قال الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله إن المجتمع الدولي لم يفعل شيئاً للبنان في استعادة أرضه وأسراه من إسرائيل، لافتاً إلى أن"هناك مناخاً سياسياً في البلد منذ فترة يحتاج إلى معالجة وضبط". وأعلن"أننا نقبل الحوار لكننا نرفض الاتهام"، منتقداً الذين قالوا إن العمليات بأمر من دمشق، ومؤكداً أن"المقاومة استفادت من سورية وإيران لاستعادة الأرض المحتلة". كلام نصر الله جاء خلال تشييع المقاومين الثلاثة وسام رضوان البواب مواليد البرج الشمالي، صور 1976 وعلي بهيج شمس الدين مواليد يحمر 1979 ومحمد باقر إبراهيم الموسوي مواليد النبي شيت، البقاع 1980 الذين قضوا في مواجهات الاثنين الماضي مع القوات الإسرائيلية والذين استعاد لبنان جثامينهم أمس. وتحدث نصرالله عن المواجهة الأخيرة مع القوات الإسرائيلية، معتبراً انها"ليست عابرة، لا بأسبابها ولا بطبيعتها ولا بتداعياتها". وقال:"الإسرائيليون منذ اشهر عدة لديهم قراءة للواقع في لبنان وعلى ضوئها يتصرفون"، معلناً ان"حزب الله يدّعي ان لديه اختصاصاً في قراءة الإسرائيلي وفهمه". وأوضح ان"قراءة الإسرائيلي هي الآتية: لبنان تغير وسورية خرجت من لبنان، الأمر الذي - بالفهم الإسرائيلي - اضعف المقاومة وإرادتها وجعل ظهرها خالياً. ويقول الإسرائيلي ان الوضع اللبناني الداخلي صعب، هناك خلافات حادة خلافاً لما كانت عليه الأجواء قبل العام 2000، وهذا تطور مبشر للإسرائيلي". واعتبر ان الضغوط الدولية على لبنان والمقاومة لم يسبق لها مثيل، وپ"في ظل الضغوط الدولية والخروج السوري من لبنان والانقسامات الداخلية اللبنانية، اعتبر الإسرائيلي ان حزب الله والمقاومة باتا في ظرف صعب جداً داخلي وإقليمي ودولي"، مضيفاً:"كتبوا عن الأوضاع النفسية للمقاومة، وهم باعتبارهم يتعاطون مع الشرق بطريقة الزعماء يتكلمون عني اكثر من حديثهم عن الحزب احياناً، ويقولون انني في وضع مأسوي ومحشور في الزاوية. وما ساعد على هذا التحليل هو هدوؤنا، وتالياً ان الإسرائيلي قرأ خطأ هذا الموضوع، ونتيجة عدم قيامنا بأي ردود فعل على تجاوزاته حلّل ذلك، ورأى ان هذه هي اللحظة المناسبة للاقتحام على لبنان من اجل أي شيء او تغيير قواعد المعركة". وأضاف:"منذ اختطاف الصياد فران من صور، تعمدنا ان نكون هادئين، قرأ الإسرائيلي حركتنا الميدانية هذه وضمها الى تحليله السياسي ووصل الى قناعة مفادها ان هذا هو الظرف المناسب للهجوم". وسأل نصرالله:"لو ان هذا المظلي المدني الهاوي الذي وقع في لبنان تمكن الشباب من احتجازه، فما كان رد الفعل؟ مؤكداً ان دول العالم كانت لتتدخل من اجل اطلاق سراحه، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون سيتدخل شخصياً ويهدد لبنان". وسأل:"ما الفارق بين هذا الهاوي المظلي الذي"يشم الهوا"وبين الصياد الذي يعمل ليطعم اسرته. الفارق ان هذا لبناني وذاك اسرائيلي". وتابع:"بعد قضية الصياد تكثفت الخروق ويوم العيد قصفوا محيط بلدات منطقة شبعا وكانوا يتوقعون منا رداً، إلا اننا آثرنا عدم الرد بسبب العيد، فنحن نراعي الظروف الاجتماعية والسياسية"، معتبراً ان الأخطر كان"أنه للمرة الأولى تصل المروحيات الإسرائيلية فوق الساحل ما بين صيدا وصور، فهذا يعني بدء عمليات اغتيال جديدة لا نعرف لمن". وقال:"مجلس الأمن ليس عادلاً، لن نقاتله لكننا سنقول له انه ليس عادلاً، لن نحاربه، لكننا لن نسلّم بظلمه". وأضاف:"الرسالة تقول: يجب ان يفهم الاسرائيلي وكل العالم ان المقاومة الاسلامية في لبنان التي عرفتموها منذ عام 1982، وقبل خروج القوات السورية من لبنان وبعده وقبل ال1559 وبعده وقبل الانقسامات الداخلية وبعدها هي نفسها". وقال:"أريد ان اقول لهم: لا تستسلموا لقراءات وهمية خاطئة. لا شك في ان من عناصر القوة كان هذا التوحد والتلاقي اللبناني - السوري وان الاجواء التي حصلت في لبنان وعلى مستوى هذه القضية تركت آثاراً سلبية، لكن أريد ان اذكر الاسرائيليين بأن المقاومة كانت فاعلة في ظل حرب أهلية داخلية وليس في ظل سجال داخلي فقط". وأعلن نصرالله ان من"حقنا الطبيعي أسر الجنود الاسرائيليين ومن واجبنا ذلك، لأن لنا أسرى في اسرائيل والصياد فران