سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أعلن التمسك ب "خريطة الطريق" و "عدم القيام بعمليات فك ارتباط أخرى أحادية الجانب" . شارون يستقيل من "ليكود" ويشكل حزبه "مسؤولية قومية" بعد مطالبته كتساف بحل الكنيست لإجراء انتخابات مبكرة
على رغم ان الخطوة التي اقدم عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي زعيم حزب"ليكود"ارييل شارون بالانسلاخ عن الحزب وتشكيل حزب جديد أطلق عليه اسم"مسؤولية قومية"كانت خطوة متوقعة للغاية، إلا أنها أحدثت زلزالاً عنيفاً في الساحة السياسية الاسرائيلية وصدمة غير مسبوقة بحدتها على الساحة الحزبية التي بات أقطابها ينتظرون نتائج اول استطلاع للرأي قد تصدر اليوم غداة اعلان شارون. وكان شارون توجه أمس الى الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف بطلب حل البرلمان الكنيست الحالي والذهاب الى انتخابات عامة مبكرة بعدما لم يعد بمقدوره ادارة الحكومة الحالية في غياب غالبية برلمانية مؤيدة بعد انسحاب حزب"العمل. ولاحقاً اعلن شارون رسمياً تشكيله الحزب الجديد"مسؤولية قومية"بعد ان ابلغ رئيس مركز"ليكود"رسمياً انسحابه من الحزب ثم عقد جلسة لكتلته البرلمانية الجديدة التي ضمت 12 نائباً غادروا"ليكود"ليقول ان حزبه الجديد يتمسك بمبادئ واضحة تعتمد على"خريطة الطريق الدولية"و"عدم القيام بعمليات فك ارتباط أخرى أحادية الجانب"و"محاربة الارهاب بلا هوادة". واضاف ان حزبه الجديد سيعمل على تغيير طريقة الحكم في اسرائيل على نحو يضمن استقراراً سياسياً. وشكر المنضمين الى حزبه على جرأتهم وقال ان المعركة الانتخابية الجديدة لن تكون سهلة"لكنني متأكد من ان حزبنا سيفوز في الانتخابات". ويسعى شارون والقريبون منه الى حشد تأييد نائبين آخرين من"ليكود"ليضمن انتقال 14 نائباً من ليكود الى حزبه الجديد وهو العدد الادنى المطلوب قانوناً لتشكيل كتلة برلمانية جديدة تحظى بموازنة لتمويل المعركة الانتخابية المتوقع ان تكون الأسخن في تاريخ الدولة العبرية. وللمرة الأولى منذ نحو ثلاثين عاماً يجد الناخب الاسرائيلي نفسه أمام ثلاثة أحزاب كبرى تتنافس على الحكم ويتوقع ان تفوز معاً بثلثي المقاعد 80 من مجموع 120: اليمين المتمثل ب"ليكود"بزعامة بنيامين نتانياهو، كما يبدو مدعوماً من اليمين المتشدد والأحزاب الدينية، و"يسار اليمين"، أو الوسط وفقاً للقاموس الاسرائيلي بزعامة شارون و"يسار الوسط"الذي يطلق عليه أحياناً"اليسار"متمثلاً بحزب"العمل"بزعامة عمير بيرتس. وفي حين ان الأول ما زال يحلم ب"ارض اسرائيل الكاملة"ويرفض التخلي عن أي من المناطق المحتلة عام 1967، يتشابه الثاني والثالث في برنامجهما السياسي الذي يقوم على"التنازل الاقليمي"على ان تبقى القدس"موحدة"والكتل الاستيطانية الكبرى تحت الاحتلال الاسرائيلي فضلاً عن رفض عودة أي لاجئ فلسطيني الى دياره. وقد يختلف الحزبان في القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وفي كل الأحوال، فإن حزب شارون الجديد، الذي رشحته الاستطلاعات الأخيرة الأقوى بعد الانتخابات المقبلة، سواء فاز أو جاء ثانياً أو ثالثاً، خريطة حزبية جديدة في اسرائيل، لن تسهل عملية تشكيل ائتلاف حكومي جديد لكنها تأتي بفرز سياسي أوضح في الشارع الاسرائيلي. والآن، بعد أن أصبح تشكيل حزب جديد حقيقة واقعة، فإن ثمة عراقيل تنتظره أبرزها غياب جهاز تنظيمي يضاهي بقوته جهازي الحزبين المخضرمين،"ليكود"و"العمل"ثم تردد شخصيات كبيرة، مثل وزير الدفاع شاؤول موفاز في الانضمام الى حزب جديد قد يختفي بعد اعتزال شارون الحياة السياسية ثم القضية المالية وحاجة الحزب الى أموال كبيرة لادارة معركة انتخابية ناجحة. وعلى رغم ان استطلاعات الرأي تتنبأ بنصر مدو لحزب شارون الجديد الا ان اوساطاً قريبة من رئيس الحكومة تأخذ في حساباتها حقيقة ان الاستطلاعات توقعت ايضاً فوزاً سهلاً لشمعون بيريز على منافسه على زعامة"العمل"عمير بيرتس لكن جاءت النتائج في صناديق الاقتراع مغايرة. ويستذكر الاسرائيليون ما حصل لرئيس الوزراء الأول ديفيد بن غوريون عام 1965 عندما انسلخ عن حزبه"مباي"ولم تحصل قائمته على أكثر من ثلاثة مقاعد برلمانية. ويستذكرون ايضاً ان حزبا مثل تيار الوسط عام 1977 حقق نصراً لامعاً في الانتخابات لكنه اختفى عن الساحة بعد سنوات قليلة، ثم"القائمة"التي تشكلت عام 1999 من أبرز جنرالات الجيش السابقين وتوقع المراقبون فوزها في الانتخابات فلم تحصل على اكثر من ستة مقاعد وسرعان ما اندثرت. ومع هذا، يقول القريبون من شارون ان بقاءه في"ليكود"كان"الخيار الأسوأ"حتى بات غير معقول حيال تمرد عدد كبير من النواب على سياسته. خلاصة القول، ان العد التنازلي للانتخابات البرلمانية الوشيكة ولعهد جديد في السياسة الاسرائيلية بدأ أمس. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجح شارون في إبقاء الزخم الحاصل في التأييد الشعبي له على حاله حتى آذار مارس المقبل، أم ينجح نتانياهو الديماغوجي في"لملمة"شظايا"ليكود"أو يشكل زعيم"العمل"عمير بيرتس بديلاً حقيقياً يقبل به الاسرائيليون؟