جدد الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه مع الرئيس المصري حسني مبارك، في دمشق أمس"استعداد سورية للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية". وقالت مصادر ديبلوماسية عربية ل"الحياة"إن القاهرة تعتقد ان"لا مفر من التعاون الكامل مع تحقيق القاضي ديتليف ميليس"وبضرورة ان"تواصل سورية سياستها المعتدلة في شأن العراق"، اضافة الى رفض مصر"استخدام تحقيق ميليس لاستهداف سورية وخلق بؤرة توتر جديدة"في الشرق الاوسط. وعاد الرئيس مبارك الى القاهرة بعد ظهر أمس فيما تركزت محادثاته مع الرئيس السوري على التطورات في ضوء تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري والضغوط الحالية على سورية في هذا الملف. وكان الرئيسان تحادثا هاتفياً اول من امس الخميس على خلفية زيارة مدير الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان للسعودية ولقائه مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واتفق على اللقاء في دمشق. ويذكر ان الأسد كان زار القاهرة في مرحلة متقدمة من التحقيقات، وأكد لمبارك عدم تورط سورية في اغتيال الحريري، وتلقى تشجيعاً مصرياً على مزيدٍ من التعاون مع ميليس. وضم الوفد المرافق للرئيس مبارك الوزير سليمان ووزير الخارجية احمد ابو الغيط ووزير الاعلام انس الفقي، وأجرى الرئيسان محادثات موسعة حضرها اعضاء الوفد المصري ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع، قبل ان يعقد الرئيسان جلسة مغلقة طويلة. وقالت مصادر في القاهرة ل"الحياة"إن مبارك شدد على موقفه السابق على ضرورة ابداء دمشق أكبر قدر من التعاون مع المحقق الدولي في الفترة المقبلة كسبيل وحيد لتفادي الضغوط الدولية، في حين تعتبر القاهرة تقرير ميليس"مجرد مؤشرات وإشارات الى افراد وليس الى دولة". وصرح الوزير أبو الغيط بأن مشروع القرار المطروح حالياً للتداول فى مجلس الامن بخصوص سورية فى ضوء تقرير ميليس لا يتضمن حتى اللحظة فرض عقوبات وانما سلسلة طلبات محددة من سورية، واشار الى انه يصعب الآن تحديد الشكل النهائي لهذا القرار في ظل وجود تحفظات لدى مجموعة من دول مجلس الامن على المنهج المطروح في الصيغة المبدئية لمشروع القرار وعلى اللجوء لفرض عقوبات على سورية. ولفت إن التقرير الى البيان الذي ألقاه ميليس نفسه أمام مجلس الامن وقال فيه إن التحقيقات قد تستغرق شهوراً إن لم يكن سنوات. وسئل ابو الغيط عن امكان ان يتكرر مع سورية السيناريو الذي حدث في العراق، فقال ان"لكل حالة خصوصيتها وهو ما يتضح عند النظر الى حالات مثل العراق أو ليبيا أو السودان أو الصرب، ثم ان هناك حالات ينتهي فيها الأمر الى لا شيء". وأضاف ان الموضوع سيحتاج من العالم العربي والمنطقة والمجتمع الدولي الى"أكبر قدر من الصبر والتركيز والتعمق في بحث جوانب المسألة كافة". وعما اذا كانت هناك نصيحة يمكن تقديمها الآن الى سورية، قال الوزير ان"من المهم التعامل بالموضوعية والمرونة الواجبة مع كل الاحتمالات المحيطة بالوضع". وقال ناطق رئاسي سوري ان الرئيس مبارك"أراد دعم سورية في وجه الضغوط والبحث في صيغة للتعامل مع الوضع المعقد لايجاد مخرج، على اساس معارضة القاهرة لعزل سورية او استهدافها سياسياً او فرض حصار عليها، مقابل ضرورة تعاون دمشق الكامل مع تحقيق ميليس". مشاورات مجلس الأمن في غضون ذلك، توجهت مفاوضات الدول الأعضاء في مجلس الأمن نحو الاتفاق على مشروع قرار يتبناه المجلس في جلسة وزارية يوم الاثنين بموجب الفصل السابع من الميثاق الذي يفرض على الدول التنفيذ ويتضمن قانونياً وسياسياً لغة التهديد بعواقب وبعقوبات من دون الحاجة الى ذكر صريح لكلمة"عقوبات". ويتوقع أن تستمر المفاوضات خلال العطلة الأسبوعية، بهدف طرح مشروع القرار الى التصويت أثناء رئاسة رومانيا لمجلس الأمن، علماً بأن رئاسة روسيا للمجلس تبدأ يوم الثلثاء. ويقول السفير عبدالله بعلي مندوب الجزائر العضو العربي الوحيد في مجلس الامن ان عدداً من الدول، بينها الصينوروسيا، يعارض الفقرات"السياسية"في المشروعين، وكذلك الفقرة ال13 التي تنص على"العقوبات". وأكد بعلي ل"الحياة"أمس:"نحن لا نريد حتى التهديد بالعقوبات، ولا نعتقد أنه آن الأوان لتهديد"سورية بالعقوبات في حال عدم امتثالها لكل مطالب لجنة التحقيق. وتابع:"ان الفصل السابع فيه كل القوة القانونية اللازمة لارغام سورية والتأكد من أنها تتعاون، إذن فلا داعي للتهديد بالعقوبات". ورحب بعلي بالتعديلات التي أدخلتها الديبلوماسية الأميركية والفرنسية والبريطانية على مسودة مشروع القرار تجاوباً مع أعضاء في مجلس الأمن. وقال:"هذه تعديلات نرحب بها ونعتبرها ايجابية، إلا أن هناك نقطتين لا بد أن تعدلا في الفقرات"السياسية"التي تتحدث عن"عدم تدخل سورية"في لبنان وتلك التي تتحدث عن"دعم الإرهاب"إذ"لا علاقة لهما بالتحقيق". أما النقطة الأخرى، حسب بعلي، فهي الفقرة المتعلقة بالعقوبات. وبعض أبرز التعديلات التي ادخلت على مسودة مشروع القرار، أولاً، انشاء"لجنة"تابعة لمجلس الأمن تتكون من جميع أعضاء مجلس الأمن تعنى بالعقوبات التي تفرض على الأفراد الذين تصنفهم لجنة ميليس"مشتبهاً بهم". وثانياً، استبدل النص الذي جاء فيه أنه"يجب على سورية أن تسمح باستجواب المسؤولين السوريين وغيرهم من الأفراد الذين تقرر اللجنة أنهم على علاقة بالتحقيق خارج سورية أو/و من دون وجود مسؤولين سوريين". واستبدلت تلك الفقرة بالآتي:"سيكون للجنة صلاحية تحديد مواقع وشكليات المقابلات مع المسؤولين السوريين وغيرهم من الأفراد الذين تقرر اللجنة أنهم على علاقة بالتحقيق".