سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"جلسات القاهرة" استعرضت الخلافات المعلنة وكادت تنتهي بانسحاب الشيعة والأكراد . طالباني يعرض دور الوسيط ... والضاري يصف كلمة الجعفري ب "القنبلة الموقوتة"
لم يغب التوتر عن وقائع الجلسة الأولى لمؤتمر الوفاق العراقي المنعقد في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة كامتداد لتوتر موصول، عبر مواقف وخلافات معلنة بين الأطراف العراقية الرئيسية ترجم بشكل كلمات متباينة في اتجاهاتها، وفيما ارتجل رئيس الوزراء العراقي كلمته التي اعتبرها الامين العام لهيئة علماء المسلمين"قنبلة موقوتة"أراد الرئيس العراقي جلال طالباني تكريس دور الوسيط بين الفرقاء بكلمة هادئة" في وقت أكدت مصادر ل"الحياة"أن تحضيرات للقاء يجمع بين طالباني وعدد من ممثلي المجاميع المسلحة العراقية من الذين وصلوا إلى القاهرة بصفة غير رسمية تجري في هذه الأثناء. وعندما رفعت الجلسة العلنية الأولى غادر عدد من المسؤولين العراقيين قاعة المؤتمر للاجتماع مع الرئيس حسني مبارك وعقدوا مشاورات وصفها ناطق باسم الرئاسة المصرية ب"الودية"، تفجرت الخلافات بين الوفود المشاركة في الجلسة السرية الثانية مساء أمس بانسحاب ممثلين من الشيعة والأكراد من قاعة المؤتمر. وقال مصدر مطلع ل"الحياة"إن جدلاً نشب بين الحاضرين منذ بداية الجلسة المسائية ركز على مطالب بعض القوى"التفريق بين المقاومة والإرهاب"وتوجيه اتهامات متبادلة بين الوفود، لكن الخلاف تفجر خلال كلمة ألقاها زعيم الحزب المسيحي الديموقراطي ميناس اليوسفي اتهم فيها القوى التي جاءت مع الاحتلال الاميركي للعراق ب"العمالة للمحتل"مطالباً بتمثيل شرعي للمقاومة العراقية، ومشيراً إلى أن 80 في المئة من نصوص الدستور قامت الخارجية الاميركية بصوغها ما دفع أعضاء وفود سنية وكردية إلى مغادرة القاعة. وأكدت المصادر أن أعضاء وفود الائتلاف الشيعي وممثل التيار الصدري وممثلي التحالف الكردستاني انسحبوا من قاعة الاجتماع وجرت حتى ساعة متأخرة أمس محاولات لترضية الأطراف المنسحبة. ونجحت جهود وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والعراقي هوشيار زيباري والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في إعادة وفد الائتلاف العراقي الموحد برئاسة الدكتور همام باقي عبدالمجيد حمودي، الذي يضم 24 شخصية عراقية، من الانسحاب من مناقشات الجلسة المسائية للاجتماعات التحضيرية لمؤتمر الوفاق العراقي المنعقد حالياً في مقر الأمانة العامة وذلك احتجاجاً على كلمة ميناس. وقال حمودي في تصريحات للصحافيين إن سبب الاعتراض وقرار الانسحاب"يعود إلى أن الأمين العام للجامعة لم يرد على هذه الاتهامات والأباطيل"على حد قوله. وأضاف أن"الدستور العراقي عبّر عن رغبة الشعب في التغيير وصولاً إلى عراق ديموقراطي جديد، وأن الدستور كتبناه بدمائنا"ووصف أحد المشاركين في الوفد بأن هناك مدسوسين من حزب البعث العراقي في هذا التجمع ولا يجوز أبداً السكوت على مثل هذه الأباطيل. ولم يتوصل المؤتمرون مع نهاية الجلسة إلى جدول لجلسات اليومين المقبلين كما كان مقرراً. وجاءت كلمة الرئيس العراقي جلال طالباني، في