أكدت معطيات مثيرة حصلت عليها "الحياة" أن عام 2004 الذي شهد تفجر فضيحتي سجني أبو غريب في العراق وغوانتانامو في القاعدة العسكرية الأميركية في كوبا ورصدت فيه مؤسسة أبحاث أميركية مرموقة تصاعد حدة العداء الشعبي العربي والعالمي ازاء أميركا وحتى شركاتها ومنتجاتها كرد فعل على سياسات البيت الأبيض، كانت في الحقيقة سنة ذهبية للتبادل التجاري بين الدول العربية والولاياتالمتحدة وأظهرت تحديداً مدى تعاظم أهمية السوق الأميركية للصادرات العربية النفطية وغير النفطية. وكشفت هذه المعطيات التي ستصدرها وزارة التجارة الأميركية في وقت لاحق من الشهر الجاري أحد أهم الدوافع وراء حماسة إدارة الرئيس جورج بوش وفي شكل خاص الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت زوليك لفتح الأسواق العربية أمام المنتجات والخدمات الأميركية عبر اتفاقات التبادل الحر. وطبقاً لحصيلة نهائية تغطي الشهور ال12 من سنة 2004 ارتفعت القيمة الإجمالية للسلع والبضائع المتبادلة بين الغالبية العظمى من الدول العربية 16 بلداً والولاياتالمتحدة إلى نحو 60 بليون دولار مسجلة زيادة قوية بلغ مقدارها نحو 31 في المئة مقارنة بسنة 2003. وساهمت الزيادة في ارتفاع حجم الفائض التجاري المحقق لتسع من الدول العربية السعودية والعراق والجزائر والكويت والأردن وليبيا وعمان والبحرين وسوريا في تعاملاتها مع الولاياتالمتحدة إلى 34 بليون دولار من 23 بليون دولار سنة 2003. وفي النتيجة بلغ مقدار الزيادة في حجم فائض الدول العربية التسع 45 في المئة بين عامي 2004 و2003 إلا أن المقارنة بسنة 2002 ترفع هذه الزيادة إلى 135 في المئة وتؤكد مدى الأهمية التي أصبحت السوق الأميركية تمثلها للصادرات العربية. واختلف الأمر كلياً بالنسبة الى الولاياتالمتحدة إذ ان حجم الفائض التجاري الذي جنته من التبادل التجاري مع ست دول عربية الإمارات ومصر وقطر ولبنان واليمن وتونس ارتفع من 4.4 بليون دولار سنة 2003 إلى 5.3 بليون دولار السنة الماضية مسجلا زيادة بنسبة 20 في المئة وان كان يبدو أن هذه الزيادة، على تواضعها أمام نظيرتها في الفائض التجاري العربي 9 دول، قد لا تكون أكثر من موقتة من واقع أن المقارنة بسنة 2002 تخفضها فعليا إلى أقل من 7 في المئة. وبالتعامل مع الدول العربية كمجموعة تجارية يتلاشى الفائض التجاري الذي حققته الولاياتالمتحدة مع 6 دول عربية سنة 2004 متحولاً إلي عجز اجمالي مع المجموعة العربية بقيمة 28.6 بليون دولار، وعلى رغم أن هذا الرقم لا يساوي سوى 5 إلى 6 في المئة من العجز التجاري الأميركي المتوقع للسنة الماضية إلا أنه يفسر حماسة واشنطن لتحرير التجارة مع الدول العربية والتي أسفرت حتى الآن عن التوقيع على ثلاثة اتفاقات مع الأردن والمغرب والبحرين. وتتطلع واشنطن الى رفع حصيلة اتفاقات التبادل الحر مع الدول العربية إلى 5 اتفاقات باضافة اتفاقين مع الإمارات وعمان وان كانت آمالها اصطدمت مبكراً بعوائق قد تحول دون تحققها في وقت قريب مثل المعارضة الشديدة التي برزت ازاءها في مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً من السعودية أخيراً، واختيار زوليك نائباً لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، علاوة على اقتراب موعد انتهاء التفويض التجاري الذي حصل عليه الرئيس بوش من الكونغرس في بداية ولايته الأولى. وأظهر تطور العلاقات التجارية العربية - الأميركية ان اتفاقات التبادل الحر، مثل الاتفاق الاردني الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2001، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في حفز حركة التبادل التجاري بين الجانبين الا أن التطورات الدراماتيكية نجمت في شكل رئيس عن ارتفاع أسعار النفط وانتعاش الصادرات العراقية وانفراج العلاقات الليبية - الأميركية. وانفردت السعودية بزهاء 43 في المئة من إجمالي حجم المبادلات العربية - الأميركية وارتفعت قيمة صادراتها من 18 بليون دولار سنة 2003 إلى أكثر من 21 بليون دولار السنة الماضية مسجلة زيادة بنسبة 17 في المئة. وارتفعت كذلك قيمة واردات السعودية من الولاياتالمتحدة في فترة المقارنة من 4.6 بليون دولار إلى 5.1 بليون دولار ما ساهم في أن يقفز فائضها التجاري من 13.5 بليون دولار سنة 2003 إلى 16 بليون دولار سنة 2004. وجاء العراق في المرتبة الثانية بين كبار الشركاء التجاريين العرب لأميركا وبلغت قيمة صادراته سنة 2004 أكثر من 8.4 بليون دولار أي ضعف إيرادات سنة 2003. وحقق العراق مع أميركا في السنة الماضية فائضاً تجارياً بقيمة 7.6 بليون دولار نتيجة لارتفاع قيمة وارداته إلى 855 مليون دولار من 310 بلايين دولار سنة 2003. وساهمت أسعار الطاقة في ارتفاع إيرادات الصادرات الجزائرية من 4.7 بليون دولار سنة 2003 إلى 7.4 بليون دولار العام الماضي وكذلك قيمة الصادرات الكويتية في الفترة نفسها من 2.8 إلى 3.5 بليون دولار بينما لعب اتفاق التبادل الحر دوراً رئيساً في ارتفاع قيمة الصادرات الأردنية من 674 مليون دولار سنة 2003 إلي 1.113 بليون دولار سنة 2004. وكنتيجة لانفراج علاقاتها مع أميركا حققت ليبيا، اعتباراً من تموز يوليو الماضي، ايرادات بقيمة 374 مليون دولار.