبيعياً، وبدا الجنود اللبنانيون في حال استرخاء على الحواجز التي نصبوها في المنطقة، ونفى السكان ان يكونوا سمعوا بأن عناصر فلسطينية احتجزت عناصر للجيش. كما ان جهات تابعة للأمم المتحدة اوفدت الى البقاع مراقبين للتحقق من تصريحات جبريل، وعادوا لينفوا صحتها. المر في مجلس الوزراء وكان مجلس الوزراء اللبناني ناقش الموقف من تقرير تيري رود لارسن في جلسته أمس، وأكد ان ما يتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559 لجهة السلاح الفلسطيني وسلاح"حزب الله"، مسألة متروكة للحوار الداخلي. وأثار وزير الطاقة محمد فنيش ما طرحه لارسن في التقرير عن تناقض بين وجود الحزب في الحكومة واحتفاظه بسلاحه، فاعتبر تقرير الموفد الدولي تدخلاً في الشؤون الداخلية، مؤكداً أن"المقاومة ستحتفظ بسلاحها طالما هناك احتلال". وأكد رئيسا الجمهورية اميل لحود والحكومة والوزراء ان هذه المسألة تخضع للحوار الداخلي. كما أكد السنيورة ان لا نية لأي صدام مع الجانب الفلسطيني. وتميزت الجلسة بحضور وزير الدفاع الياس المر للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة ومحاولة اغتياله في 12 تموز يوليو الماضي التي نجا منها بأعجوبة. على صعيد آخر، اصدر قاضي التحقيق العدلي في جريمة اغتيال الحريري مذكرة توقيف وجاهية في حق المشتبه به محمود عبد العال بعدما استجوبه امس. وكان اسمه ورد على انه شقيق المشتبه به الموقوف احمد عبد العال اتصل بالرئيس لحود قبل دقائق من التفجير الذي أودى بالحريري. في غضون ذلك قال رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري انه لن يعارض فرض عقوبات على المتورطين بجريمة اغتيال والده، لبنانيين كانوا أم غير لبنانيين. ورداً على سؤال عن موقفه من العقوبات ضد سورية قال الحريري في اتصال مع وكالة"رويترز"من لندن:"من المبكر الكلام على هذا الأمر، نحن نطالب بمحاكمة دولية لكل من قرر وخطط ونفذ وشارك في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الإرهابية". وأضاف:"ندعو كل الأطراف التي ذكرها تقرير ميليس الى التعاون لسوق المجرمين الى المحاكمة الدولية، اما اذا تطلب الوصول الى هذا التعاون فرض اجراءات وعقوبات على هؤلاء الأشخاص سواء كانوا لبنانيين ام غير لبنانيين مهما علا شأنهم، فعندها لن نعترض، وكما قلنا دوماً ان دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليس معروضاً بأي شكل من الأشكال للمساومة".