أعلن الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان ما يقوله اي مسؤول ايراني يعبّر عن رأي بلاده ولا يلزم "حزب الله". لكنه اكد ان القول ان ايران ستسهّل الطرح الاسرائيلي في شأن القرار الرقم 425 "كذب وافتراء". وشدّد على التعاون السياسي والاعلامي مع حركة "حماس"، نافياً تدريب عناصر لها، نظراً الى عدم حاجتها الى ذلك. وعلى رغم الخلاف على الانتخابات البلدية مع حركة "أمل" قال نصرالله ان اتصالات جارية لتشكيل لوائح ائتلافية معها ومع احزاب اخرى في بعض قرى الجنوب. جاء كلام نصرالله خلال حديث أجرته "الحياة" معه في بيروت، تناول الطرح الاسرائيلي في شأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 مشروطاً بمفاوضات على الترتيبات الأمنية، والانتخابات البلدية في لبنان والانتخابات الرئاسية. سئل نصرالله: نفيت ان تكون ايران تعتبر ان الانسحاب الاسرائيلي ينهي الحاجة الى استمرار المقاومة لأنه يحقق اهدافها. الا تعتقد ان هناك لغطاً على موقف طهران خصوصاً في ظل معلومات انها لم تعد مهتمة بالوضع اللبناني كما في السابق؟ اجاب: "اين نشأ الالتباس؟ هناك طرح اسرائيلي في شأن جنوبلبنان، الموقف اللبناني والسوري واضح في مواجهته. وعناصر القوة في الموقف هي لبنان وسورية والمقاومة وايران في شكل أساسي، اضافة الى تفهّم بعض الدول العربية لهذا الموقف، ومنها مصر والسعودية، وأبعد من ذلك، فبعض الدول الدائمة العضوية مثل فرنسا أو روسيا أو الصين تساند الموقف اللبناني اذا طرح مشروع تعديل للقرار الدولي في مجلس الأمن. هذا مجمل عناصر القوة المعتمدة. فالإسرائيليون عندما طرحوا هذا الخيار، وووجِهوا بهذا الموقف بدأوا العمل على تفكيكه لإضعافه. فطرح مجموعة معلومات وتصريحات لمسؤولين اسرائيليين، ومنهم موردخاي تفيد انهم تسلموا رسائل من رؤساء لبنانيين تقول انهم موافقون على طرحهم والمشكلة في دمشق، ومع اجواء اللغط في لبنان وأجواء الرؤساء اللبنانيين الذين "يلطى" كل واحد منهم للآخر، يسوّق هذا الكلام في سهولة وتنشأ مشكلة في ما بين اللبنانيين، وبين اللبنانيين والسوريين. وعندما يرقى الأمر الى مستوى ان يحاول بعض المسؤولين اللبنانيين، بسبب هذا النوع من المنافسات والمناكفات الداخلية، أن يوظف اقتراح قانون قدمه نائب في "حزب الله" يساعد على تفكيك ميليشيا لحد وتسويقه لدى المسؤولين اللبنانيين والسوريين على انه جزء من صفقة وتسهيل معين في الموضوع الإسرائيلي، يدرك مدى سوء حالنا. فكيف لو قال المسؤولون الإسرائيليون انهم تسلموا رسائل؟ وبعض الصحافة الإسرائيلية نقلت، أن هناك لقاءات بين مستشارين للرئيس الهراوي مع مستشارين اسرائيليين. هذا من جهة. ومن جهة ثانية بدأ الحديث عن ان ايران ستسهّل تنفيذ هذا الطرح في جنوبلبنان بأن تطلب من "حزب الله" توقيف المقاومة بحجة ان هناك محادثات ايرانية - أميركية لاعادة ترتيب العلاقات بين الطرفين وأحد الملفات جنوبلبنان. وهذا كله كذب وافتراء، ولا أساس له من الصحة. وهذا الكلام قاله مسؤولون اسرائيليون أيضاً. نحن نفهم ان الهدف تفكيك الموقف، أي الاساءة الى العلاقات السورية الإيرانية وايجاد حال سوء ظن وأزمة ثقة بينهما، الأمر الذي سينعكس على الساحة اللبنانية. لتشعر سورية انها وحيدة