استضافت اسطنبول أول لقاء علني بين وزيري الخارجية الباكستاني خورشيد قاصوري والاسرائيلي سلفان شالوم الذي أعلن عقب اللقاء ان الجانبين قررا ان تكون جميع لقاءاتهما اللاحقة علنية على طريق تطبيع العلاقات الثنائية، مؤكداً أهمية ذلك في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط، ومعتبراً هذه الخطوة أولى ثمار عملية"فك الارتباط"والانسحاب من غزة. من جانبه، أكد وزير الخارجية الباكستاني ان هذا اللقاء العلني لا يعني الاعتراف باسرائيل أو التطبيع معها وأن مسألة التطبيع ستكون مرهونة بحل القضية الفلسطينية واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، لكنه يأتي ليؤكد أهمية خطوة الجانب الاسرائيلي الانسحاب من غزة. واعتبر قاصوري ان تطوير العلاقات مع اسرائيل سيسمح لبلاده بأن تلعب دوراً أكبر في عملية السلام في الشرق الاوسط، مضيفاً ان الرئيس برويز مشرف أمر بارسال وفد باكستاني الى أراضي السلطة الفلسطينية للاطلاع على أحوال الفلسطينيين، وأنه بحث الأمر مع نظيره الاسرائيلي لتسهيل زيارة هذا الوفد قريباً. وكان الوفدان الباكستاني والاسرائيلي وصلا في سرية تامة الى مدينة اسطنبول مساء الاربعاء وبدآ محادثات ثنائية مباشرة في فندق ال"فورسيزون"حيث عقدا مؤتمراً صحافياً رعاه وزير الدولة التركي محمد ايضن الذي أعرب عن أمله في نجاح هذا الحوار الباكستاني - الاسرائيلي، مع التشديد على ان تركيا لم تشارك في أي مفاوضات جرت بين الطرفين، وأن استضافة هذا الاجتماع جاءت على خلفية طلب الرئيس الباكستاني من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ذلك. من جانبه، قال وزير الخارجية التركي عبدالله غل ان تركيا أدت الدور المطلوب منها بعد طلب الجانبين اللقاء في اسطنبول وان الدور التركي انحصر في التحضير لهذا اللقاء من دون التدخل في مجرياته، معتبراً ان المسألة تخص اسرائيل وباكستان فقط. من جانبه صرح مشرف أمس للصحافيين بأن باكستان أجرت قبل لقاء اسطنبول اتصالات مع السلطة الفلسطينية والسعودية. وكانت اسرائيل اعلنت ان لقاءات سرية تتم بينها وبين عدد من البلدان العربية والاسلامية تمهيداً للتطبيع معها، وهو ما أشار اليه شالوم في اسطنبول حين عبر عن أمله في ان تتبع العديد من الدول العربية والاسلامية باكستان في الكشف عن علاقاتها السرية معها والسير نحو التطبيع من أجل دعم عملية السلام في الشرق الاوسط. "خبر مجلجل"في اسرائيل وتصدر خبر اللقاء النشرات الاخبارية في الاذاعة الاسرائيلية الرسمية التي أشارت بنبرة احتفالية الى ان"دولة إسلامية عديد سكانها 160 مليون نسمة، الدولة الاسلامية النووية الوحيدة في العالم قررت اليوم اقامة علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل رداً على الانسحاب من غزة. إنه خبر مجلجل". وقالت الاذاعة إن اللقاء تم بمبادرة مشرف الذي اتصل بأردوغان وطلب منه ترتيب الاجتماع، مضيفة أن اردوغان هاتف رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وأطلعه على الطلب الباكستاني، فبعث هذا بشالوم الى اسطنبول يرافقه كبار موظفي وزارته. وقال شالوم في حديث للاذاعة فور انتهاء اللقاء إن"اختراقاً حقيقياً حصل اليوم بيننا وبين باكستان تمثل باللقاء غير المسبوق". وأضاف أنه"تقرر أن تؤول الاتصالات التي بدأت بين الجانبين الى علاقات ديبلوماسية"، كما تقرر أنه"من الآن وصاعداً ستكون الاتصالات علنية ومفتوحة وجيدة". وزاد أن هناك أموراً"سنعمل على بلورتها خلال الأسبوعين المقبلين لنتمكن من الالتقاء مرة ثانية في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة من أجل اخراج ما نخطط له الى حيز التنفيذ". وتابع شالوم أن قرار الرئيس الباكستاني عقد اللقاء في اسطنبول يستحق من اسرائيل الاحترام والتقدير، مؤكداً التفاصيل التي أوردتها الاذاعة عن التمهيد للقاء، وقال إن رئيس شارون"بارك الاقتراح". وكشف لقاء آخر جمعه مع نظيره الباكستاني مساء أول من أمس على مأدبة عشاء، وأن أجواء ودية وحميمية سادت الاجتماع، وقال:"أرجو أن يكون اللقاء جزءاً من الثمار التي طالما تحدثنا عنها للخطوات التي نقوم بها في اتجاه السلام". وأشاد شالوم ب"الخطوة الجريئة جداً"التي أقدمت عليها باكستان على رغم ادراكها"للهجوم الذي سيشنه رجال دين وآخرون". وقال إن لباكستان"وزناً كبيراً"بصفتها ثاني أكبر دولة إسلامية، مضيفاً أنه أوضح لنظيره أن العلاقات الاسرائيلية"الممتازة"مع الهند لن تكون على حساب العلاقات بين اسرائيل وباكستان والعكس أيضاً صحيح. ورداً على سؤال عما يقال من أن باكستان تريد من تحسين العلاقات مع اسرائيل تحقيق مصالحها وتحديداً التقرب الى واشنطن عن طريق اللوبي اليهودي، قال شالوم إن لكل دولة حساباتها وباكستان انتظرت"التوقيت المناسب"والأجواء الايجابية في الشرق الأوسط. وأبدى تفاؤلاً حيال أن تحذو دول افريقية واسلامية قريباً حذو باكستان:"إنها ليست المحطة الأخيرة... نجري اتصالات مع معظم الدول. لا أرى أي سبب أن لا تقوم دول مثل تونس والمغرب وقطر وعمان وغيرها بخطوة ايجابية". وختم انه لا يعتزم زيارة اسلام أباد قريباً"لكن وفوداً ديبلوماسية ستقوم بزيارات للتمهيد لتطبيع كامل للعلاقات بيننا... هذا هو هدفنا وهدفهم. واليوم خطونا خطوة مهمة الى أمام... ربما لا يستوعبها البعض بعد، لكنها ذات أبعاد ليست على مستوى علاقاتنا مع باكستان فقط، إنما على مستوى العالم الاسلامي". واستنكر الحزب الاسلامي الرئيسي المعارض في باكستان قرار الحكومة الحكومة ببدء علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل، وقال انه سيرفع أعلاماً سود في يوم احتجاج ضد القرار. ووصف الامين العام للجماعة الاسلامية الانسحاب من غزة بأنه"مسرحية هزلية"، وقال ان موقف باكستان الرافض للاعتراف باسرائيل يجب ان يستمر حتى يستكمل الانسحاب من الاراضي الفلسطينية.