اهتزت أركان الحلبة السياسية في اسرائيل مجددا أمس عندما اعلن المتنافس على زعامة"ليكود"، وزير الدفاع شاؤول موفاز انشقاقه عن"ليكود"والتحاقه بحزب"كديما"الذي شكله رئيس الحكومة ارييل شارون، في مقابل وعد من الأخير بإبقائه في منصبه في حال شكّل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة أواخر آذار مارس المقبل. من جهته، قال زعيم حزب"العمل"عمير بيرتس إن البرنامج السياسي الذي سيعرضه قريبا على الناخب الاسرائيلي يقوم على القفز عن مراحل"خريطة الطريق"الدولية والشروع في مفاوضات الحل النهائي وإنهائها في غضون عام، على أن يتم تطبيق الحل خلال ثلاث سنوات، موضحا أن هناك خطين أحمرين: لا لتقسيم القدس ولا لحق العودة. سدد رئيس الحكومة الاسرائيلية، زعيم حزب"كديما"آرييل شارون أمس ضربة موجعة أخرى قد تكون القاصمة لحزب"ليكود"المتفتت، وذلك عندما اعلن رسميا ضم وزير الدفاع شاؤول موفاز الذي كان احد المتنافسين على زعامة"ليكود"، الى حزبه الجديد واعداً اياه بالبقاء في منصبه في الحكومة الجديدة التي يتوقع أن يشكلها بعد الانتخابات المقبلة. واكتسب خبر انضمام لاعب التعزيز الجديد لفريق شارون، اهمية خاصة فاقت بكثير تلك التي واكبت انضمام نجوم آخرين مثل زعيم"العمل"السابق شمعون بيريز ورئيس لجنة"ليكود"المركزية تساحي هنغبي وغيرهما بسبب الشعبية التي يحظى بها عادة من يشغل منصب وزير الدفاع بغض النظر عن شخصه. وربما لأجل ذلك وتقديرا منه على قرار موفاز حرص شارون على أن يصدر بيانا خاصا حمل توقيعه وأعلن فيه التحاق وزير الدفاع بحزبه الجديد، وهو ما لم يفعله مع أي من المنضمين الآخرين وإن كان"كرّم"بيريز بعقد مؤتمر صحافي مشترك بعد أربعة أيام من إعلان الأخير دعمه شارون وحزبه. ووصف أحد المعلقين موفاز بالورقة الرابحة"الآس"التي حظي بها شارون في معركته من أجل الفوز في الانتخابات المقبلة. وعقد موفاز مؤتمرا صحافيا سوّغ فيه خطوته المفاجئة بعد أن كرر في الأيام الأخيرة انتقاداته لشارون على مغادرته"ليكود"، مدعيا أنه"باق في البيت". وقال إن ما دفعه الى اتخاذ القرار هو تسلط اليمين المتطرف على"ليكود":"أمام ناظري رأيت انحراف ليكود الى اليمين المتطرف وابتعاده عني وعن طريقي. أنا لم أتغير. ليكود هو من تغير ... ووجدت أنني لن أكون قادرا في حزب كهذا على التأثير على مستقبل دولة اسرائيل. حتى لو وقفت على رأس الحزب لن أكون قادرا على قيادته الى الطريق الي تحتاجها اسرائيل. ضميريا لا يمكنني القبول بالواقع الجديد في ليكود ... أردت التأثير على الأجندة القومية في الدولة وأيقنت أنني قادر على ذلك ضمن حزب كديما". وأضاف أن"اسرائيل بحاجة الى قيادة يمكن الاعتماد عليها، تدمج بين الرويّة والعقلانية والخبرة. والمزج بيني وبين رئيس الحكومة الذي أثبت نفسه في السنوات الأخيرة هو المزج الصحيح الذي يناسب اسرائيل في مواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظرها في السنوات المقبلة. رأيت أني وشارون نمثّل مثل هذه القيادة". ولاقت خطوة موفاز ردود فعل غاضبة من الأحزاب المختلفة