تطلق إمارة دبي اليوم إشارة البدء لبورصتها العالمية التي تعتبر اكبر مشروع مالي تشهده منطقة الشرق الأوسط، لاسيما إنها تأتي في إطار مركز مالي متكامل يعتمد القوانين الدولية، وحي مالي يجمع المصارف ومؤسسات الاستثمار والتأمين في بقعة جغرافية واحدة على شاكلة حي وول ستريت في نيويورك تتوافر فيه الشفافية والملكية الكاملة. ويهدف القائمون على المشروع إلى استقطاب الأموال من الشرق والغرب، وإيجاد فرص للشركات في منطقة الشرق الأوسط كي تنطلق إلى العالمية، فضلاً عن استقطاب المؤسسات المالية الدولية التي تندرج في إطار اكبر 50 شركة في العالم. وقال المدير التنفيذي للبورصة عمر بن سليمان في مقابلة مع"الحياة"عشية انطلاق البورصة:"هذه نقطة تحول تاريخية في المنطقة، لأنها ستؤثر فيها لأجيال مقبلة... إنها فرصة للشركات المتوسطة في المنطقة التي ليس لديها فرص لدخول الأسواق العالمية، وان البورصة تسمح لجميع شرائح المجتمع أن يتاجروا بالأسهم الإقليمية والعالمية، وهذا سيزيد من دخل الفرد". وتنطلق البورصة، بعد نحو عام من بدء عمل المركز، بمجموعة من المنتجات المالية في إطار مؤشرات عالمية رئيسة مثل ستاندارد أند بورز الأميركي ومؤشر نيكاي 225 الياباني ومؤشر ستوكس 50 ومؤشر يورو ستوكس ومؤشر داكس الألماني. وستحتضن البورصة في اليوم الأول من التداول هذه المنتجات من طريق دويتشه بنك الألماني، ومن ثم ستدرج شركة اتصالات إقليمية وهي إنفستكوم المملوكة لعائلة ميقاتي التي ستطرح اسهماً بقيمة 750 مليون دولار تليها شركة داماس الإماراتية المتخصصة بتجارة الذهب والألماس. وكشف مسؤولون في البورصة لپ"الحياة"انهم سيزيدون من عدد المؤشرات"تدريجاً"حتى نهاية العام، سيكون أولها مؤشر إنفستكوم، كما سيبدأون طرح اسهم بعض الشركات الإقليمية ويكون أولها شركة داماس. أما المركز المالي في دبي الذي سيستكمل بناؤه في العام 2007 والذي تصل الاستثمارات المتوقع أن يتم توظيفها في خدمته الى نحو 20 بليون درهم 5.44 بليون دولار إلى توفير تشكيلة متكاملة من المؤسسات المالية، تتراوح ما بين المصارف وشركات التأمين ومؤسسات التمويل الدولية وشركات إدارة صناديق الاستثمار ومؤسسات وشركات الخدمات. وتشمل أنشطة المؤسسات العاملة في المركز إدارة الأصول والتمويل الإسلامي، وإعادة التأمين وتمويل المشاريع وإدارة الثروات الخاصة والخدمات المصرفية بالجملة والخدمات الاستثمارية والاستشارية، والوساطة المالية والمساهمة المالية في المشاريع الجديدة وتأمين الأصول والاتجار بالسلع الأساسية. وقال بن سليمان إن البورصة ستركز على المنطقة من خلال استقطاب العشرات من الشركات العربية المدرجة في أسواق المال العالمية، بعضها لم يجد الكثير من الاهتمام في بيئة غريبة عنه. وأشار إلى أن هناك مفاوضات مع شركات عالمية بهدف إدراج شركة كل شهر، متوقعاً أن تستقبل البورصة 15 شركة محلية وإقليمية في نهاية العام المقبل. وتهدف البورصة إلى استقطاب أقسام الشرق الأوسط التابعة للمؤسسات العالمية لا سيما تلك المتعلقة بتمويل المشاريع الكبيرة، التي عادة ما يكون مركزها لندن، كما أنها تخلق فرصاً لرؤوس الأموال العالمية أن تدخل إلى المنطقة في بيئة محايدة ومتسمة بالشفافية الكاملة. ولاحظ بن سليمان أن الكثير من الشركات الإقليمية لم تنجح حين طرحت أسهمها في أسواق عالمية، لان المستثمر الأجنبي لا يعرفها، وقال:"بوجود بورصة دبي ستجد هذه الشركات فرصة لإدراج أسهمها في بورصة عالمية في المنطقة حيث يعرفها المستثمرون. كما أننا نتفاوض حالياً مع شركات من الهند وتركيا موجودة في أميركا واستراليا للانتقال إلى بورصة دبي". وشدد على أن بورصة دبي"ليست تجربة إماراتية، وإنما تجربة إقليمية ستعود بالخير على المنطقة بأسرها. لهذا فان نجاحها سيهم الجميع". وقال إن البورصة ستعمل في البداية من الساعة الثانية حتى الخامسة صباحاً لسد الفجوة الزمنية بين الأسواق العالمية قبل أن تزداد تدريجاً لتصبح على مدار الساعة من يوم الاثنين حتى الجمعة. أما مدير البورصة ناصر الشعالي فقال أنها ستقوم بتقديم منتجات تطرح للمرة الاولى في المنطقة وهي مشتقات الأسهم، وذلك في نهاية الربع الأول من العام المقبل، مشيراً إلى أن الخطط المستقبلية تشمل توسيع السوق، وإنشاء سوق للشركات ذات المستوى العالمي، كما ستقوم بإنشاء سوق بديلة للشركات التي تود طرح كميات صغيرة من الأسهم كتلك التي في لندن. وشدد الشعالي أن القائمين على البورصة سيقومون بحماية المستثمر لا سيما أن الكثير من المستثمرين في المنطقة على غير دراية مدربة بأساليب الاستثمار بالأسهم. وقال:"نحن نخطط لتشكيل صناع للسوق الذين يضمنون للمستثمر دخولاً وخروجاً آمناً من البورصة، وهذا ما قمنا به بالفعل مع بعض الوسطاء". ويتوقع محللون وخبراء في السوق أن البورصة ستجذب الكثير من الشركات الضخمة المملوكة لعائلات لأن شروط الانضمام لا تطالب إلا بنسبة 25 في المئة من قيمة الشركة، أي بقيمة 50 مليون دولار كحد أدنى، وان تكون أصول الشركة معدة من جانب محاسبين قانونيين معترف بهم من مؤسسة المحاسبة العالمية، في حين أن شروط الإدراج في البورصات المحلية تفرض عادة ألا تقل النسبة عن 51 في المئة. وقال ناصر النابلسي، وهو المدير التنفيذي السابق لمركز دبي العالمي:"إن البورصة تحمل مقومات نجاحها، أهمها القوانين التي ستساعد الشركات العائلية في المنطقة على طرح بعض أسهمها... لا سيما تلك التي ترفض طرح الجزء الأكبر من أسهمها، مشيراً الى"أن البورصة ستخدم منطقة تحتوي على 2.2 تريليون دولار، ومن شأنها تطوير أسواق المال في المنطقة وتنويع فرص الاستثمار وتساعد على امتصاص السيولة من الأسواق، كما انها ستساعد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية".