تترقب الكثير من دول العالم في الخارج ولاسيما تلك التي تشهد اضطرابات مثل العراق وسورية واليمن ولبنان وتونس وغيرها، ما أفرزته نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس والتي فاز فيها الجمهوريون، ومدى تأثيرها على سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية إزاء تطورات الأحداث في تلك الدول. غير أنه من وجهة نظري من المستبعد تغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة بتغير نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس على نطاق واسع حيث إن الخط المرسوم لهذه السياسة هو نتيجة توافق فى معظم الأحيان بين الكونجرس وبين الإدارة التنفيذية الأمريكية، ولا يمكن تغييره بصورة مفاجئة أو بدرجة 180 درجة فور فوز الجمهوريين بأغلبية مجلسى الشيوخ والنواب. غير أن مناطق وبقع الصراع والتوتر في العالم ستظل محكومة بالمواقف الأمريكية السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية منها طبقا للمصالح الأمريكية وطبقا لمصالح شعوب هذه المناطق أو هذه البلاد. ومن الممكن أن يشكل الضغط على الرئيس الأمريكى من قبل الأغلبية الجمهورية في المجلسين ساحة للحوار البناء أيضا، وهنا سيكون للرئيس أوباما حيز من التحرك فى حدود المصلحة التي تراها الأغلبية الجمهورية في الكونجرس والتي قد يتعامل معها الرئيس في حدود سلطاته وإمكانياته فى إقناع الكونجرس بطرفيه الجمهوري والديمقراطي في التحرك نحو الاتجاه الذي يراه الرئيس صالحا للأمة الأمريكية. وفي العادة ما يكون موقف الرئيس الأمريكي له مصداقية بين أعضاء المجلسين على اختلاف توجهاتهما. لقد جاء تراجع شعبية الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال الأشهر الماضية ليؤثر سلبا على أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين الذين انتخبوا معه في العام 2008 خاصة في ولايات الجنوب الأمريكي وتحديدا فى ولايتي لويزيانا، وأركنساو، فقد باتوا يخشون الامتناع عن التصويت وسط ناخبيهم، ولا سيما أن نسبة مشاركة الشبان والسود وذوي الأصول الأمريكية اللاتينية في الانتخابات النصفية عادة ما تكون أقل من نسبة المحافظين الأكبر سنا، وعلى عكس ما حدث في الانتخابات الرئاسية. وعلى ما يبدو أنه لم يسجل أيضا في رصيد أوباما انخفاض معدل البطالة إلى 5.9 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ ست سنوات، كما ولم يسجل النمو الذي بلغت نسبته 3.5 في المائة في الفصل الثالث من هذا العام وهو أمر تعمد الكثيرون إغفاله مع تدني شعبيته في استطلاعات الرأى الأخيرة له. وبالرغم من أن خطة الرئيس أوباما لإصلاح النظام الصحي المعروفة ب«أوباما كير» فقد سمحت لملايين الأمريكيين بالحصول على التأمين الصحي، إلا أنها مازالت باقية على الهدف الرئيسي للحزب الجمهوري. أضف إلى ذلك ما جاءت به الأزمة السورية والقلق الذي يثيره فيروس إيبولا ليعززا الشعور بفقدان «الزعامة» في البيت الأبيض بين الناخبين الأمريكيين. ولكن هل يحدث الجمهوريون المفاجأة؟ * باحث بمركز هيرتيردج للأبحاث السياسية -واشنطن