الاجتماع منسجمة مع ما تسرب من أنباء عن دور وساطة يقودها لتقريب وجهات النظر، وقال طالباني في كلمته"إننا نلتقي تحت مظلة الجامعة العربية ليس لنتحاور بل لنؤسس قاعدة للحوار"، مشيراً إلى ضرورة"رفض اللجوء إلى لغة السلاح"، ومبرراً خيار دعم القوى السياسية العراقية المعارضة لنظام حكم الرئيس العراقي السابق للغزو الأميركي للعراق بأن"خيار الحرب كان الخيار الوحيد المطروح لتلك الدكتاتورية". ولم يغفل الرئيس العراقي الإشارة الضمنية إلى تزامن انعقاد المؤتمر مع تفجر قضية تعذيب المعتقلين السنة على يد رجال الشرطة، مؤكداً أن"من يكتشف ارتكابه جرائم تعذيب يجب أن يكون مكانه في السجون وليس بيننا". وانتبه الحاضرون إلى تضمين طالباني إشارة إلى"المقاومة الوطنية المشروعة"مؤكداً أن تلك المقاومة تتحقق أيضاً بالوسائل السلمية. وكانت مصادر كشفت ل"الحياة"أمس عن تحضيرات للقاء يجمع بين الرئيس العراقي وعدد من ممثلي الفصائل المسلحة العراقية، كانوا وصلوا إلى القاهرة بصفة غير رسمية، وأشارت الى أن طالباني"عرض دور الوساطة لوقف العنف وتدارس الشروط التي طرحتها المجاميع المسلحة في سياق المؤتمر وخلال الاجتماعات الجانبية التي يرجح أن تضم مسؤولين في الخارجية الاميركية وممثل عن وزارة الدفاع الاميركية"البنتاغون. ولم يؤكد ناطق رسمي باسم رئيس الجمهورية العراقيالخبر، لكنه نقل عن طالباني قوله ل"الحياة"إنه مستعد للقاء الجميع وأنه حريص على أن"يلعب دور الراعي والقاسم المشترك بين الأطراف وأن جهوداً سيبذلها خلال المؤتمر لتقريب وجهات النظر والوصول إلى حلول". وفجّرت كلمة رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري التي ارتجلها في المؤتمر زوبعة من ردود الفعل الرافضة لمضامينها، ووصف الامين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري الكلمة في تصريح ل"الحياة"ب"القنبلة الموقوتة". واعتبر الجعفري أن الوحدة بين العراقيين"مصدرها القلب وليس العقل"، وأكد أن"بعض المتدينين رجال دين ممن يؤكدون حرصهم على الوحدة ينطلقون بطريقة تقدير تفتقر إلى المرتكز الفكري". وشدد على اننا"لا نحتاج أن يذكرنا أحد بالأخوة بين السنة والشيعة لذلك هناك انفصال". وأعتبر الضاري"أن نجاح أي مشروع للحوار في العراق يجب أن يرتبط بمراعاة ستة أسس هي جدولة الانسحاب الأجنبي من العراق وإعادة الجيش العراقي وإطلاق سراح المعتقلين وتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الاحتلال والأجهزة الأمنية وتعويض المتضررين منه وحل الميليشيات". وقال الضاري:"الاعتقاد بأن العملية السياسية المقبلة يمكن أن تفضي إلى نتيجة خاطئة"وقال:"لا نتوقع أن نجد حلاً للأزمة في العراق من دون الانتباه إلى الأسس التي ذكرناها". وندد الضاري بالاستفتاء على الدستور العراقي، مؤكداً أنه صادر إرادة الشعب ودعا الشعب الاميركي ب"الضغط على قواته للخروج من العراق لأنها تخوض حرباً خاسرة". وأعرب في ختام كلمته عن أسفه لما جاء في خطاب رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري ووصفه ب"المخيب للآمال"لأن"روح الإقصاء فيه واضحة مثلما كان واضحاً عدم الاعتراف بالواقع"، مشيراً إلى أن"الجعفري عرض الوضع في العراق بصورة وردية والحال ليست كذلك". وكان الضاري اعتبر ل"الحياة"كلمة الجعفري بأنها"قنبلة موقوتة"أريد بها تفجير المؤتمر قبل ولادته، وقال"كانت كلمة متشنجة لا تعبر عن نية للحوار وكأنه يقول للجامعة العربية لماذا أقمتم المؤتمر وهذا تدخل في الشؤون الداخلية للعراق". مضيفاً أن"كلام رئيس الوزراء العراقي لم يرض الجميع وهو غير مناسب ولا يدعو إلى التفاؤل في شأن النتائج التي يمكن أن يتمخض عنها المؤتمر". لكن القيادي في الائتلاف الشيعي ورئيس لجنة كتابة الدستور همام حمودي كان قد دافع في كلمته عن المنطلقات التي جاءت في كلمة الجعفري، وقال إن"نبذ الإرهاب وإبعاد أزلام النظام السابق هما شرطان لا يجب التنازل عنهما في أي حوار"مشيراً إلى أن الشعب العراقي يحمل قيم التسامح والمحبة وأن الهجمة الطائفية التي توجه ضد الشيعة تقودها أطراف ظلامية يجب أن تجرم وتحاسب وتجتث في الواقع العراقي. من جهته أشار ممثل الائتلاف العراقي الشيعي الدكتور حيدر عباس إلى أن العراق اليوم حصل على السيادة بناء على قرارات مجلس الأمن وأن هناك سلطة عراقية تمارس السيادة ولا يمكن الطلب من القوات الأجنبية الخروج من دون اكتمال نصاب القوى الأمنية. وأشار المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية ليث كبة في تصريحات أعقبت المؤتمر الى أن محادثات القاهرة ليست"خريطة طريق"لانسحاب اميركي من العراق بل هي"تأسيس لحوار وطني مباشر". وقال مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي إننا ننتظر من المبادرة العربية أن تتبع بخطوة أخرى تتعلق بإرسال بعثات ديبلوماسية عربية إلى العراق، مؤكداً أن الحكومة العراقية مستعدة لتوفير الأمن لتلك البعثات. لكن ممثلين عن التيارات المناهضة لحكومة الجعفري شنت بعد رفع الجلسة الأولى هجوماً عنيفاً على الوجود الاميركي في العراق ودانت كلمات المسؤولين العراقيين التي لم تشر إلى المقاومة العراقية وتفرقها عن الإرهاب، مركزة على المضامين التي جاءت في خطاب رئيس الحكومة إبراهيم الجعفري. وقال الامين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي الشيخ حوار الخالصي إن"الذين يصرون على وجود قوات الاحتلال لحفظ الأمن هم الذين يسببون أزمة الأمن وأنتم تسمعون بالمجازر في العراق في كل لحظة"، داعياً الى ضرورة عودة الأمن للعراق. وأكد أن الولاياتالمتحدة في مأزق. وقال إن هناك إجماعاً عالمياً على أن الصراع لا يمكن أن ينتهي مع استمرار الاحتلال ونحن مع هذا الرأي. وأعرب الامين العام لأهل العراق عدنان الدليمي عن أمله بأن تتضافر الجهود لإنجاح المبادرة العربية، وقال:"إننا نريد من خلال هذا المؤتمر الخروج بإجماع على الوفاق لحل كل المشاكل العالقة ووقف سيل الدماء والقتل والاعتقال والتعذيب وحرب المدن". وأشار رئيس ديوان الوقف السني في العراق أحمد عبدالغفور السامرائي الى أن مطالبهم تركز على وقف النزيف الذي يجري على أرض العراق وقطع الطريق أمام مثيري الفتنة الطائفية واستغلال اجهزة الدولة لقتل العراقيين. وأعرب عن أسفه لما تقوم به أجهزة الداخلية من قتل واعتقال للعراقيين حيث أصبحت البيوت العراقية الآن خائفة وتنام وتستيقظ على هلع وخوف.