على اعتبار ان اللبناني موافق والإيراني سيسهل والفرنسي "لا تهزني واقف على الشوار". والروسي كذلك. أي انكم انتم يا سوريين وحيدون والى أين ذاهبون؟". وأضاف نصرالله "في هذا السياق، جاء تصريح وزير الإرشاد الإيراني عطاالله مهاجراني، في حديثه عن المقاومة اللبنانية انها اذا انسحب العدو الإسرائيلي تكون حققت هدفها. ولكن في جو كهذا يؤخذ هذا التصريح ليركَّب ضمن هذا السياق ويُصنع منه أزمة. ونحن اعتبرنا منذ الأيام الأولى أن الوزير مهاجراني يمثل حكومة وله حق في ان يقول ما يشاء. وما يقوله اي مسؤول في الجمهورية الإسلامية يعبّر عن رأي بلاده ولا يلزم "حزب الله". ولست معنياً، في الحقيقة، عندما يصدر تصريح في ايران يتكلم على الجنوب والمقاومة ومستقبل الصراع مع اسرائيل، اذا لم يكن منسجماً مع رأينا واقتناعنا، بوجوب الرد عليه. نحن نعبّر عن رأينا وهم يعبّرون عن رأيهم، ولكن عندما كثر اللغط على هذا الموضوع أردت ازالة الالتباس وهو ان موقف ايران الرسمي والقاطع والنهائي هو الى جانب لبنان وسورية في المطالبة بالانسحاب من الأراضي اللبنانيةالمحتلة من دون قيد أو شرط. وهذا الموقف يرتكز الى قاعدة قوية ومتينة جداً. فالموضوع في الموقف الإيراني ليس موضوع الأراضي اللبنانيةالمحتلة بل هناك موقف من قضية فلسطين عبّر عنه الإمام الخامنئي ورئىس الجمهورية سيد محمد خاتمي في لقاءاتهما مع الشيخ أحمد ياسين. وفي ذكرى النكبة أصدر الرئيس خاتمي رسالة نصت على ان ايران ستقف الى جانب الشعب الفلسطيني وتدعمه مهما تعرضت لضغوط، لتحرير ارض فلسطين كاملة. اذا كانت القاعدة الفكرية والعقائدية والسياسية للموقف الإيراني في هذا المستوى من الصلابة والوضوح فهو في التفاصيل أرفع بكثير من أن تحوم حوله الشبهات أو الشكوك". سئل: يقال ان ايران تساند الموقف اللبناني والسوري، وأن المقاومة تتوقف عند الانسحاب الاسرائيلي؟ اجاب "اذا قال الإيراني ان المقاومة تتوقف عند الحدود لا يعني انه غيّر رأيه في القضية الفلسطينية. وهو يقول انه مع الشعب الفلسطيني. قد تصبح وجهة النظر اننا لا نتخلى عن فلسطين ومن يريد القتال، فالمعركة الحالية داخل فلسطين، والجهد اللبناني والعربي سينصبّا على دعم الشعب الفلسطيني وعدم القتال بالنيابة عنه فليقاتل هو ونحن نبقى ندعمه. قد يكون هكذا وقد لا يكون، فهذا لا علاقة له بمستقبل الصراع. قد تقف عند الحدود وقد لا تقف. في الحسابات، إذا أخذنا الموضوع بالمنظار اللبناني في معزل عن فلسطين والصراع العربي - الاسرائيلي، من الطبيعي ان يقول مسؤول ايراني أو عربي ان لا داعي للمقاومة اللبنانية، التي تقاتل لتحرير ارضها، بعد تحرير الأرض. وهنا يدخل النقاش هل هدف المقاومة تحرير هذه الأرض أو ما هو أوسع من ذلك؟ هنا المرحلة الثانية". سئل: يتردد ان الحوار الأميركي - الإيراني المطروح لم يتبلور أو لم ينطلق كما يجب، وهذا سبب اللغط حول موقف ايران؟ اجاب "أي شيء يحصل في ايران اليوم تدور عليه ضجة ويحمّل أكثر بكثير من حقيقته، اي القول ان الرئيس خاتمي يريد اقامة حوار او مفاوضات او علاقات مع الإدارة الأميركية ليس صحيحاً في المطلق. بعد الانتخابات، كل العالم ينظر الى ايران مع رئيس جديد يستخدم أدبيات جديدة ولغة جديدة في التعبير عن آرائه ووجهة نظره. السيد خاتمي في الموضوع الأميركي تكلم عن فكرة حوار الحضارات حوار الشعوب، وفي رأيي الموضوع ليس جديداً أي في الجو الإيراني، حتى في حياة الإمام الخميني لم يكن مطروحاً عداء بين شعبين. هناك عداء مع نظام. وما عمله السيد خاتمي ضمن التوجهات الأساسية لحياة الامام الخميني وفي قيادة السيد خامنئي. لكنه اراد ان يصنع منه برنامجاً ويعطيه حجماً عبر اساتذة جامعة ايرانيين وأميركيين يتناقشون ويتحاورون. وملاكمون من عندنا ومن عندهم مثلاً. الجديد هو ان هذا الكلام القديم الذي كان شعاراً وضع له برنامج وحركة. فالحوار مع الC.N.N خلّف ضجة وحركة في حين أن الشيخ هاشمي رفسنجاني أجرى أكثر من حوار مع هذه المحطة، وليست العملية جديدة. ولكن بعد الانتخابات ارادوا تحميل الموضوع أكثر من حجمه. اضافة الى ان وسائل الاعلام الأميركية تعرف ان هذه النقطة نقطة خلاف في ايران، واذا اثيرت عليها مجموعة من الشبهات يمكن من خلالها التسلل الى الواقع الداخلي الإيراني لاحداث فتنة بين المسؤولين والتيارات، والسيد خاتمي ينتمي تاريخياً الى تيار يرفض اي شكل من أشكال الحوار مع الادارة الأميركية. كيف انقلبت الدنيا في لحظة واحدة؟ على هذا الأساس، أقول، بحسب معلوماتي وصداقاتي وعلاقاتي مع كل التيارات، في ما يتعلق بالشرق الأوسط، وبالتحديد لبنان وسورية وفلسطين، ومختلف التيارات الموجودة في ايران ليس هناك اي خلاف مع أميركا. هناك اجماع وطني حقيقي على التعاطي مع قضايا هذه الساحة وتالياً هذا الرهان على الخلاف في وجهات النظر على هذه المسائل رهان خاسر، اضافة الى ان في ايران نظام مؤسسات هي التي تحسم، وقد حسمت هذا الموضوع". سئل: هل هناك تعاون مع "حماس" على الصعيد السياسي والعسكري؟ اجاب "على المستوى السياسي والإعلامي ... التعاون قائم ومعروف. ولكن حتى الآن لم يحتج الاخوان في "حماس" - لأن عملياتهم في الداخل - الى ان ندرّب لهم شباناً. ومن حيث المبدأ نحن لا نمانع في أن ندرب أي فلسطيني أو لبناني يريد المشاركة في اعمال المقاومة. ولا ننفي التعاون العسكري مع "حماس" لأن هناك مانعاً سياسياً بل هناك مانع لوجستي لأنهم غير محتاجين ويتدربون في الداخل. وإذا قررت "حماس" اليوم استيعاب فلسطينيين في المخيمات اللبنانية لتشكل مجموعات للقتال انطلاقاً من جنوبلبنان، مثل بعض الفصائل الفلسطينية. فلا مانع لدينا". سئل: ألا تعتقد ان موقف الرئيس نبيه بري عدم ترشيح الحزبيين الى الانتخابات البلدية يجذب الناس في شكل يجعلكم تخسرون جمهوراً، اذا اصررتم على ترشيح محازبيكم؟ اجاب "اذا عدت الى طروحات الحزب، منذ ان طرحت الانتخابات البلدية قبل عام، قلنا بمجموعة أمور، تضاف اليها الممارسة التي نقوم بها الآن، فيظهر لك اننا على العكس، مرتاحون، ولا مشكلة لدينا مع الناس. ومن يفترض ان طرح الاستاذ نبيه بري عدم ترشيح محازبين من "أمل" حشر "حزب الله"، مخطىء. نحن لا نخوضها على قاعدة احجام سياسية، ويكفي ان نقول هذا حتى نرتاح وبالتالي لم يعد عندي مشكلة اذا قيل بعد انتهاء الانتخابات، ان "حزب الله" حصل على 20 أو 30 أو 60 في المئة. لأننا لا نخوض معركة حجم سياسي. ثم اننا مصرون على لزوم اجراء الانتخابات لأن هناك من يتمنى ان يحصل شيء يلغيها. ونحن ندعو