من يكشف مصيره، علماً انه مضى نحو سنتين على النقاش حول المرحلة الثانية من تسليم الاسرى، والتجربة تقول انه اذا اردنا ان نستعيد اسرانا علينا أسر جنود اسرائيليين". وقال:"تمكنا مع الحكومة اللبنانية من استعادة هذه الجثث، فهناك ظرف ومعطى خاص، حيث الاتصالات والعناية والتهديدات في الوقت نفسه، ولكن الظرف الدولي ساعدنا، لأن المجتمع الدولي لا يريد مشاكل". ونوّه نصرالله بموقف الحكومة اللبنانية خلال المواجهات الاخيرة، مشيراً الى ان"البيان الرسمي الذي صدر عن مجلس الوزراء عبر عن موقف مسؤول وملتزم، بمعزل عن حديث بعض الوزراء خارج الحكومة". وأضاف:"نحن قلنا بوجوب بقاء عمل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفضنا أي توظيف سياسي للتحقيق وان لا ينعكس هذا على العلاقة بين لبنان وسورية، ويجب ان نساعد على استكمال التحقيق وهذا يستلزم مساعدة سورية لا ان نحشرها في الزاوية، فعندما يقول السوري انا مستعد ان ارسل ضباطي الى مكان آخر غير بيروت للتحقيق معهم، ليس من المفترض ان اقول لا اقبل غير بيروت". وسأل:"هل نتصور نحن في لبنان ان العقوبات على سورية وإقفال الدنيا حولها لن تلحق الضرر بلبنان"، منتقداً الذين"قالوا ان اقامة العمليات بأمر من دمشق". وقال:"يعرفون ان المقاومة في لبنان منذ العام 1982 حتى اليوم، امر عملياتها لا في دمشق ولا طهران، مع اعتزازنا بعلاقتنا مع دمشقوطهران". وأضاف:"اليوم تغير الظرف. نحن نقبل النقاش في لبنان ونقبل الحوار لكننا نرفض الاتهام، نحن، أشرف وأرفع وأنقى وأصفى وأخلص وأكبر من ان يجرؤ أحد على اتهامنا في خلفيتنا الوطنية. بكل صراحة نحن كنا اصدقاء سورية ولا نزال اصدقاءها ونعتز بهذه الصداقة. منذ 82 كنا اصدقاء لها حتى ال85 فال90 فال2000 فال2005 حتى اليوم. لا نخفي هذه الصداقة ولا نخجل بها بل نؤمن بها وندعو كل اللبنانيين الى تعزيزها والى توثيقها وهذا مصلحة للبنان. نحن على رأس السطح اصدقاء طهران وحلفاء طهران كما اصدقاء سورية وحلفاء سورية ... لكن نحن الجهة اللبنانية التي استطاعت ان تستفيد من سورية من اجل تحرير لبنان واستطاعت ان تستفيد من ايران من اجل تحرير لبنان، من يريد ان يتهمنا لن نتواضع له بعد اليوم. من يريد مناقشتنا سنتواضع له، سنقول له هذا حقك الطبيعي، فالبلد بلدنا جميعاً والمصير مصيرنا سوياً وحقك الطبيعي ان تخالفنا ونخالفك وتناقشنا ونناقشك وتحاورنا ونحاورك. اما من يريد اتهامنا، فقبل ان نناقشه سنسأله: أنت من؟ ما هو تاريخك، قبل ال82 ما هو تاريخك وفي ال82 ما هو تاريخك وبعد ال82 ما هو تاريخك؟ أين كنت ومع من وحليف من كنت وفي أي موقع أنت، ماذا قدمت لهذا البلد وبماذا ضحيت له، ما هي علاقتك بالسفارات وبالاسرائيلي وبالأميركي والأجنبي؟ قبل ان تناقشني سأسألك. منطق الاتهام هو منطق مرفوض بكل صراحة". واختتم نصرالله ان شهداء المقاومة"المنتظرين"لن يقبلوا بأي انتهاك لسيادة لبنان، وبأن يتحول لبنان الى لبنان اسرائيلي بدلاً من لبنان العربي،"وسيمنعون ذلك ليس بالشعارات بل بدمائهم". واعتبر ان"الشهداء هم الوجه الطبيعي في مسيرتنا وليسوا امراً غريباً، بل هم جزء من ثقافتنا وعقيدتنا وجوهر وجودنا". وبعد الكلمة توجه المحتشدون بالنعوش الى داخل المجمع حيث ادى نصر الله الصلاة على الشهداء، وترافق ذلك مع هتافات"الموت لأميركا"و"الموت لاسرائيل". وكان"حزب الله"تسلم من الصليب الاحمر الدولي والقوة الدولية الجثامين الثلاثة عند الحادية عشرة الا خمس دقائق من قبل الظهر عبر الناقورة. وعند وصول سيارات الاسعاف التي نقلت الجثامين الى الناقورة، استلمها عناصر من"حزب الله"ارتدوا اللباس الاسود. ولفت النعوش باعلام الحزب الصفر وحملت على الاكف على وقع موسيقى كشافة المهدي ولحن التعظيم والتكريم. ثم وضع مسؤول الحزب في الجنوب الشيخ نبيل قاووق ثلاثة اكاليل من الزهر على النعوش وتليت سورة الفاتحة في حضور ممثل للصليب الاحمر الدولي واهالي الشهداء. ووضعت النعوش في ثلاث سيارات اسعاف نقلتها الى الضاحية الجنوبية. ومع وصول النعوش الى صيدا كان في استقبالها في ساحة النجمة عدد من النواب والشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية.