يدخل الاخوة الى مطعم هامبرغر في القاهرة. يريد الاكبر الشرب من كوب ماء موجود الى جواره. يصفع ذراع الاخ الاصغر، ليأمره بإحضار الكوب اليه! تسلط وتنمر واضحان، يضاف اليهما العنف الجسدي ضد الطفولة. يأتي الهامبرغر العملاق. يأكله الاصغر فيصبح أكبر. يصفع اخاه ويكرر لمصلحته هذه المرة ما كان الآخر يُمارسه عليه من تنمر وأذى جسدي. يصعب عدم القول إن الاعلان، الذي يتكرر على فضائيات رياضية عربية، لا يهين الطفولة بقوة، ويكرس العنف في العلاقات الآسرية. ثمة اعلان آخر! يحتاج الاخ الاكبر الى النوع الذي يحبه من الجبنة. يصرخ باسم اخته الصغرى. تهرع لتلبية الامر. تركض الى خارج البيت، لتحضر الجبنة المُفضلة الى الاخ الاكبر. تحتاج الاخت الكبرى الى نوع الجبنة الذي يناسب ريجيم رشاقتها. تصرخ آمرة الاخت الصغرى عينها. تصدع الصغرى بالامر. ولا يحتاج الاب لاكثر من لفظ الاسم لتأتيه البنت الصغرى بما يريده من الجبنة نفسها. انها صورة قاسية عن الطفولة العربية راهناً، حيث الطفلة تكاد تشبه عفريت القمقم الذي لا مهمة له سوى تلبية رغبات الاكبر سناً. هل تلائم هذه الصور التلفزيونية واقع الطفولة عربياً ودولياً؟ الحال ان المجتمع المعاصر يكاد يُجمع على ظاهرة صعود قوة الطفولة عالمياً. يتحدث علماء الاجتماع في فرنسا عن الطفل الامبراطور الذي زاده العصر الالكتروني قوة. وتبذل شركات الانترنت، اضافة الى شركات الخلوي، قصارى جهدها لجذب الاطفال الى ما تنتجه، لأن الاحصاءات تثبت ان طفل العصر الالكتروني يمثل قوة اقتصادية كبرى. وتشير الاحصاءات الى قدرة الاطفال المتصاعدة، على دفع اهلهم الى شراء منتجات كثيرة. وبالطبع، فإن رفض الاذى الجسدي والنفسي، يعتبر من المسلمات في تلك المجتمعات. وقبل سنتين، سجلت الطفولة العربية نقطة قوية عبر اغنية"بابا فين"، التي أظهرت الطفل قادراً على الوقوف نداً واكثر في وجه الكبار. . واستطراداً، اننا نعيش مع اول جيل مراهق نما مُعتبراً الكومبيوتر شيئاً مسلماً به، تماماً كما كبر جيل ابائه مُعتبراً ان التلفزيون هو من المسلمات في المنزل. وكذلك فان جيل الاطفال هو اول جيل يكبر معتبراً الانترنت والخلوي من المسلمات. لكنّ الاعلان التلفزيوني العربي لا يفكر في هذه الامور...ليس دائماً. انه هدر اعلاني لاول جيل الكتروني عربياً.