نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية امس ان "حزب الله" "سيقدم معلومات الى اسرائيل عن مصير الطيار رون أراد، بعدما افرجت عن خمسة من عناصر الحزب المحتجزين لديها فجر الاثنين الماضي. وقالت الصحيفة ان ألمانيا التي ادت دور الوسيط في الافراج عن العناصر الخمسة، "ستنقل هذه المعلومات التي لم تبلغ بعد، الى اسرائيل". وفي هذا المجال، علمت "الحياة" في بيروت من مصادر ديبلوماسية ان قيادة "حزب الله" اطلعت الجانب الالماني على معلومات توافرت لديها عن أراد الذي اسقطت طائرته فوق لبنان العام 1986، وهي تتعلق بمدة احتجازه في لبنان بعد القبض عليه اثر اسقاط طائرته وقبل اختفائه من مكان احتجازه. وقالت المصادر ان هذه المعلومات "قد تشمل تسليم قطعة ثياب صغيرة عائدة الى أراد ربما جوارب وجدت في مكان يرجح ان يكون احتجز فيه، في سنوات سابقة". وأكدت "هآرتس" ان المعلومات التي وعد الحزب بتقديمها مرتبطة بالمدة التي كان أراد محتجزاً خلالها لدى تنظيم "المقاومة المؤمنة" بقيادة مصطفى الديراني الذي خطفه رجال كوماندوس اسرائيليون من بلدته قصر نبا في البقاع العام 1994، وما زال محتجزاً على امل مقايضته بأراد وجثث اسرائيليين... ووكتبت الصحيفة: "يعتقد ان المقاومة المؤمنة سلمته الى إيران"، ونسبت الى مسؤولين في وزارة الدفاع الاسرائيلية ان "التأكد من صحة المعلومات التي سيقدمها "حزب الله" يتطلب بعض الوقت". وفيما وجد بعض المطلعين ان هذا الكلام يعني اجراء تحليل مخبري دقيق لهذه المعلومات، اذا كان المقصود ان ثمة حاجيات هي بين المعطيات التي سلمت الى الألمان عن أراد، ذكرت وكالة "فرانس برس" ان حركة "أمل" الشيعية كانت احتجزت أراد أولاً وأن رئيسها السيد نبيه بري اعلن سابقاً ان المجموعة التي احتجزته انشقت عن "أمل" وسلّمته الى الايرانيين. وذكّرت الوكالة بأن المسؤولين الايرانيين ينفون ذلك. وقالت "هآرتس" في خبرها في عدد امس: "من غير الواضح هل يعرف "حزب الله" شيئاً عما حصل للعسكري الاسرائيلي او عن مصيره بعد نقله المفترض الى إيران". ورداً على سؤال للاذاعة العسكرية الاسرائيلية، بدا نائب وزير الدفاع افراييم سنيه متحفظاً، وقال: "لا استطيع ان اكشف ما نعرفه عن الموضوع، فالملف حساس ويجب التعامل معه بحذر والحديث عنه بأقل مقدار ممكن". وكانت الاذاعة الاسرائيلية اعلنت اول من امس ان رئيس الوزراء ايهود باراك يحاول التوصل الى ترتيبات مع دمشقوبيروت للحصول من "حزب الله" على معلومات عن مصير أراد. وتنتظر اسرائيل من سورية مبادرات حسن نية عبر مساعدتها للحصول على معلومات عن مصير هذا الطيار وثلاثة جنود فقدوا خلال معركة دبابات في بلدة السلطان يعقوب في 11 حزيران يونيو 1982، اضافة الى استعادة رفات الجاسوس إيلي كوهين الذي شنق في دمشق عام 1965. وأحجم مسؤولون في "حزب الله" عن التعليق على خبر "هآرتس"، وأحالوا الصحافة على تصريحات سابقة علنية لقادتهم وفي طليعتهم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، تشير الى رغبة الحزب في الحصول على معلومات عن مصير أراد، او حتى