يجمع المراقبون في اسرائيل على أن الدولة العبرية تفيق اليوم على واقع سياسي جديد مع ظهور نتائج التصويت في مركز حزب"ليكود"الحاكم على اقتراح الجناح المتشدد بزعامة بنيامين نتانياهو تبكير موعد انتخاب زعيم للحزب يقوده في الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، وهو واقع سينعكس حتما على مجمل الأوضاع السياسية داخل اسرائيل ويلقي بأثره على الأوضاع عموما في المنطقة وتحديداً على العملية السياسية المتعثرة أصلا مع الفلسطينيين. وشهد يوم أمس إقبالا كبيرا على صناديق الاقتراع في"ليكود"وسط أجواء مشحونة بين معسكر نتانياهو و"المتمردين"من جهة، ومعسكر زعيم الحزب رئيس الحكومة ارييل شارون الذي يرى في الاقتراح المذكور طعناً في زعامته للحزب وعملية مكشوفة لاطاحته. وجاءت الانتخابات التي يشارك فيها 3 آلاف من أعضاء مركزية"ليكود"غداة"ليل الميكروفونات"، إذ تبادل معسكرا شارون ونتانياهو الاتهامات أمس في شأن الأحداث التي شهدها مركز الحزب أول من أمس وتعطيل الميكرفونات حين همّ شارون بإلقاء كلمته وانتظاره نحو نصف ساعة عبثاً لاصلاح العطب، ليضطر بعدها الى مغادرة القاعة لكن ليس قبل أن يسلم نسخاً من خطابه إلى ممثلي وسائل الاعلام فتنشره كاملا أمس. وفيما رأى القريبون من رئيس الحكومة أن نتانياهو وجماعته كانا وراء هذه"الفعلة"بهدف تحقير شارون، وأن ما حصل"يثير الخجل بل القرف"، ادعت أوساط نتانياهو أن قريبين من شارون، ملمحين أساسا الى نجله عومري، كانوا وراء"هذه الخطوة الاستفزازية"بهدف جني مكاسب وإظهار زعيم الحزب"ضحية"وتمهيد الطريق أمامه للانشقاق عن الحزب وتشكيل حزب جديد. وطغت أحداث مركز"ليكود"وسلوك البلطجة لعدد من أعضائه في بث حي ومباشر على اهتمامات وسائل الاعلام العبرية التي اتفقت على أنه مهما تكن نتائج التصويت، فإن الحزب بتركيبته الحالية بلغ اليوم نهاية الطريق وأن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجري قبل موعدها المقرر أواخر العام المقبل بكثير. وقالت إن شارون لن يتمكن بعد من مواصلة"العيش"داخل حزبه حتى إن حقق اليوم انتصارا على خصمه فالشرخ في الحزب وقع وغالبية أعضاء الكتلة البرلمانية ل"ليكود"تناصبه العداء وقد لا تتردد في إسقاط حكومته اذا تهيأت الفرصة أمامها. أما فوز نتانياهو في التصويت على تبكير انتخاب زعيم للحزب فسيقطع الشك باليقين بأن شارون سيترك"ليكود". وتصدر الصفحة الأولى لكبرى الصحف العبرية،"يديعوت أحرونوت"، وبالبنط العريض العنوان التالي:"أغلقوا له فمه... اليوم التصويت الحاسم على مستقبل شارون". وكتب كبير المعلقين فيها ناحوم برنياع أن ما حصل أول من أمس في مركز"ليكود"كان أسوأ حدث في تاريخ الحزب الذي عرف في السابق أحداثا دراماتيكية و"خطف ميكروفونات". وأضاف أن شارون خرج رابحا"إذ دخل خانة الضحية وأظهر ليكود جسما بلطجيا وقبيحا وهذا ما سيساعده في حال قرر الانسلاخ عن الحزب. أما الخطاب الذي لم يلقه فتجده اليوم كاملا في الصحف". واتفقت معه معلقة الشؤون الحزبية سيما كدمون التي كتبت أن ما حدث كان"انتحارا في بث مباشر"وأن لا جدل في أن شارون هو الرابح الأبرز"اذ ظهر بمظهر الزعيم المسؤول المترفع عن سلوكيات حزبه الذي يكرهه ... وهكذا ستكون مغادرته ليكود باتجاه حزب جديد مُفتخرة". وزادت أنه حتى ألف كلمة كان مفروضا أن يقولها شارون في خطابه لا توازي وقوفه أمام الميكروفون أخرس يطرح السلام محرَجا على أنصاره ويغادر القاعة. وكتب معلق الشؤون الحزبية في"هآرتس"يوسي فرطر يقول إن شارون خرج منتصراً في طريقه لتشكيل حزب جديد"بعد أن نجح ليكود في دهورة نفسه الى هاوية سحيقة وقرف غير مسبوقين". وزاد أن المركز قدم لشارون هدية جميلة وزوده الحجج لمغادرة الحزب. وأضاف أن مضمون الكلمة التي كتبها شارون ونشرتها الصحف يؤكد أن الرجل تحدث عن"ليكود"آخر"كحزب مركزي وقومي وليبرالي يسعى الى وحدة الشعب". قصور "شاباك" في حماية شارون الى ذلك، طرح بعض المعلقين تساؤلات عن"قصور"جهاز"شاباك"الذي أخفق رجاله الكثيرون المكلفون حماية شارون في كشف فعلة تعطيل الميكروفون، وأشار أحدهم الى أن الطريق الى المس بشارون عبر تماس كهربائي كان قصيرا. في غضون ذلك، أعلنت أحزاب يمينية معارضة لشارون رفضها فكرة نتانياهو تشكيل حكومة جديدة بزعامته في حال فوزه في الانتخابات على رئاسة"ليكود"من دون تقديم موعد الانتخابات العامة. ورأى مراقبون ان حديث أوساط نتانياهو عن سعيه لحشد غالبية من 61 نائباً تدعم حكومة برئاسته يبدو غير واقعي، ما يرجح تقديم موعد الانتخابات العامة الى مطلع العام المقبل.