باسثناء"كديما"، وانتقادات واسعة من كبار الاعلاميين صبت كلها في اتجاه اتهام موفاز ب"الانتهازية والوصولية التي تثير التقزز من السياسيين"، وعزت قراره الى الاستطلاعات الأخيرة التي أفادت أنه لا يشكل منافسا جديا لبنيامين نتانياهو على زعامة"ليكود". وهاجم زعيم"العمل"عمير بيرتس حزب"كديما"، وقال إن شارون"يحقّر الحياة الحزبية في اسرائيل بضمه كل سياسي معروض للبيع يصادفه. ليست لديه ايديولوجيا. إن ثلة الانتهازيين الذين انضموا الى شارون لن تكون قادرة على طرح حلول مبلورة لمشاكل اجتماعية أو في المسائل السياسية". وقال النائب من"شينوي"ابراهام بوراز إنه من المجازفة بمكان تسليم حقيبة الدفاع الى"شخص من دون عمود فقري سياسي وأخلاقي، باهت وسخيف تمس خطوته البهلوانية بصدقية السياسيين في نظر الاسرائيليين. إنها جريمة يشارك فيها شارون". واعتبر النائب اليساري المعتزل الحياة السياسية يوسي سريد أن"مصير أبنائنا رهن بيد انتهازي يبحث عن مصلحته الشخصية". ووصف النائب اليميني المتطرف ايفي ايتام موفاز ب"الفزاعة السياسية"في يد شارون. من جهته، أقر الوزير داني نافيه بأن الأوضاع في حزبه"ليكود"ليست سهلة، داعيا أقطاب الحزب الى العمل من أجل أن يظهر الحزب ممثلا لتيار وسط اليمين. خطة بيرتس السياسية الى ذلك، أعلن زعيم حزب"العمل"عمير بيرتس أنه في حال انتخابه رئيسا للحكومة فإنه يعتزم التوصل الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين حتى موعد أقصاه نهاية ولاية الحكومة الممتدة على أربع سنوات. وقال لصحيفة"يديعوت أحرونوت"أمس أنه يريد انجاز تسوية دائمة خلال عام من المفاوضات، على أن يتم التطبيق في السنوات الثلاث التي تلي التوقيع، موضحا أن الحل الذي ينشده يقوم على اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل"لكنني سأصر على أن تشمل التسوية السياسية مبدأين أساسيين: لا لتقسيم القدس ولا لحق العودة". وأضاف أن"خريطة الطريق"ليست قدس الأقداس، كما انها ليست شرطا للتفاوض على التسوية الدائمة ويمكن القفز عنها". وتابع أنه يعارض الغاء قبول اسرائيل الخريطة الدولية، لكنه يرى أن المشكلة الأساسية في"الخريطة"أنها قابلة لتفسيرات متباينة ويمكن أن تكون مقبولة على اليمين الاسرائيلي وعلى اليسار في آن، كما أنها تتحدث عن امكان قيام دولة فلسطينية وفي الوقت ذاته تنذر بجمود سياسي عميق. وزاد أن الخريطة تتطرق الى دولة فلسطينية موقتة"ستبقى معادية لاسرائيل، بينما يمكن أن تكون دولة فلسطينية ذات طابع ودي لاسرائيل ويُتفق حولها في اطار الحل الدائم، ما يستوجب تسريع التسوية الدائمة بدلا من خريطة الطريق". وختم أنه لا يقبل المقاربة بعدم وجود شريك فلسطيني"لأن مثل هذه المقاربة تديم الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين". وأفادت الصحيفة أن بيرتس أبلغ برنامجه السياسي هذا لسفراء دول الاتحاد الاوروبي ال 25 في تل أبيب الذين التقاهم مساء الخميس الماضي. وقال لهم إن"خريطة الطريق وصفة للجمود السياسي التام الذي يمكن أن يستمر عشرات السنين. خسارة على اضاعة وقتنا".