تساعد في اقتفاء آثاره، نظراً الى ان ذلك يساعد في مبادلته بالاسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال او في سجن الخيام. وكان قادة الحزب تناولوا موضوع الطيار المفقود مرات عدة في تصريحات وخطب علنية، منذ العام 1994، فأعلن نصرالله غداة خطف الاسرائيليين الديراني العام 1994 ان أراد "اصبح لغزاً... ولا نملك اجابة عن السؤال او معلومات اين هو وهل هو حي او ميت وفي يد من وفي اي أرض". وأضاف في حينه: "سيكتشف الاسرائيليون ان خطفهم الديراني، اذا كان هدفه معرفة مصيره أراد، سيوصلهم الى طريق مسدود... نحن مهتمون به لأنه جزء من عملية يمكن ان تساهم في اطلاق جميع الاسرى والمعتقلين في سجون العدو". وأوضح: "عملنا في هذا الموضوع بجدية كبيرة والأخ الديراني تعاون معنا لكن المعلومات الدقيقة لا نملكها لا نحن ولا الديراني". وفي تموز يوليو 1998 كرر نصرالله الكلام نفسه. وقال انه اهتم شخصياً بالموضوع "مع مجموعة من الاخوان وأجرينا تحقيقات عن المكان الذي كان فيه الطيار آخر مرة، وفي يد من كان، وما هي الظروف التي احاطت بفقدانه، ووصلنا الى استنتاج من الوقائع انه رجل مفقود... ولكن عندما فقد كان حياً...". وأوضحت المصادر الديبلوماسية في بيروت ل"الحياة" ان القيادتين السورية والإيرانية سألت قيادة الحزب مراراً عما تملكه من معلومات عن أراد، بعد مراجعات المانية عدة لكل من طهرانودمشق، خصوصاً ان جهات اسرائيلية تتهمهما ضمناً بالاشتراك في اخفاء المعلومات عنه، وقد أعربت قيادة الحزب عن استعدادها للتعاون مبدية الرغبة في حل هذا اللغز. وكشفت المصادر ان الجانب الالماني حين توسط من اجل اطلاق الاسرى اللبنانيين الخمسة الذين وصلوا الى مطار بيروت فجر الاثنين، اقترح في الاتصالات التمهيدية تسليمهم إلى الحزب في طهران او في دمشق لكن قيادة الحزب اصرت على تسلمهم في بيروت. وقالت ان ما عناه نصرالله بالتحقيقات التي اجريت عن أراد، ان عناصر من الحزب فتشوا قبل سنوات احد الامكنة التي قيل ان الطيار احتجز فيها في احدى القرى البقاعية، وان المعلومات التي سلمت الى الجانب الالماني، تتناول تلك المرحلة، ولا تتعلق بالمطلب الذي يطرحه الاسرائيليون اي "معرفة مصيره". وأضافت ان "تحقيقات الحزب اظهرت ان المكان الذي احتجز فيه لم يدخله أحد بالقوة لأخذه من المجموعة التي كانت تحتجزه، بل فتح قفل الباب بالمفتاح، ووجد في المكان حاجيات منها جوارب قد تعود الى المفقود، من دون اي اثر آخر. وتم الاستقصاء عن الاشخاص الذين كانوا يتولون حراسة المكان وهم من المقاومة المؤمنة فتبين انهم لم يعودوا موجودين في البلد". وذكّرت المصادر الديبلوماسية نفسها بأن "اختفاء أراد من هذا المركز حصل بعد معركة ميدون الشهيرة في البقاع الغربي، بين رجال حزب الله والاسرائيليين، العام 1989، واودت بحياة نحو 25 من عناصر الحزب، وان ثمة تقديرات تقول انه ربما كان بعض اقرباء هؤلاء هم الذين اخذوا أراد من محتجزيه للانتقام منه". لكن المصادر تشير الى ان "البحث عن مصيره يشمل، في حال انه لم يعد حياً، البحث ايضاً عن رفاته...".