يخلط السيد ماجد شبر في مقالته"تلعفر التي يتغذى العنف فيها من الحدود السورية ومن صراعات طائفية"الحياة في 17/9/2005 بين أحداث تاريخية عدة ويحاول اسقاطها على ما يجرى من حرب ابادة في تلعفر من دون ان يحلل لنا علاقة تلك الاحداث بما يجرى حالياً. ففي الفقرة الاولى من مقاله يقول:"ان التوترات القديمة عادت للظهور بدرجة عنيفة منذ سقوط النظام السابق عام 2003". لم يقل لنا متى كانت هنالك توترات قديمة في تلعفر قبل سقوط النظام كي تظهر بعد ذلك السقوط ايضاً. من الصدف ان يكون لي أقرباء في المدينة وتكون من اكثر المدن التي أقصدها في السابق واتابع اوضاعها تفصيلياً هذه الايام بل ومنذ مجيء القوات الغازية، وهنا أقول رداً على الفقرة المتقدمة ان التعايش الذي كان سائداً في تلعفر كان يعد انموذجاً لما كان عليه الوضع في العراق قبل الاحتلال البغيض. لكن الكاتب اشار الى موضوع"التفاعل مع العملية السياسية بالعموم"، وهنا يقصد بعض العناصر من ضعاف النفوس التي بدأت تتعاون مع قوات الاحتلال وميليشيات الاحزاب ضمن اجور معروفة لإشاعة الفتن داخل المدينة بل لزرعها لأنها ما كنت موجودة يوماً ما. ثم يتحدث عن الثورة التي انطلقت ضد الاحتلال الانكليزي حيث يجد نفسه مضطراً للإشارة اليها لأنها الحدث الابرز في تاريخ تلعفر ولا يمكن لأي حديث عن تاريخها ان يتجاوزه لكنه"يلغم"هذه الثورة من خلال بضع كلمات يرميها في ثنايا المقال اذ يقول:"شارك سكان تلعفر في تلك الواقعة ولكن لأسباب تختلف عن أسباب الذين قادوا الحملة لتحريرها. فقد كان دافع سكان المدينة مرتبطاً بأصولهم التركية". هكذا، كان كاتب المقال يعلم بما في النفوس فجرد أهالي تلعفر من وطنيتهم وكأنه يريد القول انهم يستحقون ما يجرى لهم فمنذ القدم هم هكذا. وفي موضع آخر يأتي الى بيت القصيد فيقول:"إن العرب السنة يتمركزون في القسم الفوقاني من تلعفر اي محلة السراي والقلعة وحسن كوي التي يتواجد فيه المسلحون"الارهابيون"، ومن هنا كان السكان الشيعة في هذه المحلات الشيعية الاكثر تعرضاً للتهجير والقتل من هؤلاء المسلحين". انه تناقض صارخ بكل وضوح، تارة يقول ان هذه المحلات للعرب السنة، ثم يأتي ويقول ان السكان الشيعة في هذه المحلات الشيعية كانوا عرضة للقتل والتهجير. والحقيقة ان هذا العرض يجافي الوقائع فكما حدث في ثورة العشرين من ثورة ضد المحتل الانكليزي فان ما حدث في تلعفر منذ الايام الاولى للاحتلال، هو ثورة ضده وضد رموزه ولم نسمع باي سياسة للتهجير. يستمر الكاتب في نشر تناقضاته، فيقول ان حكم البعث اتسم بزيادة العنف ضد التركمان بشكل عام والشيعة بشكل خاص، وان صدام تصدى للمد الشيعي وغض الطرف عن صعود التيار السلفي. علينا ألا ننسى ان الاتراك يقولون ان صدام قد ابادهم، ولا بد من التذكير بأن بعض السنة يقولون انهم من ضحايا نظام صدام! هكذا. من المعروف ان كيل الاتهامات ضد النظام السابق اصبح القاسم المشترك لكل المقالات التي يريد أصحابها طريقاً للنشر، لكن ذلك في النهاية بات يأتي بمردودات سيئة إذ اخذت تتضح معالم كثيرة لادعاءات لا اساس لها وعندما نضعها جانباً من اي مقال فإن كثيراً من المقالات ستسقط اذا كانت مبنية على تلك الادعاءات فتفقد"سرّ"نشرها. أما في هذا المقال فاذا حاولنا حذف هذه الاشارات سنجد انها عملية حشو لإضفاء مزيد من"الدعم"لنشر مقال خال من اي اساس للنشر. فاذا ما وصلنا الى الجزء الاخير وهنا يشير الكاتب الى تسلل المقاتلين عبر الحدود السورية فهو بحسه الثاقب يعرف ان هنالك تسللاً، لكن كيف يجري؟ انه يترك ذلك للقارئ فكل يضع السيناريو الذي يناسبه في تصور عملية تدفق كل هذه المئات من المقاتلين العرب عبر الحدود السورية. بالنسبة لي لا اضع هنا رؤيتي بل مشاهداتي العملية للحدود اضافة الى ما كنت اسمعه من قصص وما يؤكد حالياً. فالحدود العراقية - السورية هي الحدود الوحيدة المحكمة الغلق من كل حدود العراق مع جاراته الست: تركيا، ايران، الكويت، السعودية، الاردن وسورية. ومفاد هذا الغلق المحكم يعود الى ان الحدود مسيجة على طولها بسياج ترابي لا يمكن عبوره بسهولة، وهذا السياج مراقب باستمرار من قبل السوريين بدوريات على طول الحدود، ولذلك"فعلى رغم الصراع الذي كان قائماً بين سلطة البعث في سورية وسلطة البعث في العراق لم تشهد منطقة الحدود"في الثمانينات والتسعينات"عمليات تسلل من سورية الى العراق أو أعمالاً تخريبية كالتي تحدث الآن بل ان تهريب البضائع والسلع كان شبه معدوم". هذا الكلام هو للسيد ماجد شبر وبالتأكيد سمعه من اناس من اهل المنطقة لكنه لم يكمل بأنهم اكدوا له"ولذلك فان عمليات التسلل مستحيلة الآن". نعم على طول الحدود العشائر متداخلة لكن القصص التي كنت اسمعها انه لطالما توجب على شخص ما ان يسافر من تلعفر الى بغداد ومنها الى عمان عبر مركز الحدود العراقيةالاردنية ثم الى دمشق في سورية ثم الى حلب ومن حلب الى ربيعة او اي قرية اخرى محاذية للحدود قبالة تلعفر اي انه يقطع ما يقرب من الف كيلومتر ليحضر فاتحة قريبه على بعد مئات الامتار من الجانب الثاني من الحدود هذا اذا سمحت له السلطات السورية بذلك وأحياناً تأتي موافقتها بعد شهر من الوفاة! فأي تسلل هذا الذي ستسمح به الآن والسيف مصلت على رقبتها؟ خلاصة القول إن ما جرى في تلعفر هو امتداد لما جرى في النجف والفلوجة والرمادي والقائم وحديثة وبعقوبة وبهرز من ثورة ضد المحتل الاميركي وأعوانه، وهي العمل الشرعي الوحيد الجاري في العراق حالياً وما عداه من تقتيل للمدنيين الابرياء هو الارهاب بعينه وهو اما من صنع الاحتلال غير الشرعي او من افعال الحكومة المنصبة من قبله. والايام ستثبت ذلك. ياسين الموسوي بريد الكتروني