الله الا يحصل شيء في البلد حتى تحصل الانتخابات، ونعتبر ان الانتخابات البلدية التي تولِّد عادة مشكلة بين الأطراف وبينهم وبين العائلات، يمكن ان نستفيد منها لتعزيز علاقتنا مع العائلات. من هنا حكينا في الائتلاف والتوافق ولسنا ذاهبين لنقاتل أحداً. يمكن ان نكون مختلفين معك سياسياً 180 درجة، لكن في الانتخابات البلدية لا مانع لدي من ان اتحالف معك في هذه القرية أو تلك البلدة. أي ان الائتلاف البلدي لا علاقة له بمواقفنا السياسية بعضنا من بعض". سئل: هذا يشمل "أمل" والرئيس كامل الأسعد والآخرين؟ اجاب "هذا كلام مفتوح. ومن الأفكار التي طرحت ايضاً اننا لا نستطيع في حركة "أمل" و"حزب الله" ان نقيم ائتلافاً من فوق، ونؤلف لائحة أو نشكل محدلة. هذا ليس لمصلحة "حزب الله" ولا لمصلحة حركة "أمل". ولغتنا منذ اليوم الأول هي في كل البلدات، اننا حاضرون من أجل التوافق مع الجميع بمن فيهم حركة "أمل". وفي بعض البلدات في الجنوب هناك اتصالات من هذا النوع بيننا وبين "أمل"، والأحزاب الأخرى والعائلات لتشكيل لوائح ائتلافية، هذا موضوع لا مانع لدينا فيه، ولا نقول ان "أمل" مع تحالفاتها تكتل ونحن مع تحالفاتنا تكتل، وندخل معركة كسر عظم. لا نريد معركة كهذه. والتصور اننا سنشكل لوائح بلدية من المحازبين خاطىء. ربما اللائحة التي سندعمها أو نشكلها لا يكون فيها واحد حزبي وربما كان فيها واحد او اثنان. ولا نعمل لمجالس بلدية من المحازبين، وحتى لو استطعنا لن نفعل. لأن هذا ليس في مصلحتنا، لأننا نكون نستبعد عدداً من العائلات. نسعى الى التوافق ولو على حسابنا. ولا نقول "اننا لا نريد ان نرشح حزبيين لكن هذا لا يعني ان كل مرشحينا سيكونون من الحزبيين. ومن الآن اتعهد ان لا مجلس بلدياً سيكون نصف اعضائه من "حزب الله"، حتى حيث نستطيع. مصلحتنا ان نكون موجودين لنشارك وليس من مصلحتنا ان نصادر المجالس البلدية ونتحمل المسؤولية وحدنا. ونحن لسنا في حاجة الى خوض اختبار قوة. واذا كان المقصود من الكلام على اختبار قوة الاستفادة من استحقاق معين للتعبير عن الحجم الشعبي، فخلال هذه السنة والتي قبلها وقبلها، مرّت فرص عدة كافية لمن يراقب، وحتى اذا اراد المرء ان يعدّد الناس، كانت كافية ان يعبّر "حزب الله" عن حجمه الشعبي في البلد. ولا اعتقد لا الآن ولا لاحقاً ان الفرصة ستتاح ل"حزب الله"، لا في انتخابات بلدية ولا نيابية، ان يعبّر عن حجمه الشعبي الحقيقي. ولسنا محتاجين الى ان ندخل في معركة من هذا النوع". سئل: تحدث الرئيس الحريري عن تعاون... اجاب "هناك اتصالات اولية ومبدئية. وموضوع بيروت يتطلب بعض الوقت. ولكن من حيث المبدأ موقفنا منسجم مع كل سياستنا فإذا تم التوصل الى لائحة ائتلافية تضم كل الأفرقاء في شكل يغني بيروت عن معركة، لا مشكلة لدينا". سئل: أين صار التفاوض على تبادل الأسرى والجثث مع الإسرائيليين؟ اجاب "هذا موضوع يتسارع حين يحصل جواب ورد جواب. ولكن ما بينهما تطول المدة ويحصل بطء شديد، وما زالت المشكلة مشكلة ارقام ولا مشكلة في موضوع الشهداء. بل هي تتعلق بعدد الأسرى سواء الموجودين في الخيام أو الموجودين داخل فلسطينالمحتلة. ولم يحصل اتفاق على الأرقام ولم نصل الى مرحلة تبادل الأسماء اذ يجب ان نحسم الأرقام اولاً".