"الأميركيون والبريطانيون أيضاً استخدموا الفوسفور الأبيض في العراق"هكذا بدأ الصحافي الفرنسي كريستيان شينو إجابته عن سؤال حول رأيه في التصريح الأميركي. أمضى شينو وصديقه جورج مالبرونو أكثر من أربعة أشهر رهينتين لدى إحدى الجماعات المسلحة العراقية، لكن هذا الاعتقال مع كل ما رافقه من مخاوف وتهديد لم يعم بصيرته. وظلت الموضوعية معياراً أساساً بالنسبة إليه لمتابعة الأوضاع الميدانية في العراق والمنطقة العربية. وأكد ل"الحياة"أن عدداً كبيراً من الخبراء العراقيين قالوا له أن جيش الاحتلال حوّل بلدهم ميداناً لتجريب الأسلحة والأدوات العسكرية والصواريخ وتقنيات الحرب الجديدة. وأضاف:"مسألة استخدام الفوسفور الأبيض ليست دخاناً بلا نار.. لست مندهشاً من الاعتراف باستخدامه، كنت أتوقع إعلاناً مماثلاً منذ فترة طويلة". محبة العراق وكُره صدام حين يتحدث شينو عن العراق يُبدي حباً كبيراً لشعبه، بل وبعض التفهم لخاطفيه أيضاً. ويؤكد أنهم لم يسيئوا معاملته في معظم فترة الاحتجاز. ويوضح انه لم يفقد الأمل باستعادة حريته، خلال تلك الشهور... إلاّ قليلاً. وقد ساعده على ذلك اتقانه اللغة العربية وقدرته على محادثة الخاطفين."العراقيون رائعون"كان يردد خلال زيارة قام بها الأسبوع الماضي لبيروت ليوقع كتاباً وضعه مع مالبرونو عن فترة اختطافهما. ومعرفة شينو بالعراق ليست جديدة بل تعود إلى سنوات طويلة. إذ عمل منذ التسعينات من القرن الماضي مراسلاً ل"راديو فرانس انترناسيونال"في المنطقة. واستقر في عمان. وتنقل بين الاردنوالعراق وسورية ولبنان وفلسطين. عرف بغداد خلال الحصار المفروض عليها. ولم يبد يوماً تعاطفاً مع نظام الديكتاتور صدام حسين. وفي المقابل، نقل بدقة معاناة شعب العراق تحت الحصار، وقد أصدر كتاباً مع مالبرونو أيضاً عن ايام حكم صدام. يتمثل الأمر الأكثر خطورة بالنسبة إلى شينو في لجوء الاحتلال الأميركي إلى خبراء عسكريين اسرائيليين يأتي بهم إلى العراق ليستفيد من خبرتهم في مواجهة القنابل الاصطناعية المُفخخة، خصوصاً تلك التي يصنعها المتمردون هناك بوسائل غير متقدمة تقنياً. وقد كوّن هؤلاء الخبراء معرفتهم بهذا النوع من القنابل خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان، اضافة الى مواجهاتهم المديدة مع المقاومة الفلسطينية. ويضيف شينو، أن الجيش الأميركي يدرك أنه يواجه في العراق حرب عصابات واسعة المدى، أي حرباً تعتمد اساساً على قوات غير نظامية، لذا يسمح لنفسه باستخدام أسلحة غير مجربة."إنهم يجربون كل شيء في العراق... لا يفاجئني أي تصريح عن سلاح جديد". لا ينفي شينو غياب الدهشة والمرارة. ويبدي في أحاديثه إعجاباً كبيراً بالعراقيين وبحضارتهم وبإسهاماتهم الثقافية. ويعرف جيداً فنونهم وموسيقاهم وأن بلاد ما بين النهرين انجبت أبرز الشعراء العرب. وإذا كانت الديكتاتورية مرفوضة بالنسبة إليه فإنه يرفض أيضاً أن تستباح البلاد لتتحول إلى ميدان لتجربة الأسلحة الجديدة التي تفوق خطورتها التوقعات. ويبدي قلقاً متزايداً من احتمال ان تكون القوات الاميركية والبريطانية جربت اسلحة عدة ضد المدنيين العراقيين. ويتساءل:"كيف يمكن ألا تطالهم آثارها ما دامت تستخدم في أرضهم"؟